مصير الشركات النفطية الروسية في العراق

د بلال الخليفة ||

ان الاقتصاد العالمي مترابط بعضه مع بعض وخصوصا قطاع الطاقة، فنلاحظ ان أي مشكلة تحدث لهذا القطاع في دولة معينة، ينعكس سلبا او إيجابا على اللسوق العالمي للنفط، وعلى سبيل المثال، في العام الماضي يوجد إعصار ضرب خليج المكسيك وبالتالي اثر على ارتفاع الأسعار لان الاعصار قلل من امدادات النفط.
1 – وهنا لنا الحق ان نتساءل، في حال شملت العقوبات الغربية على روسيا شركاتها النفطية العاملة في العراق، هل سيكون العراق مستفيدا ام متضررا من فرض العقوبات على الشركات النفطية الروسية؟
في البداية يجب ان نعلم هل توجد شركات روسية عاملة في العراق، نعم توجد شركات نفطية في العراق وان تلك الشركات الروسية النفطية التي تعمل بالعراق هي :
1 – كازبروم
وهي لديها مشاريع في إقليم كردستان وفي حقل بدرة في محافظة واسط، إن احتياطيات حقل بدرة تعادل 3 مليارات برميل من النفط، وتمتلك شركة كاز بروم حصة 40 % من حقل بدرة النفطي التي فازت به مع ثلاث شركات نفطية عالمية بتطوير الحقل ضمن جولة التراخيص الثانية، وعلى 30% نسبة شركة كو كاز الكورية، بلغت نسبة الشركة التركية “تي بي او” على 10%. ان العقوبات التي طالت شركة كازبروم هي مفروضة من زمن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لانها الراعي الرسمي لأنبوب الغاز (نورد ستريم 2) الذي توقف عن العمل بسبب العقوبات الامريكية ويبلغ طوله 1230 كم وهو بحري يمر ببحر البلطيق. ورغم ذلك فان الشركة ومنذ عام 2019 أي العام الذي فرضت فيه عقوبات على الشركة وهي عاملة في العراق وبدون عراقيل ولا مشاكل.
2 – لوك اويل
وهي المشغل الرئيسي لحقل غرب القرنة -2 وتمت الإحالة الى الشركة ضمن جولا التراخيص النفطية عام 2009، ويقع الحقل النفطي في محافظة البصرة، تقدر احتياطاته القابلة للاستخراج بـ 14 مليار برميل. وتصل فترة العقد الموقع في عام 2010، إلى 25 عاما. أن شركة “لوك أويل” الروسية تمتلك 75٪ في مشروع غرب القرنة 2 وشركة نفط الشمال العراقية المملوكة للدولة – 25٪. لا عقوبات على شركة لوك اويل.
3- روزنفت
هذه الشركة لديها عقود في شمال العراق (إقليم كردستان) ولا يوجد لديها عقود في بقية العراق، وهي أيضا من الشركات التي خضعت للعقوبات الامريكية في عام 2020 وليس الان، حيث إن العقوبات استهدفت رئيس مجلس إدارة الشركة ديديو كازيميرو، بتهمة ان الشركة ورئيسها يقومان بمساعدة ما وصفته الخزانة الامريكية بـ”النظام الفنزويلي غير الشرعي” ورئيسه نيكولاس مادورو عن طريق “التوسط في عملية بيع ونقل الخام الفنزويلي” والتعامل مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية PDVSA.
كما وضحنا انفا، ان العقوبات الامريكية نالت شركتين من ثلاث شركات تعمل بالعراق، لكن الموضوع لم يؤثر على العمل في العراق او القطاع النفطي العراق، وفي حال ان الشركات الروسية لا تستطيع اكمال العمل في العراق وهو امر مستبعد، وتنسحب، اعتقد ان الحكومة العراقية ستذهب باتجاهين، الأول هو إحلال الجهد الوطني بديل عن الشركة الروسية وكما حدث في حقل مجنون حينما انسحبت شركة شيل، والاتجاه الثاني وهو اقل احتمالية، استبدالها بشركة أخرى.
ان العراق سوف لنن يتضرر من فرض العقوبات الامريكية على الشركات الروسية، من ناحية العمل داخل العراق، لكن تلك العقوبات، ربما ستساهم في رفع سعر برميل النفط وبالتالي ان الحكومة ستستفيد من ذلك لان الإيرادات النفطية التي تشكل 90 % من الإيرادات العامة سترتفع.
2- وهل ممكن ان تزيد العقوبات على روسيا من انتاجية النفط العراقي اليومي لاسيما وان روسيا تصدر يوميا 7 ملايين برميل نفط، وما هو سعر البرميل المتوقع الوصول اليه في حال فرضت العقوبات؟
ان انسحاب الشركات العاملة في العراق قد يربك الوضع قليلا لكن الامر بصوره عامة سترفع من الإيرادات النفطية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية لبرميل النفط وشاهدنا ذلك جليا قبل شهر حينما كان سعر برميل النفط بحدود 80 دولار وارتفع بعد بداية الازمة الأوكرانية الى أكثر من 130 دولار لخام برنت.
ان الغرب يبحث عن بديل لكبح جماح الارتفاع الجنوني الذي يعانيه سوق النفط والمنتجات النفطية كالبنزين والديزل ومن تلك البدائل هو طلب أمريكا واوربا من منظمة أوبك، والعراق احده أعضاء المنظمة، بزيادة الإنتاج للمحافظة على معقولية أسعار النفط. والحل الاخر هو رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا، لان إيران ثالث دولة في احتياط النفط والثاني في احتياط الغاز واما فنزويلا فهي الأولى عالميا.
3- وهل يحق للدول الغربية فرض عقوبات مثلا على الشركات النفطية الروسية العاملة في العراق ام لا.
تكلمنا عن الامر سابقا، ولا اعتقد ان الدول الغربية ستتخذ مثل هذا القرار لأنها تدرك خطورة الامر وهذا واضح من تصريح بعض المسؤولين الأمان او غيرهم حينما أكدوا انهم لا يستطيعون الاستغناء الطاقة الروسية لأنها تزود اوربا بحدود 46 % من الطاقة.
ان روسيا هي المنتج الأكبر للغاز بالعالم وتغذي ثلث احتياجات أوربا من الغاز حيث ان الاحتياج الكلي لاوربا من الغاز هو 541 مليار متر مكعب سنويا، ويكون عن طريق الانابيب هو 211 ميار متر مكعب سنويا ومن روسيا فقط وعن طريق الانابيب هو 167.6 ميار متر مكعب سنويا اما مقدار ما تستورده أوربا من الغاز المسال (LNG) هو 114 مليار متر مكعب حجم الغاز المستورد من روسيا هو 106 مليار متر مكعب سنويا.
لذلك من غير الممكن الاستغناء عن الطاقة الروسي.
4 – الخلاصة
ان العقوبات الامريكية والاوربية والمتحالفين معهم على الشركات النفطية الروسية هي ليست بجديدة وأنها كانت منذ حكومة ترامب لكن الامر تغير الان بان دول أخرى فرضت عقوبات على روسيا أيضا، الى الان ان اوربا لا تستطيع ان تستغني عن النفط والغاز الروسي وخصوصا المانيا، وان العراق يمتلك تجربة أيضا مع إيران التي يستورد منها الغاز والكهرباء رغم العقوبات المفروضة عليها وله تجربة أخرى وهو وجود شركة غازبروم التي تعمل بالعراق رغم وجود عقوبات أمريكية عليها.
وبالتالي ان العقوبات لا تؤثر على عمل الشركات بصورة كبيرة وان العقوبات النفطية أفادت الحكومة العراقية لان النفط العالمي ارتفع سعرة وبالتالي ازداد الايراد النفطي والذي يمثل أكثر من 90 % من الإيرادات الكلية.
ـــــــــــ

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

شاهد أيضاً

حديث الإثنين.. سيظل العرب في غيهم يعمهون..!

احمد ناصر الشريف ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *