حسين الجنابي ||
عندما كنا نكتب عن ان العالم ذي القطب الواحد سيتحول الى متعدد الأقطاب عبر تغيرات كبيرة في موازين القوى للدول التي تتحكم بالاقتصاد والسياسة والامن التي نفذت حتى الى المجتمعات وسيطرة على الشعوب وحولتها الى أدوات تتحكم بها وتحركها متى ما تريد وبأي صوب تريد ، وكأنها جند من جنودها .
روسيا بدأت بالصعود عندما فككت المشكلة الشيشانية وأنهتها سنة 2009 التي اندلعت 1999 ومرت بمراحل وتصاعد متقطع ، أدركت روسيا انها ستبقى محاصرة من الداخل فيما لو أنشغلت في حل مشاكلها الداخلية من خلال أرضاء الغرب دون بناء عناصر المواجهة والتقدم باستراتيجية آلامن القومي لأستعادة حدود الاتحاد السوفيتي كي لا تتهاوى وتتأكل من الداخل بعد ان نفذ أليها الغرب واستطاع تحريك تظاهرات مطالبة بالحرية والديمقراطية التي لم نلمسها في سياسات الغرب وامريكا نهائيا بل لم تصدرا غير الفوضى والحرق والقتل، فأستطاع بوتين ومن خلال الفرصة التي منحتها أيران له في التدخل في سوريا سنة 2015 وأستطاعوا سوية خلق قواعد اشتباك جديدة ومناطق مواجهة بعيدة عن حدودهما الجغرافية ، فمثل لأيران بعدا أستراتيجيا ، وأما روسيا أعادت نشاطها التاريخي على الحدود الافتراضية للاتحاد السوفيتي الذي يعتبر سوريا جزءا من أمنه القومي .( لا اريد الاطالة في سرد ما سبق لكن احببت ان ابين بعض ملامحه) .
الحرب الاوكرانية بينت ضعف حلف الناتو وأمريكا وعجزهما عن أن يردا، فلا طريقة عندهم غير التصريحات الاعلامية والمؤتمرات والتنديد ، مما يعني ان روسيا اطلقت نيرانها عندما تأكدت أنهم عاجزين تماما وليس لديهم القدرة على الضغط على الزناد وان كانوا يمتلكون قدرات عسكرية كبيرة جدأ الا ان قدرات الدخول في نزاع كبير غير متوفرة وعاجزين عن خوض حرب خاسرة يدفعون فيها الكثير.
العالم جديد ستلتقي فيه مع روسيا كل الدول المناوئة لأمريكا والناتو ، والصين اول من سيقطف ثمار المواجهة ،وكذلك أيران التي ستجني ثمار هذا التغير في مفاوضات فينا ، إضافة الى الهند التي ستأخذ مجالا حيويا كبيرا على حساب باكستان التي ستنكفئ سياسيا للمحافظة على وزنها الاقتصادي، كي لا تدخل في صراع لا منتصر فيه وللحفاظ على تدفق الاستثمارات الصينية أليها المنبثقة من خلال طريق الحرير .
كذلك كوريا الشمالية ستحصل على دعم وقدرات اكبر وستتنمر على الجنوبية والولايات المتحدة.
اما ايران ستأخذ دورا أقليميا كبيرا بعد انحسار مديات التأثير الأمريكي عالميا وإقليميا وبالتالي الحكمة الإيرانية التي عهدناها ومهارتها في ادارة سياسة النفس الطويل ،ستقطف ثمار حان قطافها فأجنحتها البحرية ستتحرك نحو دول الخليج كقطر التي تبحث عن حليف اقليمي بعد بروز حالة من الجمود في علاقاتها مع تركيا التي فتحت باب التعاون مع الامارات ، لضمها في منظمة الدول المنتجة للغاز كأستحقاق روسي ايراني،على غرار منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم مصر اليونان والاردن واسرائيل وإيطاليا وفرنسا وقبرص .
أذن نحن امام بروز تكتلات عالمية مبنية على اساس ما تمتلكه كل دولة من ثروات طبيعية وكتل بشرية ومنافذ بحرية وممرات تجارية لتأخذ دور في ادارة العالم عبر المشاركة في البناء العالمي الجديد ، يتحدد حجم دورها واستحقاقاتها حسب حجم مواردها .
والقادم أكثر تعقيدا.
الازمة الاوكرانية بوابة الاحداث لنهوض العالم الجديد
والحمد لله رب العالمين
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني