د. عطور الموسوي ||
خيمت على النفوس غمامة كرب وحزن يوم أصرّ التحالف الثلاثي (غير المرح) على ترشيح المتجاهر بالفساد بأنواعه هوش يار زيباري الى منصب رئاسة جمهورية العراق ..
المدلل الذي دشن وزارة الخارجية في العراق الجديد وتشبث بها دون أن يتعالى أي صوت ضده بانه متشبث بالكرسي أو أن المجرب لا يجرب !..
مثّل العراق بعين عوراء لم تعطِ الا لمكونه النصيب الأوفر في مناصب الخارجية ومرتباتها الشهرية ذات العملة الصعبة .
نعم عرفنا العالم بسببه بأننا دولة في داخلها دولة وجعل العراق كائناً مشوهاً في أعين القاصي والداني لا يشبه الدول الفدرالية ولا الكونفدرالية .
بعد أن استوفى كل ما في وزارة الخارجية وكما يقولون (قفلها قفل) على قوميته لم يَطقْ أن يبقَ خارج الوزارات والاستئزار ففرضه المؤتلفون في حكومات تعددت مسمياتها لحقن دماء العراقيين من القتل والتفجير : حكومة توافق ، حكومة شراكة ، حكومة ائتلافية ، وهكذا رقص ممثلوا الأخوة الكرد على حبل التوازن وجعلوا أنفسهم بيضة القبان!
واستغلو هذا العنوان اسوأ استغلال ليرشحوه وزيرا للمالية وبذلك صار متاحاً له التصرف بكل مقدرات الدولة العراقية ميزانية ورصيد البنك المركزي من العملة الصعبة والتحويلات النقدية للاقليم فاقت حصته من الموازنة بأضعاف مضاعفة، وغير ذلك مما يعرفه المختصون بالشؤون المالية.
في هذه الوزراة أصبح زيباري سلطاناً من سلاطين الف ليلة وليلة فخصص طائرة تنقل حماياته من بغداد الى اربيل والى بغداد ومن ميزانية وزارة المالية التي عاث فيها قلمه الاحمر بعيداً عن كل ضوابط الصرف ..كل ذلك في حكومة كانت تحارب عصابات داعش الارهابية بيد وتواجه خذلان كل الأشقاء العرب (الاشقياء)بيد اخرى.. وتضغط على الموظف مستهدفة قوت يومه لتستمر الحياة دون فجوات كبيرة في ظل انخفاض سعر برميل النفط عالميا ..
في الوقت الذي كان الشعب العراقي يتبرع لدعم الحشد والنازحين ويتطوع بدافع الغيرة الوطنية ليقسم رغيف الخبز معهم، كان زيباري يغدق على حاشيته من ميزانية الدولة (بيت المال) دون حساب كيف لا وهو من بيده المفتاح !
أُقيل من الوزارة وكانت إقالته ومضة ضوء مشرقة في تاريخ الديمقراطية الناشئة وقضى سنوات بعيدا عن العمل الوزاري الذي تعود عليه ليقبع في منتجعات عديدة تملّكها من (حُرِ )ماله كما يقولون ..
لم يخضع للقضاء ولم يدفع غرامات نهبه للمال العام .. ولنفاجأ بعد مايزيد على ستة أعوام يعود ليدور رئيسا للجمهورية في استهانة كبيرة لمشاعر العراقيين وبخس لأصواتهم التي أدلوا بها في الانتخابات الاخيرة قاصدين عودة الكرامة للعراقي والسيادة للعراق.
صار المنتخبون ملامة من قِبل من قاطع الانتخاب وشماتة من أعداء العراق الجديد ولم يبقَ أملٌ في جمع شتات دولة نهشتها رئاسات ثلاثة أسوأ ما مر به هذا البلد الجريح بعد حقبة الطاغية المقبور .
نعم ترشيحه وصمة عار في جبين الكتل التي رشحته ودلالة على أنهم شركاء في مغانم السحت والإثراء على حساب المال العام ..
ويكفي هذا جرما يحول بينه وبين ترشيحه ولا نحتاج حتى الى قرار المحكمة كون فساده واضح كشمس الضحى ..
ولكن المحكمة بقرارها الشجاع هذا أعطت بعض الأمل في وجود القانون.. وأن في آخر النفق المظلم بارقة ضوء تعد بنهار جديد، صمدت هذه المحكمة أمام ضغوطات شابهت القمع البعثي وإرهاب الدواعش ولعل دماء الشهيد القاضي في ميسان وموقف رئيس المحكمة والقضاة معه في حضور تشييعه صفعة لكل من تسّول له نفسه فرض إرادته السيئة على القضاء.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني