صراع السلالات.. أوميكرون ضد دلتا.. ماذا بعد وهل من مزيد؟

رغم احتفاظه بالنجومية خلال عام 2021 يبدو أن السنة2022  سنة حسم لسلالة دلتا من فايروس كورونا ، حيث أمضت دلتا الأسابيع العديدة الماضية في الانهيار التام بسبب ابن عمها المشاكس أوميكرون ( السلالة البارعة في الدخول والخروج في شعب الانسان الهوائية والقادر على تجنب الأجسام المضادة التي تكونها اللقاحات او الاصابة بالمتغيرات الأخرى). 

في أواخر شباط حتى تشرين الثاني 2021 شكلت دلتا أساسًا لجميع إصابات ٍ-CoV-2 التي كان الباحثون يسلسلونها في الولايات المتحدة بينما نسبتها الان هي 0.1 % فقط. وقد تباينت وجهات نضر العلماء باختلاف اختصاصاتهم عن احتمالات مصير اوميكرون  ودلتا الذي لازال يصارع على البقاء حيث قال كارثيك جانجافارابو، عالم Bioinformatics في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس:(إن الصورة العالمية مرقعة بعض الشيء ولكن بشكل عام لن تكون دلتا قادرة على المنافسة وشكوكي هو أن اومكرون سوف تتغلب”.  و تتفق كاتيا كويل ، عالمة الفيروسات التطورية بجامعة إيموري : (عندما كان العالم يعرف القليل عن الميزة التنافسية لأوميكرون، كنت اشك بامكانياته على الانتشاروالتغلب ) وتتفق كاتي جوستيك، مصممة نماذج الأمراض المعدية في جامعة شيكاغو ، على أن مصير دلتا : (ربما يكون قريبًا. وإذا كان الأمر كذلك، “فبئس المصير”).

لكن الكثير من الخبراء ليسوا مستعدين تمامًا لدق ناقوس الموت لدلتا رسميًا. فلازال معدل الاصابات بسلالة دلتا مستمر لكنه منخفض المستوى! ولا يمكن استبعاد عودته بالارتفاع . كما لا تزال دلتا هي السلالة السائدة في بعض أنحاء العالم وإذا صمدت في أي مستوى، فسوف تستمر في تشكيل تهديد للعالم. تقول ليزا جرالينسكي ، أخصائية علم الفيروسات التاجية بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: ( بعد أن فاجأ أوميكرون العالم ، “بالتأكيد لن أراهن على اختفاء دلتا”). أصبحت دلتا تتضاءل أمام أوميكرون في الوقت الحالي في العديد من الأماكن في العالم متمسكة بالحياة، ومن المرجح أن تستمر قبضتها في التراخي والانزلاق تحت ثقل ابن عمه الأكثر حرفية اوميكرون.

إن الاختلاف الرئيسي بينهما يتعلق بجودة أداء الدفاعات المناعية التي وضعتها اللقاحات والاصابات السابقة امام السلالات الجديدة؛ من هذا المنطلق، فممكن اعتبار دلتا هو أحد الهواة و أوميكرون هو أحد المحترفين في قائمة الدرجة الأولى بسبب أن جسيمات اومكرون بطبيعته أكثر قابلية للانتقال من دلتا بالتالي تكون سرعة انشاره عالية كما لا ننسى قدرته على تخطي الاجسام المناعية.

وفي كل الاحوال لا زال المصاب يعاني من المرض الشديد والموت الناجم عن الاصابة بأي نسخة من SARS-CoV-2 اذا كان المصاب بدون لقاح، وسلاحنا الوحيد هو الأجسام المضادة التي وان كانت تمنع دلتا بشكل اكيد من اصابة الملقحين فهي بالتأكيد تكافح من أجل السيطرة على اوميكرون ، هذا يعني أن المزيد من الناس معرضون للإصابة بالإضافة الى ذلك، لا تقوم المناعة التي تسببها دلتا بعمل رائع في حماية الناس من أوميكرون. ولكن عندما يصيب اوميكرون الأشخاص الذين تم تطعيمهم، يبدو أنه يدعم الدفاعات ضد دلتا أيضًا (هذا التأثير يكون أضعف في الأشخاص غير المحصنين) هذا يعني أنه كلما زاد عدد الأشخاص المحصنين الذين يصابون بأوميكرون ، قل عدد المستقبلين لدلتا.

ويمكن للسلالات الجديدة التي نحصل عليها من الآن فصاعدًا أن تستمر في اتباع هذا النمط، مما يؤدي إلى إزاحة الأشكال التي جاءت قبلها عامًا بعد عام بعد عام وهذا هو تفسير ما يعتقده العلماء من امكانية تحول الاصابة بكورونا اصابة موسمية.إن هذه المنافسة وحسب نظرية التطور والبقاء للأصلح، تفضل اوميكرون بشكل صارخ حتى الآن، لكنه لا يخبرنا بالضرورة إلى أين ستنتهي دلتا فجميع الإصابات هي تفاعلات بين العامل الممرض والمضيف، مما يعني أن دلتا يمكنها المقاومة و العودة بشكل اقوى لعدة اسباب لا تتعلق بالفيروس نفسه فقط.

يمكن لبعض الأشخاص، على سبيل المثال، أن يكونوا أكثر استعدادًا من الناحية البيولوجية لتعزيز عدوى دلتا. فمثلا، يمكن أن تستغل دلتا التقلبات الجغرافية بين البلدان، وتبقى منتشرة في مجموعة سكانية معزولة تفتقر إلى الكثير من المناعة من أي نوع أو يمكن أن تجد مأوى في مجتمع صغير لا تزال اعداد المصابين بأوميكرون قليلة او يزداد ببطئ، أو في حالة مرضى نقص المناعة على سبيل المثال حيث ان اصابتهم تمتد الى اشهر حتى يستطيع جسم المريض القضاء على الفايروس وبذلك يمكن ان يكونوا مخازن طبيعية للسلالة. المتغيرات بهذه الطريقة تشبه المخللات: لديهم طريقة للالتفاف حول تاريخ انتهاء الصلاحية المتوقع.

حتى سلالة  الفا Alpha ( السلالة التي ظهرت اول سنة بعد الانتشار) لا زالت تظهر في بعض الأحيان على الخريطة الوبائية، على الرغم من أن الحالات المسجلة تظل نادرة جدًا. يكون من الصعب التعرف على هذه الحالات ؛ حيث لا يملك الباحثون القدرة على اكتشاف السلالات او اجراء تحري التسلسلgene sequencing  لكل مريض .وهذا يعني أن نسب المتغيرات في الجينوم التي ذكرها الباحثون لا تمثل بالضرورة نسبها الحقيقية في البرية.  ونظرًا لأن العالم يبني مناعة ضد Omicron، فإن المتغير سيواجه وقتًا أصعب في إصابة مضيفين جدد  في الوقت نفسه، ولكن كلما طال أمد قدرة دلتا على البقاء، زادت سهولة قدرتها على احداث طفرة تعيد هندسة إحياءها مرة اخرى وتزيد من  فرص إعادة تنظيم جينومها.

وبالطبع هذا ليس ما نريده كثيرًا اذا ما اكدنا أن دلتا هي أخطر متغير لـ SARS-CoV-2 تم ​​تحديده حتى الآن ، ويمكن لأحفاده الحفاظ بلدغته المميتة جدًا أو حتى البناء عليها  لتكون محور جديد مقتبس يزعج أنظمة مناعتنا. هذه السيناريو لا يمكن ان يحدث على البشر فقط. فيمكن لدلتا أن تطلب اللجوء المؤقت في أنواع حيوانات أخرى قابلة للامتثال وتعديل مظهرها قبل القفز مرة أخرى إلينا، وهذه في الواقع فرضية أصل كل سلالات كورونا ، والتي تعود جذورها إلى فرع  من شجرة عائلة SARS-CoV-2.

في “السيناريو الأسوأ”  يمكن أن تتحول دلتا إلى شيء قادر على اللحاق بركب أوميكرون، ويمكن للاثنين ان يكونا فريق واحد. يقول  أجاي سيثي، عالم الأوبئة بجامعة ويسكونسن في ماديسون، أنه “يترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية إعادة التركيب”، وهي ظاهرة يمكن فيها لنكهات من فيروس كورونا استبدال أجزاء من جينوماتهما لتشكيل ذرية هجينة سيئة (وحشية دلتا + خلسة أوميكرون = تحمل أخبار سيئة.) مثال عل  ذلك، قد تتفوق ابنة دلتا تمامًا على أوميكرون، مما يفرض انتقام سلفها الحلو واللطيف أو ربما البديل التالي الذي يغتصب العرش العالمي سيكون ذرية جديدة لـ الفا Alpha … أو أي شيء آخر تمامًا.

بنفس الطريقة التي لم يكن Omicronاومكرون  منحدرة من دلتا Delta ، فإن البديل التالي الذي نناضل معه لن ينبت بالضرورة من Omicron.يتغير المشهد في دلتا يومًا بعد يوم. بالفعل ، يقوم الباحثون بالتحري عن سلال  جديدة وهي  فرع من اومكرون تسمى   BA.2 ، والذي يشهد ارتفاعًا في بلدان مثل الدنمارك بسرعة مذهلة؛ وكما العادة لا يُعرف سوى القليل جدًا عنها. هذا يعني أن أيا من المسارات الافتراضية لسلالة دلتا المتبقية لا تمثل المستقبل الأكثر احتمالا، لكنها تظل جميعًا ممكنة لا سيما مع بقاء نسبة كبيرة من سكان العالم غير محصنين، وهذا يعيدنا الى اهمية التلقيح والاستعداد لكل السيناريوهات.

حتى لو اختفت دلتا في وقت قصير، فإن إرثها لن يتلاشى بنفس السرعة. أصابت دلتا خلال فترة عملها عددًا لا يحصى من الأشخاص حول العالم ، تاركة وراءها أمراضًا منهكة ووفيات كثيرة. لا تزال تعزل في المختبرات و لازالت تملأ أسرة المستشفيات. ولا زال المرضى يعانون التهديد المتناقص غير موجود حتى الان . وحتى تختفي دلتا، سيكون من السابق لأوانه ان نقيم حفلة وداع لها.

شاهد أيضاً

خطر يهدد آيفون

تمثل الزيادة في عمليات الاحتيال الرقمي خطرًا كبيرًا على مستخدمي أجهزة آيفون، خاصة مع استخدام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *