الكاتب || سرى العبيدي
من أكبر الأخطاء التي يرتكبها المجتمع، لاسيما قادة النخب وأعضائها عندما يفسحون المجال للفاشلين وقليلي الخبرة والكفاءة بالتسلل الى المناصب السياسية والإدارية المهمة التي تتطلب خبرات كبيرة ومواهب حساسة وذكاء ميداني متميز، لأن هذه المناصب لا تخص فردا بعينه، إنما تتعلق بمصالح الشعب، فضلا عن مكانة الدولة ودرجة استقرارها وتطورها التي تعتمد بصورة كليّة على طبيعة إدارة مسؤوليات المنصب السياسي.
يخطئ من يظن أن السياسة أقل أهمية من العمل في المؤسسات العلمية أو الطبية أو الاقتصادية، لأن نجاح المجالات المذكور، يرتبط بصورة ديناميكية مع السياسة وإدارتها، فالسياسة ميدان لا يختلف عن الاقتصاد أو التعليم أو المؤسسات الاقتصادية أو سواها، المجتمع من دون اقتصاد سليم لا يمكن أن يعيش حياة عصرية مرفّهة ومستقرة، لذلك فإن ترك الاقتصاد لغير الاقتصاديين سيدمره، وترك التعليم لمن لا يصلح له سيدمره أيضا، هذه البديهيات تنطبق على السياسة بل من باب أولى أن نهتم بالسياسة أولا كونها تنعكس على المجالات الأخرى نجاحا أو فشلا، من هنا تأتي أهمية مراقبة العمل السياسي ومتابعته، وعدم التهرب منه، بل على العكس ينبغي التشجيع على فتح آفاق واسعة للعمل السياسي المتميز، لأنه هو الذي يحدد مستقبل البلاد.
التخصص واكتساب الخبرات للعمل في هذا المجال امر ضروري بل حتمي، فالشخصيات الواعية في المجتمع وقيادات النخب، يجب أن يكون لها حضورها في متابعة عمل السياسيين، ومنظمات المجتمع المدني ينبغي أن تبقى جهات رقابية ضاغطة، لفضح الأخطاء والتجاوزات التي تُرتكب في الميدان السياسي، وكذا المثقفون والمفكرون، يجب أن يكون لهم دورهم حاضرا وفاعلا في العمل السياسي، والتدخل في تحريك اتجاهاته لصالح المجتمع، وتصويبها دائما عبر وسائل الإعلام او الندوات، او المؤتمرات التي تشير الى أخطاء السياسيين بالدلائل، وتطرح البدائل السليمة، وعدم السماح لمن لا يمتلك الكفاءة والشروط الأخرى بالعمل في السياسة، كونها تتعلق بحياة الشعب ومصالحه، وحتى لا يكون هنالك تردي وتراجع في سبل العيش وطبيعة الخدمات في كل مكان من ارض الوطن.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني