تعريف جديد للخيانة..!

حافظ آل بشارة ||

 لماذا لا ينتظر الناس تشكيل الحكومة باهتمام وترقب ؟ لماذا يتفرجون على المشهد السياسي ببرود كمن يتفرج على قصة تدور في بلد آخر وفي زمان آخر ؟ انهم غير عابئين بما يجري لأنهم لا يتوقعون تغييرا في احوالهم ، ولا استجابة لمطالبهم ، ويوما بعد آخر يصبح الناس متأكدين ان النظام السياسي الحالي لا يمثلهم ولا يمثل ارادتهم ، ولم يأت هذا العلم عن فراغ بل عن تجربة مؤلمة ، فقد مرت اربع دورات نيابية كانت متشابهة في توزيع السلطات وفي الوجوه التي تتقدم المشهد ، ومتشابهة في طبيعة المشاكل التي تواجه البلد ، فالازمات تتكرر والحلول غائبة ، وعندما تمضي اربع دورات متشابهة يصبح من العبث ان يتوقع الناس اي تغيير في الدورة الخامسة ، بالعكس فالشعب يعرف بوضوح ان كثيرا من الأزمات تسير نحو الأسوأ ، خاصة الازمات الاقتصادية والاجتماعية وهناك خط انحداري منتظم لهذه الازمات منذ 2003 لغاية اليوم ، ربما يتعلق الأمر بطبيعة الاحتلال الذي يمسك بهذا البلد ، فهو احتلال على الطريقة القديمة التي تعود الى اربعينيات القرن الماضي وما فيه من العنف والهيمنة العلنية والنهب المنظم ومصادرة السيادة ، بينما العالم الآن يعيش الاحتلال الحديث الخفي الذي يترك لأهل البلد حرية البناء والتطوير والتنمية ، وترديد الاناشيد الوطنية ، والتغني بامجاد الاجداد وبطولاتهم ومعاركهم ضد الاستعمار .
خلاصة القول ان الدورات النيابية الاربع السابقة شهدت دخول الرجال المخلصين والشرفاء الى العملية السياسية تحت عنوان (المقاومة السياسية) اي اختراق برنامج الاحتلال بفريق سياسي متماسك بنية انقاذ ما يمكن انقاذه او خدمة الناس او تمرير برنامج وطني للاعمار والتنمية الشاملة ، هذه الدورات الاربع البالغة حوالي 16 عاما تكفي هؤلاء أن يضعوا تقييما لمسيرتهم ، فان اتضح لهم انهم نجحوا واصبحت منجزاتهم واضحة للعيان فيجب ان يواصلوا المهمة ، وان تبين لهم انهم فشلوا فيجب ان ينسحبوا من هذا النظام الذي صنعه الاحتلال لحفظ مصالحه ، ولا يغطسوا في المستنقع اكثر ، ومن لا يقوم بجرد حساباته بهذه الطريقة فهو خائن ويمكن لكل مراقب ان يضع تعريفا جديدا للخيانة : (الخيانة هي ان تشارك في نظام الالعوبة بنية خدمة الشعب والوطن ، وحين تجد انك فشلت لا تنسحب بل تصر على البقاء لتتحول الى اداة من ادوات الاحتلال ، اي انه اخترقك بدل ان تخترقه واعد لك من الوثائق والصور والافلام ما يكفي لتفجير فضيحة مدوية تسقطك الى الابد).
بامكان الآخرين الذين دخلوا العملية السياسية كشركاء واضحين للاحتلال او ادوات له او مرتزقة بثياب الزعماء ان يسجلوا انجازاتهم التي خططوا لها مسبقا ، البيوت والمزارع والسيارات والشركات والذهب والمجوهرات ، ثم يتوقفون قليلا عند الذي لحق بهم من سكري وضغط وعجز القلب لينغص عليهم التمتع بما كسبوه ، فلا دنيا ولا آخرة ، ولا يقع في هذا الفخ الا الاغبياء.

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

شاهد أيضاً

القواسم المشتركة بين العدو الصهيوني وصهاينة العرب…!

محمود المغربي ـ اليمن ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *