عن الانسحاب الأمريكي ..

للكاتب | ماهر ضياء محيي الدين 

من المؤمل ان تنسحب القوات القتالية الامريكية خلال الفترة القادمة، ويبقى وجودها كقوى ساندة للقوات العراقية في اطار التدريب والمساعدة والمشاورة وتبادل المعلومات الاستخبارية هذا ما هو معلن ،لكن الحقيقة المؤكدة للجميع غير ذلك تماما.
هل ستنسحب القوات الامريكية من العراق؟!
بعد التصويت على قرار مجلس النواب الذي ينص على اخراج القوات الامريكية، بسبب أولا انتفاء الحاجة من وجودها بعد دحر داعش، وثانيا لدينا قوات امنية متعددة الأصناف والتشكيل قادرة على حفظ الامن وفرض الاستقرار وثالثا وهو الأهم اصبح وجودها بمثابة عبئ كبير على البلد وأهله وسط دعوات ومطالبات من مختلف شرائج المجتمع العراقي ، وقوى السياسية الوطنية بضرورة انهاء وجودها ، وإعطاء الدور الأكبر للقوات الأمنية في المحافظة على امن البلد وحمايته من التهديدات الخارجية والداخلية ، وفي المقابل هناك اطراف تدعو الى ابقاءها لان ظروف البلد العامة مازالت غير مستقرة كما تفترض ، والتهديدات الإرهابية ما زالت قائمة حسب زعمها، وقضية السلاح المنفلت ، وما يسمى بالفصائل المسلحة التي خارج سيطرة الدولة ، والخوف المفتعل من دخول العراق في دوامة الحرب الاهلية بين أبناء المكون الواحد او المكونات الأخرى ، وهناك اطراف تهدد بالسلاح اذا ما انسحبت القوات الامريكية خلال الفترة المعلنة ، لتكون الحكومة بين المطرقة والسندان وهنا بيت القصيد .
نتكلم بصراحة وبدون مقدمات طويلة أمريكا لن ولن تنسحب من العراق تحت اي ظرف او متغير ، واذا فرضنا جدلا انسحبت سيكون شكليا او إعلاميا ،لان الانسحاب في وقتنا الحاضر يعطي رسائل للعالم انها انسحبت تحت ضغط التهديد من قبل الفصائل المرتبطة بعدوها اللدود ايران ، وقد يقول قائل هناك قرار برلماني ملزم لها بالانسحاب ، لتكون حجتها ، لكن الحقائق والوقائع معروفة من الجميع في قرار الانسحاب ، والظروف او الأسباب التي استوجبت هذا القرار هذا أولا ، وثانيا هناك اطراف كما قلنا تدعم بقاءها ولم تصوت على هذا القرار ، بل تدعم وجودها , ومستعدة لتكون قواعدها الدائمة على أراضيها لتكون أيضا حجتها هذا من جانب .
جانب اخر غاية في الأهمية أمريكا لم تأت الى العراق بجيوشها الجرارة وتسقط نظامها الحاكمة لكي تنسحب ، ولديها حسابات ومشاريع واهداف طويلة الاجل تريد تحقيقيها في بلدي ، وما يمتلك بلدي من خيرات وثروات وموقع جغرافيا متميز للغاية ليكون في دائرة التنافس والتحارب بكل الطرق والوسائل بين الدول العظمى ، ودول الجوار ، ليكون وضع البلد في هذه الصورة المفجعة .
ولو ابتعدنا قليلا عن موضع الانسحاب المزمع خلال الأيام القليلة القادمة ونأخذ سوريا كحجة على الجميع ، والكل مطلع على مجريات الأحداث الملتهبة منذ سنوات عدة نجد ان كل القوات المتنازع ان صح التعبير على أراضيها لم تنسحب منها سواء كانت الروسية او الامريكية ، ولم تستطع ساحات المعارك ولا طاولات التفاوض ان ينتج عنها حلا شاملا للصراع في سوريا ،وبقيت الأمور كما هي عبارة عن لهيب بركان في أي ساعة ينفجر، والعراق اشبه بسوريا عبارة قوى حكومية وأخرى مواليه وأخرى خارجية ولا توجد قوة مسيطر على الظروف العامة ـ وتسطيع فرض وجودها على الكل ، لنبقى في دوامه ندور، ولا يعرف ما هي نهاياتها ؟ .
واخر سؤال نطرحه هل القوات الأمنية قادرة على تحمل المسؤولية الكاملة بعد قرار الانسحاب ؟ نعم والف نعم قادرة وتستطيع من دحر الإرهاب وقلع جذورها، وفرض وجودها لكنها بحاجة الى بعض الخطوات الداعمة من اجل بناءها، وديمومة وجودها واهم خطوة عدم زجها في الصراعات السياسية ،ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفق شرط الخبرة والكفاءة ، سيكون لدينا قوات امنية ضاربة ومهنية .
أتمنى من كل قلبي ان تتحد كل القوى الوطنية الشريفة تحت راية واحدة وتوحد الكلمة ، وترص الصفوف من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه ، واجبار القوات الأجنبية وعملائها على الخروج وفق الخيارات الدبلوماسية ، والا ستكون فوهات البندقية والمدفعية هي من تخرجهم من ارض المقدسات والأديان السماوية من اجل مصلحة الجميع .

 

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

 

Check Also

الأُمَّة تائهة بين إنبطاح العربان وتِبَعِيَّة المسلمين..!

د. إسماعيل النجار ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *