ما هي سلالة ( اوميكرون ) وما تأثيرها على العراق؟!

للكاتب | الدكتور باسل عباس خضير …

بعد أن شعر العالم بنوع من الاطمئنان بحصول نحو 54 % من سكانه على جرعة واحدة في الأقل من اللقاح المضاد لكوفيد-19 ، وبعد أن تعرض العالم بأسره لخسارة بشرية واقتصادية وإنسانية فادحة ، فقد ظهرت سلالة جديدة من الفيروس في جنوب أفريقيا أطلقت منظمة الصحة العالمية عليها اسم ( أو ميكرون ) ووصفت المنظمة هذا المتحور بأنه مثير للقلق ، وذكرت في أعقاب الاجتماع الطارئ الذي عقد الجمعة الماضية ( 24 تشرين الثاني 2021 ) لفريقها الفني الخاص بتقييم الفيروس ، أن السلالة تم الإبلاغ عنها أولًا في جنوب إفريقيا وخلال الأسابيع الأخيرة ارتفع عدد الإصابات بشكل حاد ، وأشارت إلى أن أول حالة مؤكدة للإصابة بسلالة B.1.1.529 كانت في عينة تم أخذها في 9 من هذا الشهر ، وأكدت المنظمة أن السلالة لها عدد كبير من الطفرات وتشير المعطيات الأولية إلى خطر أكبر للإصابات المتكررة بهذه السلالة بالمقارنة مع السلالات الأخرى ، ويتم رصد زيادة الإصابات بهذه السلالة في اغلب المحافظات لجنوب إفريقيا ، وأشارت إلى أن اختبارات PCR المتوفرة قادرة على رصد هذه السلالة من الفيروس رغم إن لها تتقدم على السلالات الأخرى فيما يخص الانتشار بناء على البيانات حول الارتفاع في أعداد الإصابات ، وأثار ميكرون ( الشرس ) الجديد رعب دول العالم حيث انه يختلف في تكوينه عن فيروس كورونا ومتحوراته التقليدية ، وهو ما يستلزم المزيد من الوقت من قبل المنظمات الصحية وعلماء اللقاحات للوصول إلى لقاح له أو التوصل لكيفية التعامل معه ، حيث من المتوقع أن يخضع المتحور الجديد إلى دراسة وبحث قد يستغرق شهور بشكل يؤكد أن فيروس كورونا غير جلده من جديد ليظل يرعب العالم حتى إشعار آخر ، وقالت وكالة الأمن الصحي البريطانية إن السلالة المتحورة تحتوي على ( بروتين سبايك ) الذي يشكل النتوءات الشوكية الموجودة على سطح كورونا والذي يختلف تماما عن البروتين الموجود في الفيروس الأصلي الذي صنعت على أساسه لقاحات كورونا .
وامتد أثر الصدمة التي أثارها ظهور المتحور الجديد إلى الأسواق العالمية ، إذ فقد المؤشر الأمريكي «داو جونز» أكثر من 1000 نقطة خلال التعاملات المبكرة الجمعة الماضية حيث تراجع بنسبة 2.72% وهو أدنى مستوى منذ تشرين الأول الماضي ، كما شهدت الأسهم الأوروبية تراجعا حادا فقد أنهى المؤشر ستوكس 600 التعاملات منخفضا 3.7 % ليسجل أسوأ أداء يومي منذ حزيران 2020 ، وأعاد ظهور متحور جديد لفيروس كورونا في جنوب أفريقيا اهتمام العالم لوجوب التأهب بعد أشهر من الانفراج النسبي ، وقررت العديد من الدول ألأوروبية والعربية تعليق الرحلات الجوية من جنوب أفريقيا وبعض البلدان المجاورة لها ، بينما فرضت بلدان أخرى بينها اليابان حجرا صحيا بعد أن تم الإعلان عن رصد إصابتين خارج أفريقيا ألأولى في بلجيكا والثانية في الأراضي المحتلة ، وتشكل هذه الإجراءات ضربة جديدة للسياحة قبل الصيف الجنوبي للقارة الأرضية ، ومنظمة الصحة العالمية ليس لديها موقف محدد من الموضوع إذ قال متحدثها الرسمي في مؤتمر صحفي قبل ساعات أن المنظمة سوف تتبادل توصياتها مع الحكومات بشأن ما يمكن اتخاذه من تدابير ، وأضاف أن على الدول أن تقوم بتحديد ما يتعلق بإجراءات السفر بناءا على تقييمها للمخاطر ، مشيرًا إلى أن الباحثين يعملون على تحديد مدى سرعة انتشار المتغير الجديد وقابلية انتقاله وكيفية تأثيره على العلاجات واللقاحات المستخدمة حاليا لكورونا .
ومن المتوقع إن يكون العراق واحدا من أكثر البلدان تضررا من الفيروس الجديد لان مناعة المواطنين فيه تندرج ضمن قائمة الدول الهشة التي تنخفض فيها نسبة الملقحين إلى مجموع السكان ، كما إن الرقابة على حركة المسافرين القادمين إليه من المنافذ الحدودية الرسمية لا تتسم بالتشدد من حيث اتخاذ إجراءات الحجر وإنما يتم التعويل على الجواز الصحي الدولي واخذ المسحة في أفضل الحالات ، وتعاني اغلب مؤسساته الصحية من ضعف النظام الصحي و القصور في توفير العلاجات وعدم كفاية الغطاء ألسريري في التصدي لحالات متقدمة عند اكتشاف إصابات بهذا المتحور ( لاسمح الله ) ، كما إن إيرادات النفط التي يتم الاعتماد عليها في تمويل الموازنة الاتحادية للبلد تتعرض للتهديد من عاملين ، الأول هو احتمال انخفاض الطلب العالمي على النفط الذي ربما يؤدي إلى تقليص كميات التصدير ، والعامل الثاني المرتبط به هو هبوط معدلات أسعار بيع النفط التي بلغت أعلى مستوياتها في تشرين الأول الماضي عندما بلغت بمعدل 79 دولار للبرميل ( للعراق ) ، وسيكون الأثر اشد فيما لو ظهرت نتائج تؤكد عدم ملائمة اللقاحات الحالية للتحصين من هذا المتحور لان ذلك سيضطر الدول للانغلاق والحظر ومن نتائج ذلك توقف السياحة والسفر والصناعات والتحول للانكماش على غرار ما تم 2020 ، وهي أمور تنعكس على الطلب العالمي من النفط الذي هو أساس الناتج المحلي الإجمالي، كما تسبب الارتفاع العالمي في أسعار السلع التي يعتمد العراق على استيرادها بشكل كبير ، وهذه التطورات العالمية تجري في ظل الوضع السياسي والأمني الذي يعيشه البلد بعد الانتخابات المبكرة ، والذي يؤشر أما تأخر او انعدام إقرار موازنة 2022 التي يعول عليها الكثير في معالجة الاختناقات التي عاشها البلد وما ترتب على ذلك من بطالة وفقر وجوع ونقص في الخدمات ، وهي موازنة فيها كثير من الالتزامات الواجبة الصرف المتعلقة بالنفقات التشغيلية وخدمة او إطفاء الديون والقروض ، وفي كل الأحوال فان البيئة العراقية غير مهيأة تماما لمواجهة وباء بهذه الضراوة لان الدول الأكثر تقدما تشعر بالقصور وتعيش بحالة من الرعب والقلق فما هو حال العراق الذي تنقصه العديد من الإمكانيات ، ونتمنى ونرجوا ونأمل أن يدرك من يعنيهم الأمر خطورة ما نمر وما يترتب على ذلك من توقعات وانعكاسات وما يتطلب ذلك من استقرار لمواجهة هذه الأخطار .

 

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

 

 

 

شاهد أيضاً

حديث الإثنين.. سيظل العرب في غيهم يعمهون..!

احمد ناصر الشريف ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *