للكاتب/ علي حسن الفواز
توقفت الحرب على غزة، وسقط الوهم الإسرائيلي في أن يصنع واقعاً سياسياً وأمنياً على الأرض، فما حدث كان نوعاً من حرب الإبادة، والتدمير، وسلوكاً لما يشبه سياسة الابارثيد التي تقوم على التطهير العرقي والثقافي.
وقف إطلاق النار في حرب غزة، إن كان بوساطة عربية أو دولية، فإنه يكشف عن ضعف اسرائيلي، وعن سوء ادارة ملف العلاقات مع الفلسطينيين وعدم الالتزام بالمواثيق الدولية، إذ لم تحقق هذه الحرب ما كانت تحلم به حكومة نتنياهو، وهو فرض واقع سياسي وامني يُجبر الفلسطينيين على الخضوع إلى الخطط الاسرائيلية، واهمها فرض الهوية اليهودية على القدس، وطرد اي فلسطيني من مناطق العامود والشيخ جراح.
عدوانية هذه الحرب كشفت عن بشاعة العسكرة الاسرائيلية، وعن ضعف ما يسمى بـ”المجتمع الدولي” وعجزه عن اتخاذ موقف اخلاقي وسياسي إزاء هذه البشاعة التي راح ضحيتها اكثر من 243 شهيداً واكثر من الف جريح، وإذا كانت اسرائيل تفخر بأنها دمرت الابراج السكنية للمواطنين، وانفاق مشروع المترو في غزة، فإن ذلك يفضح طبيعة هذه الحرب، وما تمثله من كراهية، ومن سلوك تدميري.
مابعد هذه الحرب، هو الخيار الذي يحتاج إلى توضيح، فهل ستؤجل معرفة الاسباب التي تسببت بحدوثها؟ وهل ستظل سياسة الطرد المنهجي للفلسطينيين من بيوتهم؟ وهل سيعالج ملف القدس سياسيا؟
أحسب أن هذه الاسئلة ستظل مفتوحة بقوة، فهي موضوع دولي واقليمي، وليس شأنا محليا، كما أنّ استمرار سياسة الاستحواذ والأسرلة يعني ابقاء الحرب جاهزة للاشتعال، واحتمال ان تتحول إلى صراع اقليمي من الصعب السيطرة على تداعياته، بقطع النظر عن سياسات التطبيع التي ذهبت اليها بعض الدول العربية، إذ سيأخذ الصراع أبعادا شعبوية، وقد يتحول إلى قضية انسانية وقيمية له علاقة بموضوعات اشكالية مثل الهوية والمقدس والحرية والحقوق واحترام الآخر.
إن التسويغ الأمني للحرب يكشف، وبشكلٍ فاضح عن ضيق الافق، وعن الرؤية المحدودة، وعن رثاثة الخيارات التي لم تحقق نتائجها في الواقع، وربما تحولت إلى مأزق اخلاقي، وحرج دولي، ليس لأن الحرب لم تكن غير فاعلة، بل لأنها عرّت الكثير من المواقف الدولية وسوء ادارة ملف القضية الفلسطينية، والعمل على فكرة التطبيق السياسي لحل الدولتين التي كانت جزءا من البرنامج الانتخابي للرئيس الاميركي جو بايدن.