“عائلات داعش”.. الكشف عن السر وراء استعادتهم من قبل أوروبا

رغم المخاوف الأوروبية من عودة الأجانب المتعاونين مع تنظيم داعش وعائلاتهم من النساء والأطفال، استعادت الحكومتان الألمانية والدنماركية 11 امرأة و37 طفلا ينتمون لتنظيم داعش من مخيم شمال شرق سوريا.

 

وأعلنت الخارجية الألمانية، استعادة 23 طفلا و8 نساء من مخيم روج الواقع شمال شرقي سوريا، موضحة أن الأطفال لا يتحملون أي مسؤولية عن وضعهم، ومن الصواب بذل الحكومة قصارى جهدها لإتاحة بيئة جيدة آمنة لهؤلاء، بينما تخضع الأمهات للمحاسبة أمام العدالة الجنائية.

كما أكدت السلطة الدنماركية، القبض على النساء الثلاث التي تم إجلاؤهن من مخيم روج، ليواجهن اتهامات أولية بالترويج للإرهاب والسفر إلى مناطق صراع بشكل غير قانوني والبقاء فيها، إضافة إلى جلسة محاكمة بسبب حضانة الأطفال.

ومنذ الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش في سوريا والعراق، بقيت عوائل التنظيم ما بين سجون ومخيمات الإيواء التي تتدني فيها مستوى المعيشة بالدولتين، حيث قدرت أعدادهم بنحو 42 ألف امرأة وطفل أجنبي أغلبهم دون سن الـ 12 عاما، وتوالت الدعوات الأوروبية والأميركية إلى حكومات أوروبا من أجل استقبال مواطنيها من المقاتلين والنساء والأطفال الذين ينتمون لداعش، وانقسمت مواقف دول أوروبا بين الرفض الشديد لتلك النداءات، والاستجابة البطيئة لاستعادة أعداد قليلة من المقاتلين من سوريا والعراق.
وتبدو خطوة ألمانيا والدنمارك مغايرة للخطوات السابقة في ملف عائلات داعش، ويفسر جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، قرار استعادة عائلات داعش من قبل السلطات في ألمانيا والدنمارك في أعقاب مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة إيجاد معالجة لوضع أسر التنظيم الباقية في مخيمات شمال شرق سوريا، إضافة إلى الضغوط الأميركية والدولية على أوروبا ومطالبات الاتحاد الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية التي تنص مواثيقها على استعادة المقاتلين الأجانب ونساء وأطفال داعش.

ويوضح جاسم محمد في تصريحات نقلها موقع “سكاي نيوز عربية”، تأخر ألمانيا في استقبال عائلات التنظيم بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية التي أقيمت الشهر الماضي، تجنبا لاستغلال تيار اليمن المتطرف بألمانيا القرار لصالحه، مشيرا إلى أن الخطوة تم الترتيب لها في وقت سابق.

وأطلقت الأمم المتحدة، نهاية سبتمبر الماضي، إطارا عالميا لدعم العائدين من مواطني دول ثالثة في سوريا والعراق، لمعالجة وضع الآلاف من الأطفال والأسر الأجنبية المتواجدة بمراكز الاحتجاز والمخيمات، محذرة من مخاطر طويلة المدى لتلك الأزمة.

وتضمنت المبادرة الأممية تقديم دعم مالي وتقني متكامل لتلبية الاحتياجات الحقوقية والإنسانية العاجلة للعائدين من سوريا والعراق، والاستجابة للمخاوف الأمنية والعدلية بطريق تناسب أعمار العائدين.
وكررت أميركا دعوتها لدول أوروبا لاستقبال مواطنيها الذين التحقوا بداعش، لذا رفضت في أغسطس الماضي خلال جلسة بمجلس الأمن، مشروع قانون حول مصير المقاتلين الأجانب لعدم تضمنه بند إعادتهم لبلادهم.

وفي يوليو الماضي، أعادت بلجيكا 10 أطفال و6 من زوجات مقاتلي داعش، بعد استعادة فرنسا 35 طفلا في أعمار لا تتجاوز الـ 10 سنوات دون أسرهم من بين 250 طفلا فرنسي بالمخيمات، واستقبال ألمانيا 19 طفلا و4 سيدات في الفترة من أغسطس 2019 وديسمبر 2020.

وتراوحت نسب العائدين بين النمسا وبلجيكا وفنلندا وفرنسا وإيطاليا ما بين 20- 30%، و18% في إسبانيا وهولندا، وحوالي 33% إلى 45% للعائدين من النساء والأطفال في ألمانيا وبريطانيا، بحسب المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب.

وتقدر أعداد عائلات داعش بمخيم الهول نحو 10 آلاف عائلة، ويشكل أكثر من 80% من المحتجزين بمخيمي الهول وروج من أطفال داعش وأمهاتهم ينتمون 57 دولة أجنبية، وتسوء الأحوال المعيشية بمخيم الهول حيث توفى 62 طفل خلال العام الجاري بمعدل طفل كل أسبوع داخل المخيم.

ويجد جاسم محمد، أن استعادة عوائل داعش يخفض حجم التهديد على سوريا والعراق، خاصة وأن التنظيم يستغل النساء والأطفال للترويج للإرهاب والتطرف العنيف عبر بث صورا وفيديوهات من داخل المعسكرات لتؤجج مشاعر الكراهية نحو تلك الدول أو تزيد التعاطف مع داعش.

ويؤكد على أن بقاء العائلات بالمخيمات يسمح بتدويرهم في تنظيمات متطرفة ويزيد من النزوح للإرهاب.

ويصف جاسم محمد، الخطوة بـ “الجيدة” التي قد تدفع باقي الدول الأوروبية لاستعادة مواطنيها، وتفتح باب الأمل أمام عائلات داعش من الأوروبيين في إمكانية استيعابهم داخل بلدانهم، لاسيما وأن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا كانت في مقدمة الدول التي أحرزت خطوات بخصوص هذا الشأن.

وفي الوقت نفسه يعتبر أن الإجراءات لا تتناسب مع الأعداد المتواجدة داخل سوريا والعراق، ولا مع قدرة وقوة أوروبا للتعامل في هذه القضية الشائكة خاصة وأن الخطوات تتم وفقا لمواقف سياسية.

وطوال الفترة الماضية، تعرضت الحكومة الدنماركية لضغوط سياسية وتهديدات بالتصويت لسحب الثقة منها، اعتراضا على موقفها من إجلاء مواطنيها من مخيمات العراق وسوريا.

وتلزم القوانين الأوروبية الحكومات بضرورة استعادة المقاتلين الأجانب وأسرهم، ولا يطًبق معيار ثابت على جميع العائدين، حيث تتعامل أوروبا مع كل حالة على حدة، وفي ألمانيا تخضع النساء المتورطات في جرائم حرب لعقوبات تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات سجن، وتطلق سراح غير المتورطات في جرائم كمحاولة لإعادة دمجهن في المجتمع، بحسب تصريحات مدير المركز الأوروبي.

ويشير إلى سياسات الوقاية من التطرف بأوروبا، عبر برامج مكافحة التطرف وتسلل العناصر المتطرفة، وبرامج الحياة التي تعيد تأهيل العائدين نفسيا لدمجهم في الحياة الاجتماعية وتوفير الاحتياجات الضرورية للحياة اليومية والعمل، مشددا على أن تنفيذ تلك البرامج يمثل تحديا كبيرا أمام الدول الأوروبية. انتهى م4

المصدر: وكالات 

شاهد أيضاً

المنسق الأممي للإغاثة: من المستحيل توصيل المساعدات إلى غزة

قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، إن غزة حاليا المكان الأخطر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *