جنوب اليمن.. تصعيد داخلي وتنافس إقليمي في ظل غارات على حضرموت

مركز بدر للدراسات الاستراتيجية ٢٠٢٥/١٢/٢٨

تشهد الساحة اليمنية، ولا سيما في جنوب البلاد، تصعيداً جديداً بعد أن استهدفت السعودية مواقع عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت.
هذا الحدث يعكس حجم التوتر داخل التحالف العربي، ويؤكد أن اليمن أصبح جزءاً من لعبة جيوسياسية معقدة ترتبط بأمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب.الأحداث الأخيرة تكشف أن الأزمة تجاوزت حدود الخلاف السياسي لتدخل مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية، ما يزيد من تعقيد جهود الوساطة الدولية.

❖ صعود المجلس الانتقالي الجنوبي وتحدي وحدة اليمن
• المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تأسس عام 2017 بدعم مباشر من الإمارات، أصبح لاعباً أساسياً في المشهد اليمني.
خلال ديسمبر 2025، شن المجلس عملية عسكرية واسعة في حضرموت والمهرة، معلناً السيطرة على مناطق استراتيجية غنية بالنفط والموارد. هذا الصعود يعكس طموح المجلس لإحياء دولة اليمن الجنوبي السابقة، وهو ما يضع وحدة البلاد أمام تحدٍ وجودي.
• تحركات المجلس الأخيرة لم تتم بالتنسيق مع” مجلس القيادة الرئاسي أو التحالف”، ما أثار غضب الرياض التي اعتبرت ذلك “تصعيداً غير مبرر”.
دخول المجلس كطرف ثالث بأجندة خاصة يعقد الأزمة اليمنية، ويحوّلها إلى ساحة تنافسوتصارع إقليمي ودولي، حيث تتداخل المصالح المحلية مع الطموحات الإقليمية.

الشرخ السعودي–الإماراتي وتداعياته على التحالف العربي
• رغم أن السعودية والإمارات شكّلتا العمود الفقري للتحالف العربي منذ 2015، إلا أن الأحداث الأخيرة أظهرت بوضوح تباين أهدافهما. السعودية تسعى إلى يمن موحد لكنه ضعيف وخاضع لنفوذها، بينما تركز الإمارات على السيطرة على الموانئ وخطوط الملاحة والسواحل الاستراتيجية.
دعم أبوظبي للمجلس الانتقالي الجنوبي يتعارض مع رؤية الرياض، ما أدى إلى صدامات مباشرة وغير مباشرة بين القوات الموالية لكل طرف.
• الغارات السعودية الأخيرة على مواقع المجلس في حضرموت تمثل رسالة واضحة بأن الرياض لن تسمح بفرض واقع جديد يهدد مصالحها. هذا الشرخ يضعف التحالف أمام حكومة صنعاء وأنصار الله، ويزيد من احتمالات تفككه، الأمر الذي ستكون له انعكاسات خطيرة على مستقبل الحرب اليمنية وعلى التوازنات الإقليمية في البحر الأحمر.

❖ الموقف الدولي والقلق من التصعيد العسكري
• الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عبّرا عن قلقهما من تصاعد التوتر بين القوات المدعومة من السعودية والإمارات. واشنطن دعت الأطراف إلى ضبط النفس والالتزام بالمسار الدبلوماسي، خشية أن تتحول الأزمة إلى مواجهة مفتوحة تهدد أمن الملاحة الدولية.
المجتمع الدولي ينظر إلى الأزمة من زاوية أوسع، إذ يخشى أن يؤدي استمرار الانقسام إلى إضعاف فرص الحل السياسي الشامل .
• لكن الموقف الدولي يظل حتى الآن حذراً، يقتصر على الدعوات لخفض التصعيد دون خطوات عملية لمعالجة جذور الأزمة.
الغارات السعودية الأخيرة على المجلس الانتقالي تؤكد أن الأزمة تجاوزت حدود الخلاف السياسي لتدخل مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية، ما يزيد من تعقيد جهود الوساطة الدولية ويضعف فرص التوصل إلى تسوية شاملة.

❖ الغارات السعودية وأثرها على مستقبل الجنوب اليمني
• الغارات الجوية التي شنتها السعودية على مواقع المجلس الانتقالي في حضرموت تمثل نقطة تحول في مسار الأزمة. الرياض أرادت من خلالها توجيه رسالة تحذيرية للمجلس بضرورة الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها، وإلا ستواجه مزيداً من العمليات العسكرية.
هذه الخطوة تكشف عن استعداد السعودية لاستخدام القوة ضد شريكها السابق في التحالف، ما يعكس عمق الشرخ مع أبوظبي.
• بالنسبة للمجلس، الغارات قد تُفسر كتهديد مباشر لمشروعه الانفصالي، لكنها أيضاً قد تدفعه إلى مزيد من التشبث بخططه لإحياء دولة الجنوب.
في المحصلة، هذه التطورات تجعل مستقبل الجنوب اليمني أكثر غموضاً، حيث تتداخل مصالح القوى الإقليمية والدولية في ساحة واحدة، وتظل وحدة اليمن على المحك.
في الختام، الأوضاع في جنوب اليمن دخلت مرحلة جديدة من التصعيد بعد الغارات السعودية على المجلس الانتقالي. هذا الحدث يعكس الشرخ العميق داخل التحالف العربي، مستقبل الجنوب اليمني سيظل رهناً بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، وليس فقط بإرادة الأطراف المحلية.

شاهد أيضاً

محكمة تحقيق الكرخ: 93 مليارا مبلغ الغرامات والأموال المصادرة والمحجوزة بجرائم غسل الأموال

كشفت محكمة تحقيق الكرخ الثانية، اليوم الأحد، عن الأموال المستردة والمصادرة والغرامات الصادرة بأحكام قضائية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *