عدنان جواد ||
هل تنقلب الاوضاع في العالم، وتصبح الدول الضعيفة في العالم الثالث او في امريكا الجنوبية، هي من تفرض الحصار على الدول المهيمنة؟ سؤال ربما يصعب تصوره، ولكن حدثت في العالم الكثير من تلك التغيرات، فأمريكا كانت مجرد مستعمرات سكانها الاصليون الهنود الحمر، وكانت المانيا هي اقوى دولة في العالم، وبعدها بريطانيا العظمى التي احتلت الشرق والغرب هي وفرنسا اصبحتا دولتان تقودهما الولايات المتحدة الامريكية، بفضل عقول مفكريها وجهود قادتها وسلاحها الفتاك ودولارها الذي سيطرت به على العالم، فايران دولة محاصرة منذ(44) سنة، لكنها حولت الحصار والحرمان من الحصول على التكنلوجيا الى فرص و نجاحات كبيرة، بفضل علمائها وقادتها ، في التحولات الدولية الحالية يمكن ان نشاهد احداث يصعب حتى تصديقها في العقود الماضية، فمثلاً لا يمكن السماح لشخص من اصول هندية ان يكون رئيس وزراء بريطانيا العظمى قبل هذا الزمن، العالم يتغير والذكي من يستغل الفرص، ايران وكوبا وفنزويلا دول حاصرتها الولايات المتحدة الامريكية، لكنها صمدت وواجهت وتحدت الصعوبات فاستقلت في قرارها، وايران التي قادتها العمامة (الملالي والرجعية) كما يسميهم البعثية، الذين لم نحصل طوال فترة حكمهم غير الحروب والدمار، وكثرة السجون والمعتقلات والاعدامات والمقابر الجماعية، ومع الاسف لازال البعض يحن لذلك الزمن الجميل كما يسمونه، وبعض العرب يفكر بهذه العقلية رغم تطور ايران وفي كافة المجالات.
ان الدول لكي تكون من الدول العظمى او المؤثرة في العالم ، لابد ان تمتلك ثلاثة مقومات حسب منطق القوة، وهي امتلاك الطاقة النووية، والنفوذ في العالم، والاقتصاد القوي، وايران امتلكت الاثنان وهي في طريقها لبناء اقتصاد قوي، فهي تعزز علاقات قوية مع دول امريكا الجنوبية وبالخصوص مع كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، دول تحاول كسر الهيمنة الغربية بقيادة واشنطن، التي وجهت قوتها في تدمير دول وافقار شعوب بسيطرتها على المنظمات الدولية فتفرض الحصار على من تريد وتسقط انظمة، ولا يوجد دولة تقف بوجهها، وهو ما سمي بنظام القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فلابد من بروز قوى من العالم الثالث تكسر هذه الهيمنة، وقد قال الرئيس الفنزويلي اثناء زيارة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي لفنزويلا، ” لابد من تصحيح التاريخ”، والرئيس الروسي والصيني لمحوا وفي اكثر من تصريح، ان العالم يتجه لانبثاق نظام عالمي جديد، وهناك دول في افريقيا واسيا بدأت فعلا بمغادرة التعامل بالدولار، وهو واحد من مصادر القوة لواشنطن، واهمها ذهاب الدول العربية الغنية لإقامة الاتفاقيات الضخمة مع الصين وروسيا على حساب واشنطن.
ان صياغة عالم على وجهة عالم الجنوب ، تتبادل فيه الدول المصالح ، بعيداً عن الهيمنة والفوقية ونشر الفقر والمرض والقهر في الدول الضعيفة، واستغلال ثروات الدول ومواردها مرة بالتهديد واخرى بالاحتلال والسيطرة المباشرة، قد ولا، وهاهي ايران اليوم تكسب الاصدقاء وتعيد العلاقات مع الدول التي كانت علاقاتها معها مقطوعة بسبب التأثير الأمريكي، الذي بدا بالضعف بعد الحرب الروسية الاوكرانية ، وتحرك الصين بصورة علنية للدفاع عن مصالحها في العالم، فايران عقدت عدة اتفاقيات بلغت (35) اتفاقية في مجال الطاقة والصناعة والتعدين مع تلك الدول، (25) منها مع فنزويلا، و(3) مع نيكارغوا، و (6) مع كوبا، وهي تفرض شروطها في اتفاق نووي جديد حسب التسريبات الاعلامية الجديدة، وهذا يعني رضوخ الولايات المتحدة الامريكية للشروط الايرانية، فهي في موقف ضعف بعد توجه السعودية والامارات الى الصين وروسيا، وكل الدلائل تشير الى افول الامبراطورية الامريكية، خاصة بعد الشذوذ الجنسي والانحطاط الاخلاقي، والتساؤل الذي يفرض نفسه، اين نحن من هذا التحرك الدولي نحو الشرق بدل الغرب؟!
ايران لم تذهب الى الصين وروسيا فقط بل ذهبت الى خاصرة الولايات المتحدة الامريكية وجوارها لتستثمر هناك، فهي تجابه حصار واشنطن وتهديدها، بالدعم والاستثمار في دول امريكا اللاتينية التي تعاني من عقوبات وهيمنة واشنطن، وبذلك كونت جبهة فاعلة ضد الولايات المتحدة الامريكية.