تأسيس حزب ” الأردن الحرّة ” في العراق

عباس سرحان ||

تقدم نحو خمسة آلاف عراقي بطلب الى مفوضية الانتخابات في العاصمة العراقية بغداد لإجازة تشكيل حزب جديد سمّوه “الأردن الحرّة”.

ويهدف الحزب الى العمل في الساحة الاردنية ومد خطوط اتصال مع اردنيين رافضين لحكم العائلة المالكة في الاردن، بهدف الوصول الى السلطة وتغيير اوضاع البلاد.

ويقول مؤسسو حزب “الاردن الحرّة” انهم أولى بحكم الأردن متهمين العائلة الاردنية بأنها “عميلة لبريطانيا” والغرب بشكل عام.

وفي هتافات لانصار الحزب في العاصمة العراقية بغداد، توعدوا ملك الاردن عبد الله الثاني، بالعمل بشتى الوسائل بما فيها العسكرية لقلب نظام حكمه.

وكشف مصدر مقرب من المفوضية العليا للانتخابات العراقية أنها تدرس إجازة الحزب كون حرية العمل السياسي مكفولة للجميع. وأكد المصدر أن الحزب يحظى رسميا بدعم وتأييد خمسة آلاف عراقي وهو العدد المطلوب لإجازته.

تخيلوا لو أن هذا الخبر صحيح، وأن عدة مئات من العراقيين أقاموا احتفالا في المدن العراقية تأييدا لحزب “الاردن الحرة” ورددوا هتافات معادية للنظام السياسي في الاردن، فكيف ستكون ردة فعل الحكومة الاردنية على هذا الخبر؟!.

بالتأكيد انها تستنكره وتستدعي السفير العراقي وتسلمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، وقد يصل الامر الى استدعاء السفير الاردني الى عمّان للتشاور.

لأن الحكومة الاردنية ستعتبر تأسيس حزب سياسي في العراق بهدف الاطاحة بنظام الحكم في الاردن عملا عدائيا وفق الاعراف والمواثيق الدولية.

لكن مضمون الخبر أعلاه حدث تماما في الأردن قبل نحو اسبوعين، حيث أسس عدة آلاف من الأردنيين “حزب البعث” في عمّان بهدف الإطاحة بالنظام السياسي في العراق، ومع أن أهداف الحزب تتعارض مع مبدأ حسن الجوار فقد حصل الحزب بأهدافه تلك على إجازة مفوضية الانتخابات الاردنية.

لكن ما يثير الاستغراب حدّ الدهشة أن الحكومة العراقية بوزارة خارجيتها تغافلت عن هذا الحدث ولم تعره أدنى اهتمام مع أنه يعتبر انتهاكا صارخا لسيادة العراق وفيه تهديد واضح للسلم والأمن العراقيين.

كما لم تصدر من الاحزاب والكتل السياسية العراقية باستثناء “حزب الدعوة الاسلامية” بيانات ادانة واستهجان لهذا التصرف الاردني، وهو ما يضعها في مواجهة جمهور واسع من ضحايا حزب البعث في العراق.

بلا شك يدرك الاردنيون خطورة إقدامهم على إجازة حزب تتخطى أهدافه غير المشروعة حدود الاردن، وتهدد أمن وسيادة واستقرار بلد عربي مجاور. ومع ذلك أجازوه، وللموقف الرسمي الاردني هذا عدة تفسيرات كلها في غير صالح العلاقات العراقية – الاردنية.

وأبرز التفسيرات أن الأردن ومنذ زيارة وفده البرلماني الى العراق مطلع العام الجاري ولقائه مسؤولين وسياسيين عراقيين بهدف الحصول على مساعدات عينية ومالية لدعم الاقتصاد الاردني، بدأ ينتهج سياسة الابتزاز مع العراق.

فتلك الزيارة لم تحقق النتائج التي كان الاردنيون يرجونها، حيث لم يحصل الاردن على إعانات عراقية بعد أن تعذر الجانب العراقي بصعوبة الاوضاع الاقتصادية العراقية وعدم قدرته على تقديم مساعدات الى الاردن على حساب المواطنين العراقيين.

منذ تلك الزيارة أطلق الاردن العنان لأرملة حسين كامل، رغد بالتدخل في شؤون العراق وإطلاق تصريحات معادية ضد العملية السياسية، وتوج الموقف الاردني بإجازة حزب البعث ومنحه صفة رسمية للعمل على التنظيم والعمل في العراق والاردن.

ولكن كما لدى الاردن وسائله لابتزاز وتهديد العراق، فللعراق الرسمي والشعبي أوراقه القوية للضغط على الاردن، وهناك تحركات شعبية عراقية لتنظيم مظاهرات احتجاج امام السفارة الاردنية في بغداد، والدعوة لمقاطعة البضائع الاردنية، ومطالبة الحكومة العراقية بإيقاف التسهيلات الجمركية الممنوحة الى الاردن.

وعلى الحكومة الاردنية ان تختار بين اللعب الخشن واللعب الناعم.

 

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

 

شاهد أيضاً

وزارة الداخلية : إصدار أحكام الإعدام بحق (82) تاجر مخدرات في العراق

كشفت وزارة الداخلية تفاصيل عملية الردع الرابعة الخاصة بمكافحة المخدرات والتي أطاحت بـ116 متاجرا دوليا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *