تنفيذاً لعملياته القائمة على الغدر والمواربة، يستخدم كيان الاحتلال وحدة “المستعربين”، التي تنخرط في المجتمع الفلسطيني. بملامح عربية وسلاح خفي يندسون بمناطق المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال. وتصاعدت وتيرة نشاطاتها بشكل شبه يومي منذ أوائل العام الماضي. ومع استمرار عملية “ثأر الأحرار” التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية، تعود هذه الوحدة إلى الواجهة خاصة في مدن ومناطق الضفة الغربية.
في محاولة لمواجهة وتيرة العمليات الفدائية المتصاعدة في القدس وبقية الأراضي المحتلة، منح رئيس الوزراء الكيان الصهيوني السابق، نفتالي بينيت في أوائل نيسان/ أبريل قوات الأمن الصهيونية الحرية الكاملة للعمل ضد الفلسطينيين. وسبق ذلك نشر 12 كتيبة إضافية من الجيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة وكتيبتين على حدود غزة.
ومن وجهة نظر صهيونة ، “تهدف التدابير الأمنية المكثفة، التي تتحقق أساساً من خلال القوة العسكرية المفرطة، إلى قمع المعارضة الفلسطينية”. لكن نادراً ما ترجمت هذه الأساليب إلى مكاسب استراتيجية طويلة الأجل، ويرجع ذلك جزئيا إلى حقيقة أن الأدوات العسكرية التقليدية محدودة بشكل ملحوظ عند استخدامها ضد الحركات الشعبية أو السكان المدنيين، وهم اصحاب الارض في الحالة الفلسطينية، ويقاومون محتلاً هم يعتقدون بضرورة طرده.
وللتعويض عن بعض أوجه القصور التكتيكية هذه، اعتمدت إسرائيل منذ فترة طويلة على أحد أساليبها التقليدية للقمع، وهي الوحدات السرية المعروفة باسم “مستعرفيم”.
ويشمل نطاق عملياتهم، على سبيل المثال، جمع المعلومات الاستخباراتية، والشرطة السرية، والتسلل ومكافحة الشغب، والعمليات السوداء، والاغتيالات.
وتستخدم هذه الوحدة التي يطلق عليها الفلسطينيون اسم “فرق الموت”، جملة من التكتيكات التي تقوم على التمويه. وبحسب تحقيقات صحفية، فإن قوات الاحتلال قد نفذت مداهمات في المناطق المكتظة بالسكان في نابلس وجنين، عن طريق التسلل لهذه المناطق، حيث تنشر القوات الإسرائيلية سيارات تبدو وكأنها مدنيّة و جنود يرتدون ملابس مدنية ايضاً، ثم يداهم الجيش منازل الفلسطينيين مستخدماً منازلهم قواعد عسكرية لتمركز قناصيه، ويطوّقون المنزل المستهدف بحصاره من المنازل حوله من جميع الجهات.
كشف تحقيق تطبيق الجيش الحتلال تقنية طنجرة الضغط خلال مداهمات نابلس وجنين من يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضي، عندما طوّقوا المنزل المستهدف الذي زعموا أن مقاتلي المقاومة الفلسطينية يحتمون فيه، ثم هاجموه بالصواريخ المضادة للبناء، مستخدمين بناء المنزل سلاحا ضد مقاتلي المقاومة الفلسطينية الموجودين داخلَه.
تسند للمستعربين مهام عدة منها الاندساس بين الفلسطينيين لاعتقال شخص مطلوب او جمع معلومات استخبارية او قتل شخصيات من المقاومة ومنهم من ينشطون داخل السجون الاسرائيلية ويسمون “العصافير” وهؤلاء يدخلون السجون على هيئة سجناء أمنيين وتكون مهمتهم نسج علاقات مع الاسرى في سجون الاحتلال للحصول على معلومات مهمة منهم. اما النوع الاكثر اثارة فهم المستعربون الذين يذهبون للعيش وسط الفلسطينيين فيخالطونهم لسنوات طويلة حتى يكونوا عيناً حيّةً للاحتلال من داخل صفوف الشعب الفلسطيني. وتكاثرت وحدات المستعربين ومسمياتها، كوحدة شمشون في محيط قطاع غزة ودوفدوفان في الضفة الغربية.
خلال جولة القتال الحالية، يتوقع خبراء مراقبون ان تنشط وحدة المستعربين بشكل لافت، خاصة وان العمليات الفدائية في الاراضي المحتلة والداخل المحتل باتت تتزايد مع كل موجة تصعيدية بين كيان الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، في محاولة لتثبيت معادلة جديدة، تكون فيها العمليات الفدائية والاستشهادية في الداخل المحتل، كإطلاق النار والطعن والدهس، إحدى ركائز التصعيد والعمليات العسكرية بين الجانبين. وبالتالي، انهاء الواقع الذي كان يقضي سابقاً، بفصل الساحات الفلسطينية عن بعضها البعض خلال المواجهات.