محمد هاشم الحجامي ||
منذ أول ما ظهرت الحركة الوهابية كان البقيع و كربلاء محط اهتمامها وتسعى بكل السبل لهدمهما ومحور أثرهما فهجمت عام ١٨٠١ على كربلاء ونهبت وقتلت وخربت وفعلت الافاعيل وكانت وجهتها الثانية هي المدينة المنورة (على ساكنها وآله الصلاة والسلام ) والهدف القبة الشريفة لخير الخلق ومقبرة البقيع التي تعرضت للتخريب مرتين ، الأولى كانت في العام ١٢٢٠ ه حيث هدم الخوارج الجدد المقبرة الشريفة وبعدما طردهم الاتراك العثمانيون اعادوا بناءها مرة أخرى والثانية في الثامن من شوال عام ١٣٤٤ ه حيث قامت المجاميع الوهابية بهدم اضرحة ال البيت والصحابة في البقيع والتي هي من أهم مقابر المسلمين إن لم تكن الأهم على الاطلاق ففيها أربعة من أئمة ال البيت ومئات الصحابة والتابعين وخيار المسلمين فأول من دفن فيها الصحابي الجليل زرارة بن اسعد ومن ثم عثمان بن مضعون ثم توالى دفن الدفن فيها .
فالبقيع ليست مجرد جبانة لدفن الموتى إنما هي تأريخ أمة ونقطة انطلاق لمسيرة ١٤ قرنا من تاريخ الإسلام ومعلما وشاهدا على اول صحابي مات في المدينة المنورة وتوثيق لشهداء بدر أول منازلة بين الحق والباطل وعلى ترابها وقف أعظم عظماء الاسلام وقرأ الفاتحة وترحم على موتاها.
فما حصل هو مخطط لمحو ذاكرة أمة ونسف إرثها ولتشكيك الناس بها فحينما لاتجد الأجيال أثرا ولا شاهدا على دينها تبدأ تطرح الأسئلة حول حركة الاسلام ومن اين انطلق وما محطاته التي مر بها والى أين وصل ؟ واين ولد وعاش النبي ؟ واين بعث وفي اي مكان تزوج ؟ واين سكن بعد الهجرة ومن أصحابه وما آثارهم ؟ وهكذا .
فكل تلك التساؤلات بحاجة إلى دليل مادي وأثر ملموس وهي جميعا هدمت من موضع ولادته في الجمرات والى بيت خديخة سلام الله عليها إلى الخندق الذي يؤرخ لمعركة الأحزاب إلى قبور شهداء الاسلام في بدر أو أحد وغيرها .
كأننا صرنا أمة بلا أثر يشهد لها فهنا يدعي كل مدعي ويتطاول كل متنطع ويشك كل مغرض بأن الإسلام مجرد وهم وصناعة فضائية لا يوجد شئ يدل عليه ولا موضع يخبر الناس عنه .
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني