علي عليه السلام يوم سقوط الصنم

ضياء ابو معارج الدراجي ||

كانت صورة الطاغية صدام منذ عام ١٩٨٠ تحتل صداره جدار غرفة استقبالنا وتنتقل معنا من بيت الى اخر فهي التعويذة التي تبعد عنا شر البعثية واجرامهم و السحر الذي يغشي أعينهم ليتجاوزوا عن أخطائنا في حق دولتهم التي ورثوها عن طريق القمع والقتل والاغتيالات والدم.

فنحن الشيعة الموالين لعلي عليه السلام سيئتنا في حقهم بمئة سيئة ولا تمحوها مليون او مليار حسنة،دماؤنا كانت الثمن الوحيد للتكفير عن اي ذنب لنا في حق البعث وقائده،كل هذا لاننا نعتنق المذهب الديني الذي تعتنقه ايران الدولة التي يحاربها صدام وبعثه وربما كان الاختلاف المذهبي بين قائد البعث وعشيرته وبيننا هو السبب باختلاف الموروث الديني عبر التاريخ وخصوصا قضية مقتل الخليفة الثاني على يد ابي لؤلؤة النهاوندي الموالي لامير المؤمنين علي عليه السلام بالإضافة الى العداء الاموي لعلي و اولاده وانصاره عليهم السلام .

ان مصطلح الذيول والتبعية الذي نسمعه ضدنا اليوم بعد اربعين عام منذ بداية الحرب العراقية الايرانية عام ١٩٨٠ مشتق من المصطلحات التي كانت يطلقها علينا البعثية و مواليهم في دولتهم الغابرة كالمجوسي و الفارسي و الايراني والتبعي بالاضافة الى التنمر على عبادتنا وصلاتنا واقوالنا في حق اهل البيت عليهم السلام حتى حرمونا من طقوسنا الدينية واعارفنا وتقاليدنا لان ادائها كان يعتبره البعثية وقائدهم مولاه لايران ونصب العداء للبعث وقائده ومذهبه ، ولا يزال هذا التنمر والتشكيك والحقد متوارث بينهم حتى بعد سقوط دولتهم عام ٢٠٠٣ وتوضح بشكل جلي خلال الثورة الرقمية في تطبيقات التواصل الاجتماعي والاجهزة الذكية بواسطة ملايين التعليقات المسيئة والتنمرية ضد اي منشور شيعي ديني عراقي سياسي او اقتصادي او ذا طابع تعبدي وخصوصا بعد تشرين ٢٠١٩ والحملة التي اسقطت الحكومة الشيعية تحت شعار نريد وطن .

كما ان الحقد البعثي على الشيعة خصوصا والجنوبية عموما ازداد بعد احداث الانتفاضة الشعبانية المباركة عام ١٩٩١ عندما خسر قائد البعث معركة الكويت وفقد قدرته العسكرية وكاد ان يسقط نهائيا على يد المنتفضون بعد تحرير ١٤ محافظة من سيطرة بعثه لكن جاءت الارادة الامريكية بدفع طائفي سعودية عربي ان يستمر في حكم العراق كهدية له بقمعه ثورة الشيعة في الجنوب والوسط و اطلاق يده باستخدام ابشع انواع القمع والتعذيب ضد الثوار والمواطنين على حد سواء ليكون صاحب اكبر المقابر الجماعية في المنطقة و لا تزال موقع بعضها مجهولا لغاية اليوم .

بعد قمع الانتفاضة الشعبانية استمر البعث في ارسال الحملات التفتيشية عن السلاح بعد ان استقر الامر له وسيطر على عموم العراق عدا اقليم كردستان وقتل مقتله عظيمة من ابناء الشعب العراقي في المحافظات المنتفضة.

وحالنا في بغداد حال الجنوب والوسط كمناطق شيعية ومختلطة كنا نتعرض لهكذا حملات بين الحين والاخر منذ عام ١٩٩١ وما بعده وكانت اول حملة تفتيش لبيتنا في بغداد نهاية عام ١٩٩١ في حينها كنت طالبا جامعيا بعمر التاسعة عشر وكانت صورة رئيس النظام معلقة في غرفة الاستقبال مقابل باب الغرفة يراها كل داخل باطارها الخشبي و زجاجها النظيف بينما كنا نعلق صورة لرسمة امير المؤمنين علي عليه السلام على الجدار المقابل بنفس الحجم بدون اطار ولا زجاج قطعة ورق مقوى مسمرة عليه بمسامير صغيرة عندما رأها امر الحملة البعثي تطاولت يده عليها محاولا انزالها من الجدار بيده فمزق اسفل يسارها بمقدار شبر واحد بشق عرضي فقط و تفاديا للشر وللحفاظ على ارواح العائلة انزلت الصورة عن الحائط امامهم ولففتها بشكل اسطواني ووضعتها في خزانة ملابس امي حفظها الله لمده ثلاث عشرة عام الى يوم سقوط البعث ونظامه في ٩ نيسان ٢٠٠٣ على يد الامريكان .

انزلت صورة الساقط صدام وفتحت الاطار لامزق صورته واضع بدلها صورة رسمة امير المؤمنين علي عليه السلام مكانها بعد اصلاح الجزء الممزق منها بواسطة شريط لاصق والتي كانت بنفس القياس والحجم لتزين غرفة استقبالنا وسط مخاوف امي حفظها الله و والدي رحمه الله وخشيتهم من بطش البعثية الذي تبخروا تماما بعد ٩ نيسان عام ٢٠٠٣ .

شاهد أيضاً

صداقات العالم الافتراضي وتأثيرها على الواقع..!

بدر جاسم ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *