منذ انتصار خيار المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة، أواخر الألفية الثانية، لم تعد عبارة زوال الكيان المؤقت، مجرد حلم أو شعار، بل صارت هدفاً واقعياً يمكن تحقيقه، بشرط الإعداد والاستعداد، ومراكمة الإمكانيات والخبرات.
أما بالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، فإن اليهود يعيشون بوعيهم الجماعي والتاريخي، عقدة أنه لم تُعمّر لهم دولة أكثر من 80 سنة، بدءاً من “مملكة داوود”، ومروراً بحقبة الحشمونائيم. وبالتالي فإن تجاوز الكيان الحالي للعقد الثامن، سيشكًل مخالفةً لما درجت عليه سنن التاريخ اليهودي.
لكن إذا ما تأملنا في العديد من الأحداث والمحطات الحساسة، التي جرت خلال العقديين الأوليين من الألفية الثالثة، سنجد بأن هناك العديد من المؤشرات التي تؤكد بأن زوال الكيان المؤقت الحالي بات قريباً جداً، وربما أسرع مما كان يعتقد أصحاب هذا الهدف أيضاً.
أبرز المؤشرات
1)فشل كل محاولات إسرائيل ومن خلفها أمريكا ودول المعسكر الغربي، في القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل، من الحروب والاغتيالات والأسر، وصولاً الى كافة أشكال الترغيب المادية. بل العكس ما حصل من خلال صعود حركات ومجموعات مقاومة جديدة، أثبتت بأن الجيل الحالي من الشعب الفلسطيني، هو جيل لا يثق إلا بخيار المقاومة لتحرير الأرض. ولم تعد مواجهة الشعب الفلسطيني للكيان المؤقت تقتصر على ساحة دون أخرى، بحيث بات هناك 4 ساحات: غزة، الضفة الغربية، الداخل المحتل عام 1948، ودول الطوق في لبنان ومصر والأردن (تأكد نشاط هذه الجهات مؤخراً).
2)فشل المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومن يتبعها من دول عربية، في الحرب على سوريا بهدف كسر عقدة الوصل الإستراتيجية لمحور المقاومة، رغم إنفاقهم أكثر من 2 تريليون دولار، واحضارهم لآلاف الإرهابيين من أكثر من 50 دولة في العالم.
وبالرغم من أن هذا المعسكر لم يعلن هزيمته رسمياً، إلا أن انفراط عقده، وعودة أغلب دوله العربية لإعادة وصل العلاقات مع دمشق، تؤكد على حقيقة انتصار سوريا شعباً وجيشاً ودولةً ومعهم جميع حلفائهم في محور المقاومة.
3)فشل المعسكر الأمريكي في المواجهة مع حزب الله، بكافة أشكال الحروب عسكريةً كانت، أم أمنية، أو سياسية وإعلامية واقتصادية، وعبر مختلف الوكلاء. وآخر هذه الهزائم ما حصل للخطة الممنهجة منذ العام 2017، لحصار لبنان بمقاومته وبيئتها اقتصاديا واجتماعيا، من أجل إرغامهم على تنفيذ مصالح الإدارة الأمريكية وأتباعها، إلّا أن النتائج جاءت عكسية بشكل كامل، وتجسّد ذلك في الانتصار اللبناني الذي تحقق في ملف ترسيم الحدود البحرية.
4)مواجهة المجتمع الإستيطاني لخطر انقسام حاد داخله، بين ما يغرف بمعسكر العلمانيين ومعسكر اليهود المتدينين، ووصول الاشتباك السياسي بينهما الى حال تهدّد وجود الكيان من الداخل بفعل حرب أهلية.
5)هزيمة تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، رغم ما أنفقته دول هذا التحالف وفي مقدمتهم السعودية، بحيث قدّرت التكلفة المادية لقواتها القتالية يومياً حوالي 200 مليون دولار أمريكي. وفي المقابل حصل انضمام دولة جديدة الى محور المقاومة، أعلن قادتها خلال مناسبات عديدة، مشاركتهم في هدف إزالة الكيان والمؤقت، ومواجهة كل مشاريع الهيمنة الغربية في المنطقة.
وبعد 8 سنوات من هذا العدوان، أثبت اليمن انتصاره على تحالف العدوان، حينما أرغم الرياض على التفاوض معه، والإذعان لشروطه، وذلك لخشيتها من تكرار صنعاء لسيناريو استهداف منشآتها النفطية التابعة لشركة آرامكو عام 2019.
6)فشل أمريكا في مواجهتها للجمهورية الإسلامية في إيران طوال أكثر من 44 عاماً من كافة أشكال السياسات العدائية، التي تهدف إلى إجهاض الثورة الإسلامية، التي كان لانتصارها عام 1979 تأثيرات جيوسياسية على المنطقة والعالم، وهذا ما ظهر جلياً في محطات عديدة.
7)فشل المخطط الأمريكي في فنزويلا، ومن بعدها في العديد من دول أمريكا اللاتينية، التي تعدّ الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، وعليه فإن الداعم الرئيسي للكيان بات يواجه تحديّات استراتيجية ضده.
8)صعود أقطاب دولية جديدة منافسة لأمريكا، كالصين من خلال الاقتصاد وروسيا من خلال القدرات العسكرية، وفشلت كل محاولات واشنطن حتى الآن لاستهدافهما وإضعافهما، لتبقى هي المهيمنة على العالم اقتصاديا وعسكرياً، بل ما حصل هو العكس تماماً، بحيث باتت مهددة في الكثير من الساحات عسكرياً ومالياً واقتصادياً بفقدانها عامل الهيمنة، بل بات هناك مخاطر داخلية تهدد استقرارها أيضاً.
9)تراجع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، والتي بدأت منذ تحرير العراق عام 2011 بفعل حركات المقاومة هناكز وتمظهرت في الآونة الأخيرة بالإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، والذي لم ترضى عنه واشنطن بل وتفاجئت به.