دبلوماسي روسي: انتصارنا بات وشيكاً ولن نثق بالغرب بعد الآن

نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، يعتبر أن الغرب مسؤول عن إدامة أمد الصراع في أوكرانيا، وهو الذي يضغط على زيلينسكي حتى يرفض الحلول السياسية.

عام على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. تغير الكثير منذ منتصف شباط/فبراير 2022. تغيرت حدود دول، وتبدل شكل العلاقات والتحالفات، والحرب التي بدأت في إقليم دونباس، وجدت صدى لها في كل العالم.

الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، ورغم الخسائر والصعوبات، ما زال يصر على دعم أوكرانيا بالسلاح، وبالتالي إطالة أمد الحرب، فيما تغرق دول أوروبا في أزمات اقتصادية واجتماعية متعددة جراء هذه الحرب.

روسيا من جهتها تمتص الاندفاع الغربي، وتعيد ترتيب خطوطها وتحركاتها في كل مرحلة. ولا يبدو أن العقوبات الغربية المكثفة على الاقتصاد الروسي تركت أثرها في الشارع الروسي، على الأقل على المدى القريب والمتوسط، فأين أصبحت العملية الروسية في أوكرانيا؟ وهل حققت أهدافها وباتت على وشك أن تنتهي أم أنها قد تتوسع لتصبح حرباً عالمية؟ وكيف تنظر موسكو إلى علاقاتها الدبلوماسية المتبدلة بعد العملية، وخصوصاً في الشرق الأوسط؟

نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، يجيب عن هذه التساؤلات، ويعتبر أن الغرب مسؤول عن إدامة أمد الصراع في أوكرانيا، وهو الذي يضغط على زيلينسكي حتى يرفض الحلول السياسية التي يؤكد أن روسيا منفتحة عليها في كل الأوقات.

ويرى الدبلوماسي الروسي أن العالم الجديد يتشكل بالفعل، “بصرف النظر عما إذا كان الغرب يحب ذلك أم لا”.

في ما يلي نص الحوار كاملاً:

– بعد عام على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، كيف تقيّمون الوضع بشكل عام اليوم؟ هل تبدو روسيا أقرب إلى النصر؟

لقد أطلقنا عمليتنا العسكرية الخاصة ضد نظام كييف قبل عام لتحقيق عدة أهداف واضحة. كان أحدها وقف الحرب الوحشية ضد سكان شرق وجنوب أوكرانيا، والتي يشنها هذا البلد منذ 8 سنوات بتواطؤ كامل مع بعض الدول الغربية.

هذه ليست حرباً ضد أوكرانيا. إنها عملية ضد نظام زيلينسكي الإجرامي والفاسد. لو كان الأمر يتعلق بروسيا وأوكرانيا فقط، لكانت عمليتنا قد انتهت بالفعل، لأن الإمكانيات العسكرية لأوكرانيا دمرت أو ضعفت بشدة بعد أسابيع من بداية العملية.

– بدأ المحللون السياسيون والصحافيون يستخدمون مصطلح حرب لوصف هذه العملية الخاصة.. هل يمكنكم القول إن العملية تحولت إلى حرب؟ وهل ترون أنها ذاهبة لتتوسع نحو حرب إقليمية أو عالمية؟

كما تعلمون في هذه اللحظة، اقترحت أوكرانيا خطة سلام واقعية يمكن أن تصبح أساساً جيداً لاتفاقية السلام المستقبلية، لكن الداعمين الغربيين لأوكرانيا قرروا التدخل وإنقاذ “مشروع الحيوانات الأليفة الكارهة للروس” (النازيين الأوكرانيين) من الانهيار.

إنّهم غير مهتمين بأي حال من الأحوال برؤية روسيا وأوكرانيا تعيشان في سلام وتتمتعان بعلاقات حسن الجوار. أصرت لندن وواشنطن على أن يسحب زيلينسكي مقترحاته، وأقنعوه بأن أوكرانيا قادرة على إلحاق الهزيمة بروسيا بمساعدة الأسلحة الغربية.

هي حرب الناتو بالوكالة في أوكرانيا ضد روسيا، إذ يتم استخدام الجنود الأوكرانيين، وكثير منهم مجرد مجندين عديمي الخبرة، كوقود للمدافع، ويتم التضحية بهم من أجل المصالح الجيوسياسية الغربية.

– بعد مرور عام على هذه العملية.. ماذا حققت روسيا؟

أشرنا مراراً وتكراراً إلى أننا سنكون مستعدين للانخراط في مفاوضات هادفة من شأنها أن تسمح لنا بتحقيق هدف العملية العسكرية الخاصة من خلال الوسائل السلمية، وهذا ما نفضله.

حتى الآن، تبدو “خطط السلام” المزعومة من قبل أوكرانيا وحلفائها الغربيين كأنها إنذارات أخيرة بشأن ظروف هزيمة روسيا. لا توجد أسباب لمثل هذا النهج من وجهة النظر العسكرية، فقد أهدرت أوكرانيا بالفعل عدة جيوش، ولم تحقق نجاحاً عسكرياً ذا مغزى.

هذا يعني أن علينا أن نواصل العمليات العسكرية حتى نحقق كل أهدافها بالوسائل العسكرية.

– من هم حلفاء موسكو الحقيقيون اليوم من وجهة نظركم؟

على مدار العام الماضي، بدأ عدد أكبر من البلدان يفهم الأسباب الكامنة وراء العملية العسكرية الخاصة بشكل أفضل، ويفهم أسبابها الحقيقية ودور الدول الغربية فيها. لهذا السبب، نشعر بمزيد من الدعم اليوم. أكثر من 70 دولة غربية فقط وأقرب حلفائها حريصون على مواصلة سياسات الخوف من روسيا.

هذه الكتلة أكثر عزلة بشكل واضح في الأمم المتحدة. وقد أصبح المزيد من الدول أقل استعداداً لدعم الأجندة والقرارات المعادية لروسيا.

– لا شك في أن العقوبات الغربية على روسيا كانت الأقسى في التاريخ. كيف ترون وضع الاقتصاد الروسي بعد سنة من هذه العقوبات؟ هل يملك مقومات البقاء في حال امتدت الحرب لسنوات؟

أثرت العقوبات بشكل واضح في الاقتصادات الأوروبية والأميركية أكثر مما أثرت في روسيا. هذا معترف به بالفعل، حتى من قبل كبار المتخصصين الغربيين. من المستحيل معاقبة دولة كبيرة وقوية مثل روسيا وعزلها. لقد وجدنا أسواقاً جديدة، ونفَّذنا إجراءات جديدة للاعتماد على الذات.

إذا سافرت إلى روسيا، فسترى أن الحياة طبيعية هناك، ولم تنخفض مستويات المعيشة، والعملة قوية، وتم استبدال جميع المنتجين وتجار التجزئة الذين اضطروا إلى ترك علاماتنا بآخرين مستعدين للعمل من دون أي شروط سياسية مسبقة.

وقد أصبح مجتمعنا أكثر تماسكاً وتصميماً على مواجهة المؤامرات الجيوسياسية الغربية المناهضة لروسيا. لذا، من الواضح أن العقوبات جاءت بنتائج عكسية، والغرب يشعر بها.

– هناك إصرار أميركي على دعم أوكرانيا وإطالة أمد الصراع، ولكننا نسمع أحياناً أصواتاً أوروبية غير موافقة على ذلك، هل ترون الموقف الأوروبي متمايزاً عن الموقف الأميركي أو أنه لا يزال ملحقاً به؟

لن أفرق كثيراً بين النهج الأميركي والأوروبي. كلاهما عازمان على مواصلة الحرب بالوكالة مع روسيا بأيدٍ أوكرانية. في الوقت نفسه، أصبح السكان في كل من أوروبا والولايات المتحدة أكثر وعياً بالنيات الحقيقية لنخبهم، وبالمخاطر التي قد تتطور إلى صراع عالمي واسع النطاق.

هناك شيء واحد واضح: بعد كل ما حدث، بعد مقتل مدنيين في دونباس بأسلحة غربية، بعد كل ما تم الكشف عنه من أن اتفاقيات مينسك التي أيدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استخدمها الغرب عن عمد كستار دخان لتسليح أوكرانيا، سيكون الآن “العمل كالمعتاد” من جانبنا. لا يمكننا أن نثق في الغرب بعد الآن.

ما رأيكم في المبادرة التي طرحتها الصين في الآونة الأخيرة؟ وكيف ترون التضاد بين الموقفين الأوكراني والأميركي منها؟

إن الاقتراحات الصينية انعكاس لرغبة هذا البلد في تحقيق السلام والعودة إلى الدبلوماسية والحوار. هذا جدير بالثناء. إنه لافت للنظر بشكل خاص على خلفية الإنذارات غير المجدية الأوكرانية والغربية لروسيا.

– تصريحات المسؤولين الروس تؤكد أن العالم الجديد يتشكل انطلاقاً مما يحدث في أوكرانيا، هل ترون أن هذا العالم أصبح قريباً أم أنه كلام إستراتيجي بعيد المدى؟

من الواضح أن هذا العالم يتشكل بالفعل، بصرف النظر عما إذا كان الغرب يحب ذلك أم لا. إنها العملية التي لا تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها إيقافها، وهذا يجعلهم يشعرون بالجنون.

سرعت الأزمة الأوكرانية هذه العملية من خلال فضح النفاق الغربي والأهداف الحقيقية في العالم، التي تتمثل في الحفاظ على الهيمنة الأميركية والمكانة المتميزة لما يسمى بـ”المليار الذهبي” بأي ثمن.

– بخلاف المتوقع، تقاربت موسكو مع عدد من الدول العربية بعد العملية في أوكرانيا، كيف ترى روسيا علاقاتها مع هذه الدول في العموم؟

نحن نقدّر تفهم الدول العربية ودعمها، وعلينا الاستفادة من ذلك والمضي قدماً لتحسين علاقاتنا الاقتصادية والسياسية في العالم الجديد الناشئ وتعميقها.

نحن نتفهم أن بعضها يمثل ضغطاً غربيّاً وابتزازاً ضعيفاً للغاية، لكننا ما زلنا نأمل ألا يتركوا أنفسهم عرضة للترهيب والتلاعب من أجل المصالح الجيوسياسية الغربية.

– هل تعتقد أن أشهر هذا الربيع ستكون حاسمة؟

أنا دبلوماسي، ولست إستراتيجياً عسكرياً، لكنني على ثقة تامة بأن انتصارنا بات وشيكاً وقريباً، لأننا نمتلك الحقيقة، ولأن الفطرة السليمة إلى جانبنا.

شاهد أيضاً

برشلونة يبدي اهتمامه بنجم اليونايتد لأخذ مكان ليفاندوفسكي

كشفت تقارير صحفية إسبانية، عن مفاجأة جديدة بشأن خطة نادي برشلونة لتدعيم خط هجوم الفريق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *