بقلم || فهد الجبوري
الزيارة كان لها عدة أهداف حسب تقرير لموقع المونيتور نشره اليوم الأربعاء ١٤ أيلول ٢٠٢٢:
تخفيف حدة التوتر في العلاقات الثنائية الذي برز بعد الحادث الدموي في تموز ، وتاكيد عزم تركيا على الاستمرار في عملياتها العسكرية على الارض العراقية ، ومحاولة التأثير على المأزق السياسي العراقي الراهن ، كانت من بين اهم القضايا التي تابعها المسؤول التركي في العاصمة بغداد .
وقال التقرير ان رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان كان اول مسؤول تركي رسمي يجري مباحثات رفيعة المستوى في بغداد بعد التوتر الذي شاب العلاقات العراقية -التركية في تموز الماضي . وأضاف بقدر ما كان فيدان يسعى الى ترطيب العلاقات بين البلدين ، فإنه يحاول ايضا ممارسة النفوذ في الأزمة السياسية العراقية .
وكانت التوترات قد نشبت حول الهجوم الدموي في منطقة باراخ ، وهي منتجع سياحي في كردستان العراق ، وهو الهجوم الذي قالت عنه بغداد انه قد تم تنفيذه من قبل الجيش التركي وأسفر عن مقتل تسعة مدنيين وإصابة اكثر من ثلاثين آخرين وذلك في العشرين من تموز الماضي . وقد أثار ذلك العمل الغضب عند الطيف السياسي العراقي برمته .
وجاء في التقرير ان المذبحة جاءت وسط قلق عراقي متنامي من مساعي تركيا المستمرة في ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض على الارض العراقية ، والتي قد توسعت على نحو كبير خلال السنوات الأخيرة .
وقال التقرير ان فيدان التقى في بغداد رئيس الجمهورية برهم صالح ، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي . وقد أكد التزام تركيا بوحدة الأراضي العراقية ، لكنه شدد على ان العمليات العسكرية التركية عبر الحدود سوف تستمر مادام حزب العمال الكردستاني يحتفظ بوجوده على أرض العراق وفقا لما ذكرته الصحافة الكردية العراقية .
وقد قال فيدان ان تركيا مستعدة لتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في مذبحة باراخ ، والتي نفت انقرة مسؤوليتها عنها .
وأشار التقرير الى العرض الذي قدمته وزارة الدفاع العراقية الى مجلس النواب بعد وقوع المجزرة ، وقال أن تركيا قد أقامت اكثر من ١٠٠ قاعدة عسكرية على الأراضي العراقية ، تمتد الى ١٠٥ كيلومتر عن الحدود ، ونشرت اكثر من ٤ آلاف عسكري داخل العراق ، مجهزين بالدبابات ، وطائرات الهليكوبتر ، والأسلحة الثقيلة .
ونقل التقرير ايضا تصريحات سابقة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان في شهر آب الماضي أكد فيها نية انقرة في توسيع قواعدها والمحافظة على وجود دائم في العراق ، حيث ربط خطته بإقامة منطقة آمنة في سوريا بالعراق ، متعهدا بتأمين حدود تركيا الجنوبية من النهاية الى النهاية من خلال ممر يمتد الى عمق ٣٠ كيلومتر .
وطبقا لمصادر قريبة من حزب العمال الكردستاني ، فإن زيارة فايدن للعراق تستهدف الحصول على دعم لحملة عسكرية في الخريف القادم لان تركيا قد فشلت في تحقيق أهدافها في مناطق الزاب ، وميتانا وآفاشين الحدودية ، وهي المناطق التي توجد فيها معسكرات ومقرات حزب العمال الكردستاني منذ أمد بعيد .
وأشار التقرير ايضا الى مباحثات المسؤول التركي مع عدد من القادة السنة العرب في العراق . فقد التقى بالإضافة الى الحلبوسي زعيم حركة عزم خميس الخنجر حيث أكد نصيحة انقرة على أهمية توحد السنة في عملية تشكيل الحكومة العراقية . وعلى الجانب الشيعي التقى مع فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي .
وقد ناقش فيدان خلال تلك الاجتماعات عمليات تركيا العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني ، وقضية اقتسام المياه ، وإمكانية قيام تركيا بتجهيز العراق بالمعدات العسكرية والمساعدة في التغلب على الأزمة السياسية في العراق .
وقد سرد التقرير تفاصيل اخرى عن الزيارة والدور الذي يلعبه رئيس جهاز المخابرات التركي في ميدان السياسة الخارجية لأنقرة مشيرا الى ان دور فيدان في هذا المجال قد ازداد في السنوات الأخيرة ، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن . وفي لقائه مع الخنجر تحدث عن تدخل المخابرات التركية في القضايا السياسية ايضا . واتصالاته في العراق وتركيا وليبيا تستحضر الدور الذي كان يلعبه قاسم سليماني في الشؤون الخارجية لإيران .
ويقول التقرير ان زيارته لبغداد ينبغي ان ترى على انها جهد يستهدف تحقيق هدفين في نفس الوقت وهما اعادة تكييف العلاقات الثنائية بعد مجزرة باراخ ، ومحاولة التأثير في أزمة تشكيل الحكومة في العراق .
ويذكر التقرير في هذا المجال ان فيدان في شباط الماضي ساعد في جلب المتخاصمين الحلبوسي والخنجر الى إسطنبول لإجراء مباحثات مع اردوغان . تحالف السيادة الذي تشكل من تكتل الحلبوسي والخنجر ، وكذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني قد انضموا الى مسعى الصدر لتشكيل حكومة الأغلبية ، الأمر الذي اشعل فتيل الانقسامات بين الشيعة ، وحرض تركيا ضد ايران في حالة الجمود السياسي الذي يعاني منه العراق منذ اكتوبر ٢٠٢١.
ويقول التقرير وفي وسط تنافس النفوذ بين ايران وتركيا في العراق ، جاء الصدر على انه اهون الشرين لأنقرة ضد الإطار التنسيقي ، وهو التحالف الذي يضم المجموعات المؤيدة لإيران ، ولكن ردة فعل الصدر القوية على مذبحة باراخ قد تكون دفعت انقرة الى اعادة النظر في رهاناتها .
ويرى التقرير أن تزايد استياء القوى الشيعية من مواقف تركيا قد يضعف من قدرة انقرة على التأثير في السياسات العراقية . وإذا كان فيدان قد سعى في الحقيقة لتمهيد الطريق أمام تشكيل الحكومة الجديدة ، فإن ذلك سوف يفرح الإطار التنسيقي ، ولكن مع ذلك فقد كان اجتماعه بالخنجر على وجه الخصوص قد ولد على ما يبدو امتعاضا لدى التكتل الشيعي .
ويؤكد التقرير أن تصورات الشيعة عن تركيا قد اصبحت سلبية الى حد كبير خلال الاضطرابات التي مهدت لاحتلال الموصل من قبل تنظيم الدولة في عام ٢٠١٤. ومع انقلاب المشهد السياسي السني رأسا على عقب في أعقاب هذه العملية ، فإن قنوات تاثير انقرة في العراق قد انهارت . وفي مثل هذا الجو قفز كل من الحلبوسي والخنجر الى المقدمة ، وفيما يشيد كلا الزعيمين بدور انقرة ، الا انهما أقاما علاقات قريبة مع الخليج وأظهرا ايضا انهما ابقيا آذانهم مفتوحة لسماع إشارات من ايران ، لذلك تحاول تركيا الان اعادة فتح قنوات التأثير وهي بحاجة الى عمل الكثير للحوار مع الشيعة .
ويشير التقرير ومع انزلاق الأمور الى خارج نطاق السيطرة في بغداد ، فإن تفاهم جديد قد برز بشكل واضح بين انقرة وطهران . بعض المراقبين يعتقدون ان انقرة يمكنها ان تقرب السنة اكثر الى الإطار التنسيقي ، وان خيارا ثالثا قد يحصل وهو اعادة تعيين الكاظمي رئيسا للوزراء لقيادة البلاد الى الانتخابات .
والأكثر تحديدا ، هو أن انقرة تأمل بأن يستلم تحالف السيادة حقيبة الدفاع . ومثل هذا المكسب للسنة ، وفق حسابات انقرة ، قد يساعد في لجم العناصر المرتبطة بقوات الحشد الشعبي والتي أعربت بشكل صريح عن معارضتها لعمليات التوغل التي تقوم بها القوات التركية عبر الحدود ، وقاموا غالبا باطلاق النار على القاعدة التركية في بعشيقة بالقرب من الموصل .
وجاء في التقرير أنه بعد زيارة فيدان ، سافر الحلبوسي والخنجر الى اقليم كردستان لإجراء مباحثات مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وذلك يوم ١١ أيلول . وقد شددت الأطراف على أهمية الحاجة لانطلاق حوار بناء لحل الانسداد السياسي قبل اجراء الانتخابات المبكرة .
وقال التقرير نقلا عن مصادر كردية أن كلا الطرفين الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة لم يقبلا بمرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني . وعلاوة على ذلك ، فقد أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني تحفظه ضد برهم صالح الذي أعاد الاتحاد الوطني الكردستاني ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية . والبعض يعتقد أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد يعطي إيماءة لمرشح آخر من الاتحاد الوطني لفك العقدة .
المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة
بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني