أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال، مصطفى الكاظمي، اليوم السبت، استعداده لتسليم زمام الأمور للحكومة المقبلة، مؤكدا تسليمها لمن يأتي بعد حكومته بشرف وأمانة.
وقال الكاظمي، في كلمة له خلال المؤتمر الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة، وتابعته “الغدير”، إن “الوقوفَ مجدداً لتكريمِ المرأةِ عموماً والمرأةِ العراقية المضحيةِ المخلصةِ الصبورةِ على وجه الخصوص هو مدعاةُ اعتزازٍ وفخر، وإن الدور الذي أدته المرأةُ الأم والأخت والبنت في الواقع العراقي كان على الدوام دورَ سلمٍ وصبرٍ وتحمّلٍ للضغوط والأزماتِ وكان دورَ إسهامٍ فاعل في بناء كيانِ المجتمع وتقديمِ كلِ التضحيات لتحصين الأسرة والوطن”.
وأضاف: “أنا حقيقةً أودُ أن أتحدثَ اليوم عن الوضعِ الراهن الذي يهم مستقبل جميع العراقيين، وعلى رأسهم أمهاتُنا وأخواتُنا وبناتنا وأزواجُنا واللواتي هنَ أكثرُ من تضررن من أي أزمة أو صراع حصل سابقاً على أرض العراق”.
وبين: “كم من أرملةٍ ويتيمة وأختٍ فاقدة لإخوانها وأمٍ فاقدة لأبنائها لدينا اليوم في العراق؟ وأولاءِ كلُهن نتاجُ سياساتٍ خاطئةٍ اتخذها القادةُ في الماضي، ونتيجةُ فقدانِ العقلانية والحكمة والصبر في القرارات، ونتيجةُ غيابِ صوت الحوار والنقاش السليم”.
وتابع: “نقول إن الأزمات العراقية ليست بلا حلول، وإن هناك دائماً طرقاً لنختارها، فإما طريقُ الأزمةِ والفوضى والصراع السياسي وتهديد السلم الاجتماعي، وإما طريقُ الاستقرارِ والأمن والبناء والازدهار”.
وأوضح: “هل أزماتُ العراق على كل المستويات ميؤوس منها؟! هذا ما يحاولُ بعضُ اليائسين أو مصدري الإحباط للمجتمع زراعته في عقول الناس وإجبارهم على تصديقه”.
واردف: “كانت لدينا أزماتٌ أمنية طاحنة، وكنا ندفع يومياً شهداءَ في شوارع كل المدن، وكان داعش الإرهابي ينشر الرعب، وكان البعض يتحدث بيأس عن إمكانية تحقيق الأمن، ولكن -الحمد لله- بحضورِ فتوى مرجع السلام والمحبة الإمام علي السيستاني أدام اللُه ظله، وبالتفافِ كلِ العراقيين والقوى السياسية الوطنية حول قواتنا المسلحة بكل صنوفها قاتلنا المعتدين على أرواح شعبنا، وانتصرنا عليهم، وطاردناهم، وطوال العامين الماضيين أَمِنَ العراقيون على مدنهم وأرواح أبنائهم من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وسواها”.
وأكد: “هل نحن بأزمة أمنية اليوم؟ لا… نحن في هذه اللحظة بأزمة سياسية، وصراع بين إخوة الوطن الواحد، وبين من كانوا يقاتلون الإرهاب في خندق واحد.. ولكن للأسف هذه الأزمة السياسية تهدد المنجز الأمني، وتهدد استقرار الناس، ونعم.. الناس باتت تشعر بالقلق مجدداً”.
وقال الكاظمي: “كان لدينا أزمة اقتصادية خانقة بسبب وباء كورونا، وانهيار أسعار النفط، والتضخم في اعتماد الدولة على واردات النفط، والبعض كان وما يزال يتحدث بيأس عن عدم إمكانية تحقيق أي تقدم اقتصادي أو عدم إمكانية أن تسدد الدولة الرواتب للموظفين.. ونحمد الله إننا معاً كعراقيين تجاوزنا هذه الأزمة، ووفرنا الرواتب، وأطلقنا مشاريع للإصلاح الاقتصادي، وحققنا نمواً اقتصادياً فريداً على مستوى المنطقة، وأصبحت كل دول العالم تتطلع للاستثمار في العراق”.
وأردف: “ولكن .. هل تُحلُ الأزماتُ الاقتصادية الكبرى بالتمنيات؟ لا بل تُحلُ بالصبر والتخطيط والتقدم الهادئ، وأما الارتباكات والصراعات فهي تخلق معرقلات للتقدم الاقتصادي”، موضحا: “وأقول في هذا الصدد: العراقُ ما زال يمتلك فرصة كبيرة لتحقيق قفزات اقتصادية إذا ما تكاتفت الأطرافُ السياسيةُ فيه على رأيٍ ثابت كما فعلت في حرب داعش”.
وقال إن “التحدياتُ الاقتصادية الدولية التي قد ننظر إلى تأثيراتها ومخاطرها بعد سنواتٍ قليلة قد لا تقل عن التحديات التي واجهها شعبنا في السابق؛ ولهذا يجبُ أن نبدأَ اليوم العمل بتضامن لتحصين البلد أمامها، وهذه مهمةٌ صعبة وسطَ الخلافات والتقاطعات السياسية ولكنها ليست مستحيلةً إذا ما توفرت الإرادة”.
وعبر عن اسفه من أن “البعض يحاول شخصنة الأزمات.. وأنا قلت سابقاً وأقول اليوم أمامكم: أيتها الأخوات والإخوة.. العراقُ أكبرُ من أي شخص، وأمامَ مصلحةِ العراق وكرامة العراقيين وأمنهم واستقرارهم تهون المناصب والاعتبارات والمسميات”.
ولفت إلى أن “اليوم هناك من يحاول أن يعيدَ لغةَ اليأس والإحباط سائدةً بين العراقيين، ودورُنا ومسؤوليتُنا التأريخية أن نقول لشعبنا: إن أزماتِ العراق ليست بلا حلول، بالأمس كان الحلُ أن يتعاونَ الجميع مع الحكومة والقوى الأمنية والإجراءات الاقتصادية، واليوم الحل هو أن يتراجعَ الجميعُ من القوى المختلفة فيما بينها أمام مصلحة العراق، وأن يكون الجميعُ مستعداً لتقديم التنازلات؛ حتى لا نضيّع الوطن في صراعات وتحديات سياسية”.
وأوضح، أن “العراق أكبر من الجميع.. والعراقيون عبر كل مدن الوطن وقراه يدركون جيداً أن ما نعيشه اليوم ليس صراعاً صفرياً بين الإخوة في الوطن، وإنما هو اختلاف يحتاج إلى الحوار ثم الحوار ثم الحوار لحله”.
وتابع، أن “العراقيين في كل مكان يدركون أن من يخوض الاختلاف السياسي من الطبيعي أن يحمل الآخرين المسؤولية ولا يحملها لنفسه.. ولهذا اقول إن الجميع يتحمل المسؤولية عن التوصل الى الحلول الممكنة لهذه الأزمة، بعيداً عن لغة التخوين والاتهام والتشكيك والتوتير.. وإن مفتاحَ الحل هو جلوسُ الجميعِ على طاولة الحوار الوطني والمصارحة والمكاشفة بأن أزمةَ الثقة الحالية تُحلُ باستعادة الثقة أولاً، ومن ثم الذهاب إلى الاتفاق على الإصلاحاتِ الضرورية التي يحتاجها شعبُنا في كل المستويات والصعد”.
وشدد على “ترميم الثقة بين الإخوة الذين تصدعت الثقة بينهم ليس أمراً ميؤوساً منه أيضاً، بل هو ممكن ومتاح اليوم إذا ما تذكر الجميعُ الأواصرَ العميقة التي تُجمع بينهم، والمسؤوليةَ الوطنية والتأريخية التي يتحملونها”.
وأشار إلى أن “هذه الحكومة فعلت الكثيرَ لحل الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، أو إيجادِ طريقٍ للحل، وقدمنا مؤخراً مبادرة الحوار الوطني التي رحبت بها كلُ الأطرافِ السياسية، ونحن نعتقد أنها الطريقُ السليمُ لحل هذه الازمة وسنبذل كل الجهود لتفعيلها وتطويرها”.
وأكد: “فما يهمنا هو أن يستأنفَ العراقُ مسارَه الديمقراطي الطبيعي وأن يحفظَ دم العراقيين وأمنهم وسلمهم، وأن نقللَ تأثير الخلافات السياسية السلبي على حياة الأسرةِ العراقية، وأن نصونَ المسؤوليةَ الوطنية التي تكلفنا بها، ونسلمها إلى من يأتي بعدنا بشرف وأمانة”. انتهى م4