الحشد والصراع السياسي في العراق اليوم / مكامن القوة والضعف

الدكتور عبدالحسن الجبرة الله ||

لايختلف اثنان ان منظومة الحشد وإن وُصفت اليوم بالأمنية الحكومية لاغراض إدارية وظيفية باعتبارها جزءا” من المنظومة الأمنية الكلية للبلد؛ فإنها بذات الوقت تحمل السمة العقائدية في بنيتها التكوينية والفكرية والعملية؛ كونها ثمرة من ثمرات الفتاوى المباركة لمرجعيتنا الرشيدة المتمثلة بسماحة اية العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (أعلى الله مقامه) وحظيت بتأييد ومباركة مراجع الأمة الكبار سواء في العراق او خارجه؛ ولايتنازع على فضله وجهاده وتضحياته ودماء أبنائه الطاهرة سوى المأزوم بعقد الطائفية المذهبية وذوي النزعة السلطوية واذنابهم من وعاظ السلاطين؛ ومن المؤكد وإن نجح هؤلاء في تحقيق النجاحات في تحقيق من مآربهم الشيطانية برسم صورة معايرة لصورة الحشد الحقيقية في اذهان البسطاء؛ لكن ذلك لم يفت في عضد هذا البناء العقائدي الشامخ بعدما اضحى الحشد حشد المرجعية وحشد الشعب وحشد الأمة الإسلامية؛ فلا ينفك المقاوم اللبناني واليمني والفلسطيني والايراني والسوري وكل الشرفاء الأحرار في العالم في درج الحشد مابين فصائل الأمة المقاومة أسوة بفصائل المقاومة الأخرى ذات الباع الطويل في جهاد أعداء الأمة من الصهاينة وال سعود وال نهيان وفصائل الإرهاب الدولية كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها من الفصائل ذات الفكر الوهابي ؛ وبالتالي حاز الحشد على الهوية الدولية في مناصرة الحق وأهله إلى جانب هويته الوطنية العراقية؛ كل ذلك بفضل الله عز وجل ودماء الشهداء الزكية وفي مقدمتهم الشهداء قادة النصر والرعاية الابوية من لدن المرجعية الرشيدة توجيها” وإرشاد” وعناية مخصوصة بهم.
واليوم وفي خضم مايدور في حلبة الصراع السياسي المأزوم في العراق؛ تطفح بين الفينة والأخرى إلى السطح أصوات من كلا طرفي الصراع ساعية وبكل ماأوتيت من قوة لحشر الحشد الشعبي في المعادلة السياسية للصراع سواء بالتنديد او التأييد للتنظيم؛ في محاولة لكسب التأييد الشعبي لطرف من الأطراف او محاولة الطرف الثاني إنهاء او على الأقل تحييد قوى الحشد الشعبي او اضعاف تأثيره في مجرى الصراع بين المتخاصمين ؛ ومن الأهمية بمكان أن ندرك صعوبة الفصل بين الحشد الشعبي ومتبنيات افراده العقائدية؛ إذ أن هؤلاء المجاهدون لديهم مرجعياته دينية متنوعة ومتعددة ؛ لكن سر قوته تكمن في إجماع عرفي وعملياتي من هؤلاء بأبوية مرجعية النجف الأشرف للمنظومة في أطارها العام؛ لذا نرى ان أية محاولة من اي طرف من أطراف الصراع لتغيير هذه المعادلة من اجل احرار نصرا”سياسيا” عابرا”حتما ستبوء في الفشل؛ إذ ان الحشد الشعبي كمنظومة امنية عقائدية ارتبطت ذهنيا” وفكريا” واجتماعيا” وفي عقلية وتصورات أبناء الأمة بالابوة السيستانية ؛ ناهيك عن ان المجتمع العراقي عامة والطائفة الكبرى _ الشيعية _ تدرك بوعي تام ان انسلاخ الحشد الشعبي عن المرجعية يعني تحوله إلى مؤسسة امنية حالها حال بقية المؤسسات الأمنية الحكومية المحترمة الأخرى؛ ونزع الصفة الجهادية الفتوائية المباركة عنها؛ كما أن اي تنصل من قبل فصيل من فصائل الجهاد عن هذه الصفة المباركة فان ذلك يعني انزوائه وانعزاله عن التأثير الشعبي المجتمعي؛ وبثقة تامة نقول ان مجاهدي الحشد يدركون تمام الإدراك ان التعدد المرجعي ماهو الا عامل قوة اكثر مما هو عامل تفرقة وتمزق فالجميع يرنو بابصاره صوب ذلك البيت المتهالك البناء والصلد والصلب في إيمانه و ارفق من قلب الوالدين في رعايته الابوية للعراقيين والإنسانية جمعاء؛ ذلك البيت الكائن في شارع الرسول صغير الحجم كبير القلب والمحبة.. وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين؛ حفظ الله الأمة والحشد من نزوات السياسة.

المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي القناة

بإمكانكم إرسال مقالاتكم و تحليلاتكم لغرض نشرها بموقع الغدير عبر البريد الالكتروني

[email protected]

Check Also

الأُمَّة تائهة بين إنبطاح العربان وتِبَعِيَّة المسلمين..!

د. إسماعيل النجار ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *