اكتشف فريق دولي من العلماء أن أسفل سلسلة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، تنهار قشرة الأرض باتجاه الوشاح، على مدار ملايين السنين.
ووفقا للدراسة التي نُشرت مؤخرا في مجلة Communications Earth & Environment، تُعرف هذه الظاهرة باسم “تقطر الغلاف الصخري”، وهي تسمية مشتقة من تشظي المواد الصخرية التي تشكل قشرة الأرض والغطاء العلوي.
وهذه العملية الجيولوجية الطويلة، حيث أنها مستمرة منذ ملايين السنين، أدت إلى ظهور تشوهات كبيرة على السطح مثل الأحواض، وطي القشرة والارتفاعات غير المنتظمة.
وهي ظاهرة جيولوجية تغرق فيها كتلة كثيفة وباردة نسبيا من الغلاف الصخري في الوشاح العلوي الأكثر مرونة.
وعلى الرغم من أن هذه العملية تعد مفهوما جديدا نسبيا في مجال الصفائح التكتونية الذي مضى عليه عقود من الزمن، فقد تم تحديد العديد من الأمثلة على “تقطر الغلاف الصخري” حول العالم، بينها هضبة الأناضول الوسطى في تركيا والحوض العظيم في غرب الولايات المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر.
والآن، أكد فريق بحثي بقيادة علماء الأرض في جامعة تورنتو، أن عدة مناطق في جبال الأنديز الوسطى في أمريكا الجنوبية تشكلت بنفس الطريقة.
وقالت جوليا أندرسن، مؤلفة الدراسة الرئيسية وطالبة الدراسات العليا في علم الجيولوجيا في جامعة تورنتو بكندا: “لقد أكدنا أن تشوها على سطح منطقة من جبال الأنديز أدى إلى امتصاص جزء كبير من الغلاف الصخري أسفله”.
وعثر على “التشوه” الذي تشير إليه أندرسن في حوض أريزارو ويتكون من التجاعيد التي كانت تتشكل على السطح حيث تختفي القشرة أدناه.
ويحدث هذا عندما ترتفع درجة حرارة القشرة الصخرية وتكثف، حتى تبدأ في النهاية في “تنقيط” في الوشاح.
وأوضحت أندرسن: “نظرا لكثافته العالية، فإنه يقطر مثل الشراب البارد أو العسل في عمق باطن الكوكب، وربما يكون مسؤولا عن حدثين تكتونيين رئيسيين في جبال الأنديز الوسطى: تغيير تضاريس سطح المنطقة بمئات الكيلومترات، وسحق وتمديد القشرة السطحية نفسها”.
وللوصول إلى هذا الاستنتاج، أعاد العلماء صياغة العملية في المختبر باستخدام خزان ومواد ذات طبقات كوحدات احتياطية للوشاح السفلي والغطاء العلوي والقشرة.
وكشفت أندرسن: “كان الأمر أشبه بإنشاء وتدمير أحزمة تكتونية جبلية في صندوق رمل، تطفو في بركة صهارة مقلدة، وكل ذلك في ظل ظروف قياس دقيقة بشكل لا يصدق”.
وبعد ذلك، تمت مقارنة نتائج النموذج بالدراسات الجيوفيزيائية والجيولوجية التي أجريت في جبال الأنديز الوسطى، ولا سيما في حوض أريزارو، ووجد الفريق أن التغيرات في ارتفاع القشرة التي سببتها ظاهرة التنقيط في المختبر “تتبع بشدة التغييرات في ارتفاع نهر أريزارو”.
وأضافت أندرسن: “لاحظنا أيضا تقصير القشرة المطوية في النموذج، فضلا عن المنخفضات الشبيهة بالحوض على السطح، لذلك نحن واثقون من أن القطرات من المحتمل جدا أن تكون سبب التشوهات الملحوظة في جبال الأنديز”.
أظهرت التجارب أيضا طرقا أخرى يمكن أن يؤدي تقطير الغلاف الصخري من خلالها إلى تشويه قشرة الأرض. ولم يُلاحظ كل هذا في جبال الأنديز، ما يشير إلى أنه قد تكون هناك مناطق أخرى من العالم يمكن فيها ملاحظة أنواع مختلفة من التنقيط، إذا تمكنا من التعرف عليها.
في المقابل، يشير هذا أيضا إلى أن عمليات عدم الاندساس قد تلعب دورا أكثر أهمية مما أدركناه في تشكيل سطح كوكبنا.
وفي الوقت الحالي، تم تحديد تقطير الغلاف الصخري على الأرض فقط، لكن العلماء واثقون من أنه في المستقبل، يمكن اكتشافه من خلال النمذجة والتجريب على الكواكب الأخرى التي لا تحتوي على الصفائح التكتونية، مثل المريخ والزهرة. انتهى م3
المصدر| Communications Earth & Environment