اعتبرت صحيفة “ذا ناشيونال” الصادرة بالإنجليزية، اليوم الاربعاء، أن من بين المهمات الابرز للسفيرة الامريكية الجديدة لدى بغداد الينا رومانوفسكي، الربط “شعبياً” بين المواطنين العراقيين وبين الولايات المتحدة، وتغيير نظرة بلادها للتعامل مع العراق من خلال سياسة “لوم ايران” فقط.
إلا أن الصحيفة، أشارت في تقريرها وز، إلى أن السفيرة الامريكية الجديدة عندما تتولى قريباً منصبها رسمياً في بغداد، ستكون في مواجهة “تحديات خطيرة” في وقت تحاول فيه واشنطن التعامل مع مسألة فراغ السلطة في العراق، والتهديدات الامنية المتصاعدة من جانب ايران، وحركة الاحتجاج التي تسعى الى احدث تغيير هيكلي في البلاد.
وفي تقريرها تحت عنوان “عراق اكثر تعقيداً ينتظر السفيرة الامريكية رومانوفسكي”، لفتت الصحيفة إلى أن السفيرة الامريكية الجديدة (66 عاماً) والتي نالت المصادقة من مجلس الشيوخ الامريكي في الشهر الماضي، تتمتع بأكثر من اربعة عقود من الخبرة داخل دوائر الحكومة الامريكية المختلفة ومجتمع الاستخبارات، مع معرفة باللغة العربية وتركيزها على الشرق الاوسط.
وتابع التقرير أن رومانوفسكي، خلال منصبها الدبلوماسي الاخير لعامين في الكويت، شهت العلاقات بين واشنطن والكويت تحسناً كبيراً، وهي في فيديو الوداع للكويتيين والذي نشرته على حسابها، تحدثت عن الجوانب الثقافية لمهمتها من خلال لقطات لها في الصحراء ومشاركتها في “الديوانيات”، وهو تجمع اجتماعي كويتي تقليدي يمزج بين الفن والنقاشات السياسية.
ونقل التقرير عن رئيس معهد دول الخليج العربية في واشنطن والسفير السابق في العراق والكويت دوج سيليمان، قوله إن مهمة رومانوفسكي في العراق ستكون مختلفة بشكل كامل، موضحا “انها ستدخل وسط عملية صعبة لتشكيل الحكومة”.
وبعدما ذكر التقرير أنه بعد مرور 6 أشهر على انتخابات العراقيين، فأن جهود تشكيل الحكومة الجديدة ما زالت معطلة في ظل استمرار الخلافات حول كيفية تقاسم المناصب الحكومية، تابع قائلاً إن هناك ايضا صراع بين الحركة الاحتجاجية المعروفة باسم تشرين، وبين القوى الطائفية التقليدية، وهو تغيير يمكن ان يحدد الوجهة المستقبلية للسياسة العراقية.
وكانت رومانوفسكي قد أكدت خلال جلسة المصادقة على تعيينها كسفيرة في بغداد الشهر الماضي، أنها ستعمل على تعزيز الدعم لمكونات المجتمع المدني، وقالت للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ان “تعزيز استقلال العراق وحقوق المواطن، سيكون على رأس اولوياتها”، مضيفة انها “ستجشع قادة المجتمع السياسي والاقتصادي والمدني في العراق للتركيز على بناء دولة مزدهرة وقادرة على الصمود”.
ونقل التقرير عن سيليمان قوله ان خبرة رومانوفسكي ستكون لصالحها، بما في ذلك الخبرة الواسعة التي تتمتع بها في العمل عبر ادارات الحكومة الامريكية، في وزارتي الخارجية والدفاع والوكالة الامريكية للتنمية الدولية.
واوضح سيليمان ان بإمكان رومانوفسكي “رؤية الجوانب المختلفة للمشكلة، ومن المهم للغاية في العراق ان تنظر في قضايا الاستخبارات، والعسكر والسياسة والاقتصاد والتجارة ، والقضايا الانسانية وغيرها من القضايا”.
إلا ان التقرير اعتبر ايضاً أن التحدي الامني هو من المجالات الاخرى التي يمكن ان تلقي بظلالها على دور السفيرة الامريكية الجديدة، مذكراً بان فصائل المقاومة تشن هجمات صاروخية على المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الامريكية وحاولت استهداف القنصليات والقواعد الامريكية في العراق.
غير ان الخبير البارز في شؤون العرق في معهد واشنطن الامريكي بلال وهاب اعتبر ان دبلوماسية واشنطن بإمكانها الاستفادة من استراتيجية “تمكين” العراقيين، التي تتخطى سياسة القاء اللوم على ايران، موضحا ان هذه السياسة لن تحقق النتائج المرجوة.
واوضح وهاب انه “اذا ارادت حكومة الولايات المتحدة ان تكون مفيدة ، فانه يتحتم عليها ايجاد طريقة لمساعدة العراقيين”، مضيفا ان العلاقات الامريكية العراقية ما زالت مرتكزة على جانب “الوجود العسكرية الامريكي، بينما لا يزال نطاق العلاقات الاقتصادية والثقافية، ضعيفا”.
وعلى سبيل المثال، اقترح وهاب أن تصدر واشنطن تأشيرات سفر اضافية للطلاب العراقيين، بالإضافة الى تعزيز ودعم الشباب ورجال الاعمال في العراق الذين تعرقلهم الانظمة المصرفية الفاسدة والافتقار إلى الاصلاحات، وذلك بهدف دفع الجانب غير العسكري من العلاقة قدماً.
وأوضح وهاب انه “بسبب تدني ثقة الشركات الغربية في النظام المصرفي العراقي، فانه ليس بامكان الفنان العراقي او صاحب شركة صغيرة ان يبيع الموسيقى على Apple Music او انشاء حساب PayPal”.
وتابع قائلاً إن “العراقيين سيتطلعون الى دورها في ربط الشعب العراقي بالولايات المتحدة على الرغم من عدم فعالية عمل الحكومة العراقية”، مشيراً الى ان السفيرة الامريكية الجديدة ستتعامل مع طبقة سياسية “لا تبالي إلا قليلاً بالرأي العام العراقي والمظالم حول الفساد والحريات المتراجعة والفرص الاقتصادية”.