الشهيد الشيخ مشتاق الزيدي
المواليد : 1979 البصرة العشار
التشكيل : اللواء 2 الحشد الشعبي
تأريخ الإستشهاد : 25 / 12 / 2014
مكان الشهادة : البوحشمة قضاء بلد – محافظة صلاح الدين
حياة الشهيد السعيد الشيخ مشتاق الزيدي (رحمه الله)
ولادته:
هو الشيخ مشتاق عبد القادر حمود ادريس عبد العزيز الزيدي ولد عام ١٩٧٩م في مدينة البصرة “العشار” منطقة الساعي، وانتقل مع عائلته الى محافظة واسط بسبب الحرب العراقية الإيرانية.
شاهد برنامج فتية امنوا – حلقة الشهيد الشيخ مشتاق الزيدي
نشأته العلمية:
تلقى حين بلوغه بعض تعاليم الإسلام على يد أخيه الأكبر لأمه الشيخ ميثاق الشيباني “حاليا معتمد المرجعية الدينية العليا في الكوت” والذي يكبره بسبع سنوات، وبدءا معا يبحثان عن الكتب الدينية التي كان يصعب العثور عليها بسبب المراقبة والمحاسبة الشديدة من قبل الأجهزة القمعية لنظام صدام، وكان أول كتاب اشتراه كان مستنسخا وهو (بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى (عليه السلام)) للطبري الشيعي، حتى جمع مع أخيه مكتبة فيها العشرات من الكتب، وحينما بلغ الـ (18) سنة (1996م ــ 1997م) أصر على الذهاب إلى حوزة النجف الأشرف والتحق بها مع أخيه (الشيخ ميثاق) الذي تخرج آنذاك من الجامعة، ويقول الشيخ ميثاق: “حيث كنّا نسكن معا في غرفة يقرص بردها ويجهد حرها مع عسر مادي ومضايقة من الأجهزة الأمنية لصدام، حتى كنا ننقطع عن الدرس أحيانا بسبب ذلك، لكنه (رحمه الله) كان سعيدا بدراسته وكنا نسير يوميا مسافة طويلة للوصول الى اماكن الدروس”.
ونما غصنه واشتد عوده الى سقوط الطاغية كان له دور في الحفاظ على الممتلكات العامة والكشف عن الخلايا النائمة التي كان يخشى من تجمعاتها، وكان مقداما في هذا الأمر وقد تعرض في احدى المرّات إلى اطلاق نار من قبلهم، كذلك عمل في التبليغ ثم عاد لدرسه وتدريسه.
اساتذته في الحوزة العلمية:
كان قد حضر الشيخ الشهيد (رحمه الله) دروسا كثيرة عند كثير من العلماء والفضلاء في النجف الاشرف في مراحل المقدمات والسطوح، حتى حضر بحث الخارج في الفقه والاصول عند آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم وآية الله العظمى الشيخ محمد اسحاق الفياض وآية الله الشيخ باقر الإيرواني، كما انه قد حضر دروساً وبحوثا في العقائد والتفسير والتاريخ في السنوات العشر الأخيرة من عمره عند المحقق السيد سامي البدري وقد لازمه في بعض أسفاره التبليغية في داخل العراق.
اجازات الرواية:
كان للشيخ الشهيد (رحمه الله) اجازات كثيرة منها:
اجازة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله.
اجازة آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النجفي دام ظله.
اجازة آية الله العظمى السيد موسى الشبيري الزنجاني دام ظله.
اجازة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي دام ظله.
اجازة آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني دام ظله.
اجازة آية الله الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله.
اجازة آية الله السيد محمد باقر الموحد الاصفهاني حفظه الله.
اجازة آية الله الشيخ جعفر السبحاني حفظه الله.
اجازة السيد مرتضى القزويني حفظه الله.
اجازة السيد أحمد الحسيني حفظه الله.
المؤلفات والتحقيقات:
وتوجه (رحمه الله) لتحقيق المخطوطات والمطبوعات الى جانب دروسه فصدر له:
1- تحقيق وتعليق على كتاب (النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر) للعلامة الحلي، شرح الفقيه المقداد السيوري طبع في ايران ثم طبع مرة أخرى من قبل العتبة الحسينية المقدسة.
2- تحقيق وتعليق على كتاب (الزهرات الزوية في الروضة البهية) للشيخ علي العاملي سبط الشهيد الثاني صاحب الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، وصدر منها ثلاثة أجزاء، وأكمل جزئين آخرين وهما في طريقهما للطبع، وبقيت ثلاث أجزاء هجرها مضطرا رغم عزمه على إتمام هذه الدورة بقوله (رحمه الله)لمسؤول الطباعة في دار المؤرخ العربي في بيروت في اخر اتصال جرى بينهما حينما سأله عن الأجزاء المتبقية: “الوقت الآن لتلبية نداء المرجعية الدينية العليا، وأنا منشغل بجبهات القتال، وليس لدي وقت للتحقيق”.
3- شرح مناسك الحج للسيد السيستاني.
4- له حلقات في صحيفة صدى المهدي لمركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عج.
التدريس:
كان (رحمه الله) يمارس التدريس للمواد الحوزوية، الفقه والاصول والكلام ودراية الحديث وغير ذلك، وشرع في الآونة الاخيرة بتدريس المكاسب، وامتاز بتدريس الروضة البهية كثيرا وقد اتم عدة دورات، مما ساعده ذلك في تحقيق الزهرات الزوية، وكان مسؤولا عن ادارة مدرس الميرزا جواد التبريزي (رحمه الله) النجف الاشرف.
صفاته ونشاطه:
وكان (رحمه الله) فيه من الصفات ما جعلته أهلا لنيل الشهادة حيث كان كريم النفس طيب العشرة حسن المجالسة كثير التواضع لا يحب الشهرة يستغفر لمن يؤذيه ويدعو له بالهداية، ويساعد الفقراء والمعوزين، وكان يحب العلماء وطلبة العلم حبا عجيبا، وكان لهم سندا في بداياتهم للدرس فيسعى ملبيا مختلف احتياجاتهم مما يقدر عليه.
ايضا كان سندا وظهيرا للشباب المؤمن ينسق بين الجامعات وبين أساتذة الحوزة، فكان ينظم الدورات الدينية والثقافية والحلقات الدرسية بين الشباب في المحافظات.
وقد كان (رحمه الله) من أشد الناس دفاعاً عن مظلومية السيدة الزهراء (عليها السلام).
الجهاد الدفاعي:
بعد فتوى الجهاد الكفائي التي صدرت من المرجعية العليا في النجف الاشرف 14 شعبان 1435هـ، ترك الشيخ الشهيد (رحمه الله) مباشرة دروسه الحوزوية كاملة، وترك مخطوطاته التي أحبها وعزم على تحقيقها ليُلبّي نداء المرجعية العليا، فبعد أن قضى سنوات من عمره المبارك يتزود من علوم محمد آل محمد (صلى الله عليه وآله) التحق بالحشد الشعبي في جبهات القتال.
بدأ بجمع المؤمنين الراغبين بالتطوع للجهاد الكفائي، وبدأ بتنظيمهم وتدريبهم واستعان بخبرات من لديه الكفاءة والخبرة، ومن خلال معارفه قام بجمع السلاح والعتاد والمواد اللازمة وكان مقر الفوج في احدى الحسينيات بين النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وكل ذلك ضمن إمكانات محدودة جدا، وكان الفوج في بداية أمره تشكيلا مستقلا، وسرعان ما اصبح ضمن تشكيلات لواء المرتضى في فرقة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) التابعة للعتبة العلوية المقدسة بقرار من الشيخ الشهيد (رحمه الله)، فساهمت مجموعة من الفوج بقيادة ابن عمه وزوج اخته وساعده الأيمن العقيد عماد الزيدي في معركة سبايكر ومن ثم في معارك بلد ومعارك تحرير آمرلي، حتى التحق بنفسه قائدا ميدانيا قبيل تحرير آمرلي التي اشتركت في فك الحصار عنها كل فصائل الحشد الشعبي في العراق.
ومن أعماله كقائد من أبرز قائدة الحشد الشعبي:
1- قاد (رحمه الله)بنفسه معارك تحرير الكرغول، البو حصوة، البو طارش، الجمهورية، المطيرات، شارع المخازن باتجاه اللواء السابع عشر، وأخيرا البو حشمة التي استشهد فيها رحمه الله.
2- فتح (رحمه الله)العديد من المدارس التي حرمت من الدراسة بسبب الإرهاب حيث أرسل في طلب المدرسين والمعلمين وحثهم وحث عوائل الطلبة على استئناف التعليم والتعلُّم.
3- إعادة (رحمه الله)العوائل المهجرة في منطقة (خمسة طوير).
4- تأمين المناطق التي رفعت الراية البيضاء ولم تدخل بمعارك مع فوج سيد الأوصياء (عليه السلام) التابع للعتبة العلوية المقدسة وهما منطقتا (الجمهورية) و (البو حميد)، فبقيت العوائل على وضعها ولم تتعرض لأي أذى، مما أعطى صورة رائعة عن اخلاق اتباع أهل البيت (عليهم السلام).
الشهادة :
استشهد (رحمه الله) في البو حشمة احدى نواحي قضاء بلد بتاريخ 2 / ربيع الأول / 1436 هـ المصادف الخميس 25 / 12 / 2015 م.
كانت لديه وصايا عديدة، منها:
1- أن يصبر اخوته على قلب امه لأنه قادم على أئمته وسادته المعصومين.
2- أن تنثر الحلوى على جنازته لفوزه بشراب السعادة بكأس الشهادة.
3- ان توضع جنازته في مكتبته التي عشقها وهي ما يقرب من الثلاثين ألف كتاب ومخطوطة.
4- ان لا ينساه المؤمنون من الدعاء ما ذكروه.
5- ان يبرأ ذمته كل من عرفه وقد أبرأ ذمة الجميع من حقه الشخصي.
6- ان يحج عنه بالنيابة لأنه أعرض عن الحج الذي عرض عليه باعتبار ان الجهاد في نظره أهم.
7- ان لا ينساه اولاده من الاعمال الصالحة لأنه أحسن تربيتهم وضحى بنفسه ليعيشوا بكرامة.
التشييع:
وشيّعت جنازته في تشييع مهيب مع رفاقه الذين استشهدوا معه، حضره الكثير من رجالات الحوزة العلمية كسماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني نجل المرجع الأعلى دام ظله وممثلين عن مكاتب المراجع العظام وطلبته وأحبائه، وصلى عليه استاذه آية الله الشيخ محمد باقر الإيرواني (حفظه الله) في العتبة العلوية المقدسة، ودفن في أرض كان قد اشتراها مسبقا له ولإخوته وعيالهم، وكان قد بنى له قبرا فيها وكتب عليه:
بقبرك لذنا والقبور كثيرة *** ولكن من يحمي الجوار قليل
وقد دفن بملابس الشهادة كما هي فتوى المرجعية ووصيته أيضا.
وقد ترك أمّا مذهولة من هول الصدمة، وترك زوجة وثلاثة بنات (زهراء، أضواء، فاطمة المعصومة) وقد صحن خلف جنازته (اللهم تقبل منها هذا القربان) اقتداءً بالسيدة زينب (ع)، وله ثلاثة أولاد (محمد رضا، محمد باقر، محمد حسن) وكلهم قصر، والأخير كان قد عوّده والده ان يراسله عبر برنامج الواتساب برسائل صوتية، وقد أصر محمد حسن البالغ من العمر 3 سنوات تقريبا بعد شهادة أبيه أن يرسل له رسالة صوتية (بابا انا أحبك يمتا تجي)..
وترك اخوة جُرح فؤادهم به وهم : (الشيخ ميثاق الشيباني اخوه من امه الذي لم يفارقه ابدا، رفاق الزيدي، اخته ام حسين، وصفاء وعلي اخويه من أبيه).
رثاء:
وقد رُثي ببعض الأبيات الشعرية:
لبو نداءاً للجهاد جميعا *** ومضوا الى رحب الجنان سريعا
تركوا الاحبة والديار واهلها *** وغدت لفقدهِمُ تسيل دموعا
مشتاق قد نلت الشهادة فائزا *** وتركت كم من صاحبٍ مفجوعا
شيخا وقورا للعلوم كفاءةً *** ابدا فلا قابلتها بخنوعا
قد ذدت عن ارض العراق وقدسه *** نعم العمائم للفدا مشروعا
ورُثي ببيتين آخرين اختلفت النسبة لقائلها:
إن من نبكي عليه عالم *** عامل جاد بنفس طاهرةْ
غاب عنا عاجلا والملتقى *** عند رب راحمٍ في الآخرةْ
واكمل البيتين احد الطلبة مؤرخا له:
وله أرختُ (في زهوٍ ألا *** إنّ مشتاقا بأيدي السفرةْ)
فما بين القوسين قيمته العددية: (1436)، وذاك على حساب أن التاء المربوطة في نهاية الكلمة لا تلفظ فتكون بمنزلة الهاء.
القى العلامة السيد سامي البدري حفظه الله في ملجس فاتحة الشهيد السعيد الشيخ مشتاق الزيدي (رحمه الله) في اليوم الاول محاضرة واشار فيها إلى جملة امور منها:
1- لا ينبغي للراصد لواقع مجريات الاحداث في عصرنا الحاضر فصله عن نصوص روايات الملاحم والفتن واستشراف المستقبل القريب.
2- استشعار عظمة النعمة الالهية المتمثلة بمرجعية السيد السيستاني دام ظله وقيادته للمرحلة والدعاء له بطول العمر.
3- ان عمق ودقة نظر المرجع الاعلى يتضح من خلال دراسة مواقفه منذ سقوط النظام والتي بدأت بتحريم التعامل مع السلاح المنهوب من مراكز الجيش وتحريم نهب المال العام للدولة والمنع من نشر وتداول التقارير للنظام السابق وغيرها ووصل في مرحتنا الراهنة الى الجهاد الدفاعي والتي سلمت العراقيين من فتن عاتية.
4- ان السيد السيستاني كان ومازال يمتاز بالنبوغ وورث المرجعية عن اعاظم كالسيد محسن الحكيم الذي عاصر ظروفا معقدة وتجاوزها والسيد الخوئي الذي عاصر اعتى طاغية مما اعطاه خبرة اكثر وكذلك كانت له تلمذة عند أعاظم المذهب مما زاده تألقا فكريا.
5- ان مجالس الشهداء خصوصا طلبة العلم منهم وخصوصا من كانت له بصمات في المجال العلمي او الاجتماعي هي محل تذاكر للواقع الراهن ينبغي ان تستثمر لقراءة مرحلة مائة عام من تاريخ العراق.
6- وقد ذكر سماحته ان له علقة خاصة مع الشهيد السعيد، فهو اول طالب ارتبط به في النجف الاشرف بعد عودته للعراق وتعرف عليه في مكتبة لبيع الكتب.
7- وقد ذكر ايضا حب الشهيد للكتب وانه ينبغي ان توضع صورة لمكاتب الشهداء الطلبة تذكيرا بعلقتهم بكتبهم وانهم رجال علم وفكر، وصورة لحلقات تدريسهم، حتى يعرف الناس انه ترك كل هذا خلفه ليقاتل طاعة للمرجعية العليا.
8- ينبغي على عشائر الشهداء الطلبة ان ترسل شبابا واعيا خريجا ليعوضوا شهداء الحوزة في طلب العلم وبأعداد كبيرة عسى ان يبرز شخص او اكثر.
وختم العلامة البدري محاضرته بالدعاء للسيد السيستاني باطالة العمر بصحة وعافية والدعاء للمجاهدين بالتسديد والنصر وان يتغمد الله الشهداء بواسع رحمته وان يخلف على اهليهم وذويهم.
المصدر |
- قناة الغدير – مركز توثيق اثار الشهداء
- السيد جعفر السيد سامي البدري – مركز فجر عاشوراء الثقافي