شاهد | الشهيد أبو وهب الجابري وهو يبكي متمنيا الشهادة منذ فتوى الجهاد الكفائي فنالها بمشاركته الجهاد ضد ” داعش”

سيرة الشهيد كريم يوسف الجابري (أبو وهب)

“والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد مادام الموت خُطّ على ابن آدم مخط القلادة على جيد الفتاة.. يا زهراء.. يا زهراء”

هكذا نادى نداءه الأخير وتقدم صوب العدو؛ فبلغ مرتبة الشهادة التي لطالما منّى النفس بها.

الشهيد أبو وهب من مواليد ناحية الطار بذي قار درس فيها الابتدائية وأكمل المتوسطة والإعدادية في ناحية الفهود. كان محبوباً من الجميع لطيبة قلبه ونخوته وعلاقته الطيبة بالجميع، كما كان صاحب ابتسامة وطرفة، فهو ذو طبع هادئ خصوصاً في المنزل ويحترم المواعيد كثيراً وكان يتخذ أولاده أصدقاء له.

بدأ الشهيد كريم تاريخه الجهادي وله من العمر 15 عاماً، إذ انضم لحزب الدعوة الإسلامية وكان حينها في مرحلة الدراسة المتوسطة، ساعدته في ذلك نشأته في عائلة مجاهدة رافضة لظلم النظام البائد وتعسفه مما أتاح له أن يكون قائداً ومجاهداً يحسب له النظام الحاكم ألف حساب فكان ملاحَقاً مع أفراد عائلته.

تزوج الشهيد كريم في عام 1989، فدخلت زوجته في دائرة الملاحقين لتلازمه في جهاده ضد الباطل، وبذلك لم تعرف حياتهما الاستقرار، ولم يكن هذا غريباً؛ فهي أيضاً من عائلة مضحية حيث أعدم اثنان من إخوتها هما (الشهيدان فاضل وحسين عطية المشرفاوي), أما في عام 1991 وبعد اشتراكه في الانتفاضة الشعبانية وكونه أحد مسؤولي تجمعات المجاهدين كُلِّف بقيادة مجموعة من المجاهدين لتحرير مدينة الفهود من السلطة البعثية فكانت أول ناحية يحررها المنتفضون. أصبح بعدها مطلوباً من السلطة مما اضطره أن يخرج إلى رفحاء ومنها إلى إيران مصطحباً عائلته معه، ولكن هذا لم يمنعه من الاستمرار في مسيرته الجهادية حيث شكّل مع رفاقه سنة 1993 محور (140) ـ وهو محور جهادي في محافظة ذي قار يعمل ضد النظام البائد ـ كما تمكّن من إكمال دراسته بإيران في (جامعة الشهيد بهشتي).

شاهد ايضا :

الشهيد ابو سريح الصبيح …تحققت امنيته بنيل الشهادة كما نطقها ,هنيئا لك نلت ماتمنيت

 والد الشهيدين يبكي ولكن ليس لفقدهم ؟ اما الأم فحكاية اخرى !

بعد سقوط النظام البعثي عاد أبو وهب إلى أرض الوطن لينتخب بعد ذلك (قائممقام) لقضاء سوق الشيوخ، فكان له دور متميز في إدارة القضاء وإعماره فسميت مرحلته بالفترة الذهبية؛ لتواصله مع المركز وحصوله على تخصيصات إضافية ومشاريع من الدول المانحة فتميّز القضاء بالعمران والتقدم حتى توالت عليه كتب الشكر لتبلغ المئات.

انتُخب لعضوية مجلس المحافظة عام 2009 وترأس اللجنة الزراعية في المجلس التي أسسها ونجح في إدارتها، إذ وضع خططاً زراعية وطالب بالحصول على حصة المحافظة المائية واستخدم منظومة الري الحديثة، ليبقى الجابري سائراً على نهجه حتى لبى نداء المرجعية بالجهاد الكفائي حيث أخذ يتردد على المعسكرات مساهماً مساهمة فاعلة في حث الشباب على المشاركة، وله خطب كثيرة في هذا الجانب ليصبح بعد ذلك آمراً لفوج ذي قار في قوات بدر أحد تشكيلات الحشد الشعبي.

بعد أسبوع من الفتوى التحق إلى بغداد ومنها إلى الجبهات ليشارك في العديد من المعارك وقواطع العمليات منها العلم وسامراء وسد العظيم, وعلى الرغم من كونه قائداً فقد كان تعامله مع المجاهدين تعامل صداقة وأخوة فكان كثيراً ما يقبّل أيادي المقاتلين الذين يحملون السلاح ضد داعش، كما كان كثير الابتسامة، غير مبالٍ بنيران العدو, وهو كثير الدعاء لبلوغ الشهادة ممنياً النفس بها حتى أنه أصبح على يقين بأنه سينالها، إذ يُذكر أنه كان يزرع النخيل ويخبر العائلة بأنه لن يأكل من ثمرها لأنه ملاقٍ ربه.

تقدم أبطال الفوج الثاني في اللواء 22 بقيادة أبي وهب الجابري، وكانوا حينها في تلال حمرين متقدمين باتجاه حقول علاس ليخوضوا فيها واحدة من أشرس المعارك مسطّرين فيها أروع صور البطولة والفداء حيث استمرت من الساعة الخامسة صباحاً وحتى قرابة نهاية العاشرة، كان خلالها يحث المجاهدين على الصمود والثبات ويطلب في الوقت ذاته الدعم والإسناد للاستمرار في إدامة زخم المعركة فنادى نداءه الأخير، ليأتيه الجواب من رفاقه (عرفناك أهلاً للقيادة فتبعناك)، وبعد أن تعرض العديد من رفاقه للإصابة رفض الانسحاب لأنه ليس من صفات القادة قائلاً: “ماذا أجيب عوائل الشهداء؟”، لينال بعدها مرتبة الشهادة بعد أن تلقى رصاصات الغدر التي عرجت بروحه إلى الجنة, وهكذا رحل الشهيد لكنه بقي في أرض المعركة سبعة أيام حتى تمكن رجال الحشد من شن هجوم واستعادة جثمانه الطاهر إلى ناصريته ليبدأ تشييعه من سامراء حتى بلوغها، ولحب الناس له خرجوا لاستقباله في محافظة بابل وخرجت جميع العشائر لاستقباله في محافظة ذي قار وشيّع فيها تشييعاً مهيباً.

أما وصيته فكانت عامة للشعب العراقي بالدفاع عن الوطن، كما أوصى زوجته (الحاجة أم وهب) بأن تعمل على خدمة المحتاجين والضعفاء لكونها عضوة في مجلس النواب العراقي، وأن تكون المدافعة عن حقهم, وفي اتصاله الأخير أوصاها بأن تعتني بأولادهما لأنه ذاهب إلى الشهادة.

شاهد أيضاً

بالفيديو غرافيك.. قبيل الانتخابات الأميركية.. تخوف من الفوضى وحذر من السلاح المنفلت

بالفيديو غرافيك.. قبيل الانتخابات الأميركية.. تخوف من الفوضى وحذر من السلاح المنفلت   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *