حضرموت في عين العاصفة.. كيف أعاد سقوط سيئون رسم خرائط النفوذ في اليمن؟

الكاتب || مركز بدر للدراسات الاستراتيجية

❖ زلزال سياسي يضرب شرق اليمن
لم يكن سقوط سيئون مجرد تبدّل في خارطة السيطرة، بل كان أشبه بارتجاج سياسي هزّ الشرق اليمني من جذوره. لحظة انطفأ فيها آخر حضور فعلي لحزب الإصلاح وما يسمى بقوات الشرعية، وانكشفت فيها خطوط التماس بين القوى الإقليمية والمحلية بلا أقنعة. اليمن يدخل طورًا جديدًا؛ طورًا تتقاطع فيه أجندة الانتقالي المدعوم إماراتيًا، وحسابات الرياض الأمنية، ورؤية صنعاء التي تبني خطابها على فكرة الردع والسيادة. ما حدث لم يكن نهاية فصل، بل بداية إعادة هندسة كاملة لموازين القوة.
❖ سيئون.. سقوط سريع يكشف هشاشة “الشرعية”
• خطة نُسجت في الظل،الطريقة التي سقطت بها سيئون بلا مقاومة تكشف أن المشهد لم يكن وليد اللحظة. تحرك الانتقالي بدا وكأنه تنفيذ لسيناريو مكتمل، أُعدّ بعناية، وجرى تمريره في لحظة فراغ سياسي وعسكري.
• هشاشة مكشوفة، لم يكن السقوط مجرد خسارة موقع، بل شهادة وفاة لآخر ما تبقى من قدرة “الشرعية” على حماية معاقلها. سيئون لم تُنتزع بالقوة، بل سقطت لأنها تُركت بلا سند، وبلا منظومة قادرة على الصمود.

❖ صراع الحلفاء..الرياض وأبوظبي في حضرموت
• أجندتان تتصادمان، في حضرموت، تتقاطع مصالح الحليفين كما تتقاطع خطوط الرمل والبحر. الإمارات تدفع نحو تمكين الانتقالي من المفاصل الحيوية، بينما تحاول السعودية تثبيت نفوذها عبر وكلاء محليين يضمنون لها عمقًا آمنًا على حدودها.
• ضربة موجعة للرياض، سيطرة الانتقالي على سيئون ليست مجرد تقدم ميداني، بل خسارة استراتيجية للرياض. وادي حضرموت بثروته ونقاطه الحساسة بات أقرب إلى دائرة النفوذ الإماراتي، ما يفتح الباب أمام تباينات قد تتسع داخل التحالف نفسه.

❖ حزب الإصلاح..نهاية حقبة في المدينة وبداية فراغ
• تتويج مسار الانحسار، سقوط سيئون ليس حدثًا منفصلًا، بل محطة أخيرة في رحلة تراجع طويلة. الإصلاح الذي كان لاعبًا محوريًا في الشرق، وجد نفسه محاصرًا بخلافاته، وتراجع داعميه، وتآكل نفوذه.
• فراغ ينتظر من يملؤه، بانسحاب الإصلاح، تُترك الساحة مفتوحة أمام قوى قبلية ومحلية مدعومة إقليميًا. فراغ بهذا الحجم لا يبقى فارغًا طويلًا، بل يتحول سريعًا إلى ساحة تنافس قد تزيد من هشاشة المشهد.

❖ صنعاء.. بناء القوة في زمن التشظي
• مراقبة هادئة… وبناء صامت، بينما تتصارع القوى في الشرق، تبدو صنعاء وكأنها تراقب المشهد من علٍ، وتواصل بناء قدراتها الدفاعية بعيدًا عن الضجيج. خطابها يركز على حق السيادة، وعلى بناء قوة ردع لا تعتمد إلا على الداخل.
• رؤية تتجاوز اللحظة، هذا المسار ليس رد فعل، بل استراتيجية طويلة المدى. صنعاء تدرك أن أي تسوية مستقبلية لن تُكتب دون وزنها العسكري، وأن من يملك القوة يملك حق الجلوس على الطاولة.

❖ المستقبل.. حضرموت إلى أين؟
• ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات، حضرموت تتجه لتكون مركز ثقل الصراع القادم. التنافس الإقليمي والمحلي قد يمتد إلى المهرة ووادي حضرموت، ما يجعل الشرق اليمني مرشحًا لمزيد من إعادة الاصطفاف.
• إعادة هندسة شاملة، بين تمدد الانتقالي، ومحاولات الرياض لإعادة التموضع، وصنعاء التي تبني قوة ردع مستقلة، يبدو اليمن مقبلًا على مرحلة إعادة تشكيل كاملة لموازين النفوذ.
وما حدث في سيئون ليس إلا الشرارة الأولى.

شاهد أيضاً

مطار بغداد الدولي يستوعب أكثر من 8 ملايين مسافر ضمن مشروع تطوير موسع

تسعى الجهات الحكومية المختصة إلى جعل مطار بغداد الدولي بحلته الجديد يستوعب أكثر من ثمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *