قناة الغدير الفضائية قناة اخبارية مستقلة
أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن السياسة النقدية في العراق تواجه معادلة مزدوجة تتمثل في ضرورة الحفاظ على الاستقرار السعري وضبط التضخم وسعر الصرف من جهة، ودعم النمو الاقتصادي من جهة أخرى، وذلك في ظل اعتماد اقتصادي كبير على النفط وتقلب أسعاره.
وأوضح صالح أن تحقيق هذا التوازن يستلزم اعتماد إطار نقدي مزدوج ومرن يركز على استقرار الأسعار، مع إدارة مدروسة لسعر الصرف بعيداً عن التثبيت الجامد الذي يحد من قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية.
وبيّن أن ضبط التضخم يتطلب تفعيل أدوات السياسة النقدية، وفي مقدمتها استخدام معدل فائدة السياسة كإشارة واضحة للأسواق، إضافة إلى عمليات السوق المفتوحة لتعقيم السيولة الفائضة خلال فترات ارتفاع الإيرادات النفطية. كما أشار إلى أهمية بناء احتياطيات أجنبية قوية وإدارة تدخلات محسوبة في سعر الصرف للحد من انتقال تأثيرات تقلبات أسعار النفط والسلع العالمية إلى السوق المحلية.
وفيما يتعلق بدعم النمو الاقتصادي، أكد صالح أن ذلك لا يتحقق عبر التوسع النقدي غير المنضبط، بل من خلال برامج ائتمانية انتقائية موجهة للقطاعات غير النفطية، مثل الزراعة والصناعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لتعزيز الإنتاجية وزيادة العرض في الاقتصاد. وأضاف أن تعزيز الوساطة المالية وتوسيع الشمول المالي عبر أنظمة الدفع الرقمية يسهمان في تقليل نطاق السوق غير المنظمة والدولرة، ما يرفع فاعلية انتقال قرارات السياسة النقدية إلى الاقتصاد الحقيقي.
وشدد صالح على أهمية التنسيق بين السياسة النقدية والمالية، مبيناً أن البنك المركزي لا يستطيع منفرداً مواجهة صدمات أسعار النفط. ودعا إلى تبني صندوق استقرار مالي وقواعد إنفاق مرنة مضادة للدورة الاقتصادية للحد من تقلبات السيولة المحلية.
واختتم صالح بالتأكيد على أن الشفافية في الإعلان عن مستهدفات التضخم ودور سعر الصرف تعزز الثقة وتثبّت توقعات الأسواق، مشيراً إلى أن المزج بين التعقيم النقدي، وإدارة السيولة، ودعم الائتمان المنتج، والاحترازية الكلية، يمكّن العراق من الحفاظ على قوة الدينار وكبح التضخم دون الإضرار بفرص النمو. وأكد أن استراتيجية التوازن بين الاستقرار والنمو ممكنة، لكنها تتطلب سياسة نقدية حذرة ومنسقة تستهدف الاستقرار طويل الأمد والتنمية المستدامة.
