حذر الخبير البيئي علي قاسم من تفاقم أزمة المياه والتلوث في بلاد ما بين النهرين، مؤكداً أن العراق يعيش اليوم وضعاً بيئياً كارثياً نتيجة غياب الاتفاقيات المائية مع دول المنبع واستمرار سياسات حجز المياه وتحويل مجاري الأنهار من قبل دول الجوار.
وقال قاسم في تصريح إن العراق، لعدم امتلاكه اتفاقيات مائية ملزمة مع دول المنبع، أصبح في مواجهة مباشرة مع أزمة حقيقية، بينما أقامت تركيا سلسلة من السدود على نهري دجلة والفرات، من بينها نحو ستة عشر سداً على نهر دجلة، آخرها سد الجزرة الذي لا يبعد سوى ثلاثين كيلومتراً عن الحدود العراقية.
وأضاف أن هذه الإجراءات تسببت بانخفاض خطير في مناسيب المياه داخل الأراضي العراقية، ما أدى إلى ارتفاع نسب الملوحة والملوثات في مياه الأنهار، لاسيما في محافظة البصرة، حيث بلغ الوضع مرحلة “غير مسبوقة” من التدهور البيئي.
وأشار الخبير إلى أن تغلغل اللسان الملحي في شط العرب أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الكائنات الحية في البيئة النهرية، وانحسار التنوع الأحيائي، فضلاً عن تسمم المياه المستخدمة من قبل السكان.
وتابع أن الوضع في البصرة وصل إلى حدّ أن بعض المناطق لم تعد تتوفر فيها مياه صالحة حتى للاستحمام، فضلاً عن الشرب.
وأوضح قاسم أن هذه الأزمة تسببت أيضاً في تجريف الأراضي الزراعية ونفوق الثروة الحيوانية، مشيراً إلى أن قضاء الدير شمال البصرة، الذي يُعدّ المركز الأول للثروة الحيوانية في المحافظة، شهد خلال الليلة الماضية تظاهرات غاضبة احتجاجاً على تفاقم الأزمة واستمرار الإهمال الحكومي.
وانتقد قاسم ضعف الإجراءات الحكومية، مبيناً أن “الحكومتين المحلية والمركزية غير قادرتين على وضع حلول آنية أو استراتيجية لمعالجة الأزمة”. واعتبر أن مشروع إقامة سدة ترابية في منطقة جزيرة السندباد على نهر شط العرب “قرار غير مدروس قد يؤدي إلى تحويل المنطقة الواقعة بعد السدة إلى بحر مفتوح، ما يفاقم الكارثة البيئية بدلاً من حلها”.
وختم الخبير البيئي بالقول إن “أزمة المياه في العراق ستستمر ما لم تُبرم اتفاقيات واضحة وعادلة مع دول المنبع، لأن الشح المائي بات أزمة عالمية، غير أن المتضرر الأكبر منها هو العراق، ولا سيما المحافظات الجنوبية وعلى رأسها محافظة البصرة”.
قناة الغدير الفضائية قناة اخبارية مستقلة