النرويج تستبعد 6 شركات صهيونية من استثماراتها

في خطوة تعكس تصاعد الضغوط الأخلاقية على المؤسسات المالية العالمية، أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، الأكبر في العالم بقيمة أصول تتجاوز تريليوني دولار، عن استبعاد 6 شركات إسرائيلية من محفظته الاستثمارية، بسبب ارتباطها بأنشطة في الضفة الغربية وقطاع غزة. القرار الذي صدر يوم الاثنين 18 آب 2025، جاء بعد مراجعة أخلاقية دقيقة أجرتها هيئة مراقبة الأخلاقيات التابعة للصندوق، وسط جدل سياسي داخلي في النرويج حول استثماراته في إسرائيل. 

ورغم أن الصندوق لم يكشف بعد عن أسماء الشركات المستبعدة، إلا أن التوقعات تشير إلى أن من بينها خمسة من أكبر البنوك الإسرائيلية، والتي كانت تخضع لمراجعة مستمرة من قبل الهيئة الرقابية. كما أعلن الصندوق عن بيع حصصه في ست شركات أخرى، في إطار سياسة جديدة تقضي بالاستثمار فقط في الشركات الإسرائيلية المدرجة على مؤشره القياسي.
ووفقاً لبيانات شركة “نورجيس بنك إنفستمنت مانجمنت” التي تدير الصندوق، فقد بلغت قيمة الاستثمارات في إسرائيل حتى 14 آب نحو 19 مليار كرونة نرويجية (ما يعادل 1.86 مليار دولار)، موزعة على 38 شركة. ومنذ نهاية حزيران، سحب الصندوق استثماراته من 23 شركة إسرائيلية، في واحدة من أكبر عمليات التخارج التي يشهدها السوق الإسرائيلي من جهة مؤسسة مالية دولية.
القرار جاء بعد مراجعة عاجلة أطلقها الصندوق في وقت سابق من الشهر الجاري، إثر تقارير إعلامية أفادت بأنه يمتلك حصة في شركة إسرائيلية لصناعة المحركات النفاثة تقدم خدمات للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك صيانة الطائرات المقاتلة. هذه التقارير أثارت موجة من الانتقادات داخل النرويج، خاصة مع اقتراب الانتخابات المقررة في 8 ايلول، حيث طالبت بعض الأحزاب السياسية بسحب شامل للاستثمارات من جميع الشركات الإسرائيلية، وهي خطوة استبعدتها الحكومة النرويجية.
وكان البرلمان النرويجي قد رفض في حزيران الماضي اقتراحاً يقضي بسحب استثمارات الصندوق من جميع الشركات التي لها أنشطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مفضلًا نهجًا انتقائياً قائماً على المراجعة الأخلاقية لكل حالة على حدة.
وزير المالية النرويجي، ينس ستولتنبرغ، أكد للصحفيين أن المزيد من الشركات قد تُستبعد مستقبلاً، مشيراً إلى أن “هذا النقاش يسهم في تحسين ممارساتنا”. وأضاف أن هيئة مراقبة الأخلاقيات ستتبادل المعلومات مع شركة “نورجيس بنك” بوتيرة أسرع، من أجل تسريع عملية تحديد الشركات المخالفة لمعايير الصندوق الأخلاقية.
وتستند قرارات الاستبعاد إلى توصيات الهيئة الرقابية، إلا أن شركة “نورجيس بنك” تحتفظ بحق التخارج من أي شركة إذا رأت أنها تشكل خطراً كبيراً على الصندوق، سواء كان ذلك الخطر أخلاقياً أو مالياً.
كما أعلن الصندوق عن إنهاء عقود جميع مديري الأصول الخارجيين الثلاثة الذين كانوا يتعاملون مع بعض استثماراته في إسرائيل، في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة الداخلية وتوحيد معايير الاستثمار.
الخطوة النرويجية تعكس توجهاً أوروبياً متزايداً لإعادة تقييم العلاقات المالية مع الشركات المرتبطة بالنزاع في الأراضي الفلسطينية، وتسلط الضوء على الدور المتنامي للمعايير الأخلاقية في توجيه قرارات الاستثمار العالمية. كما تفتح الباب أمام مؤسسات مالية أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة، خاصة في ظل تصاعد الدعوات الدولية لمحاسبة الشركات التي تعمل في مناطق النزاع أو تقدم خدمات للجهات العسكرية.
وفي حين يرى منتقدو القرار أنه غير كافٍ، ويطالبون بتخارج كامل من السوق الإسرائيلي، فإن الحكومة النرويجية تفضل نهجاً تدريجياً قائماً على التقييم الأخلاقي لكل حالة، بما يوازن بين الاعتبارات السياسية والاقتصادية.

شاهد أيضاً

الزراعــــة: خطوات تنفيذية مشتركة لتعزيز الأمن الغذائي في العراق

أعلنت وزارة الزراعة، عن اعتماد سلسلة من الإجراءات التنفيذية المشتركة بين الوزارات بهدف تعزيز الأمن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *