جليل هاشم البكاء ||
ليست الجيوش الجرارة، ولا الطائرات المسيّرة، ولا الصواريخ الباليستية هي ما يرعب أمريكا وإسرائيل، بل هو سلاح من نوع آخر، أشد وقعًا وأبعد أثرًا: إنه وعي الشعب الإيراني، ووفاؤه لمبادئه، وإخلاصه لمحور المقاومة.
لقد أدرك أعداء الأمة أن هذا الشعب، الذي تحمل حصارًا دام عقودًا، وواجه أقسى المؤامرات، ما زال صلب الإرادة، عصيًّا على الكسر. ولأنهم يعلمون أن أي سلاح يمكن تحييده أو تدميره، إلا سلاح الوعي والولاء، فقد وجهوا سهام عدوانهم إلى قلب هذا السلاح، وسعوا لإضعافه بكل الوسائل الممكنة، من خلال إثارة القلاقل الداخلية، وبث الشائعات، والتحريض على الفتنة الطائفية، واستغلال كل فرصة لتفكيك النسيج المجتمعي الإيراني.
لكنّ السحر انقلب على الساحر. فبدل أن تضعف عزيمة الإيرانيين، جاءت مؤامرات الأعداء لتزيدهم تماسكًا، وفتحت أعين الشعوب على جوهر الصراع، وعلى هوية المعتدي وحقيقة المظلوم. لقد أذهلتهم مشاهد الملايين الذين نزلوا إلى الشوارع في مناسبات وطنية ودينية، متحدّين التهويل الإعلامي، ومؤكدين أن الولاء ليس لسلطة ولا لحزب، بل لقضية تحيا في وجدانهم.
ومن شدة خيبتهم، لجأوا إلى الإرهاب العلني والمباشر، فاستهدفوا مواقع مدنية ومناطق مأهولة في إيران، كما فعلوا من قبل في العراق وفلسطين ولبنان واليمن، في محاولة يائسة لكسر الحواضن الشعبية التي تحتضن مشروع المقاومة. إنهم لا يريدون فقط إسكات صوت الشعوب، بل يريدون اقتلاع جذورها وإرهابها حتى تتخلى عن حقها في تقرير مصيرها.
لكنهم غفلوا عن حقيقة ثابتة: أن الشعوب الحية لا تموت، وأن من يصنع التاريخ ليس من يملك أقوى ترسانة، بل من يصمد في وجه العواصف، ويقف حيث ينهار الآخرون.
إن الشعب الإيراني، بمواقفه الراسخة، دخل سجلّ التاريخ من أوسع أبوابه، لا كضحية، بل كصانعٍ ومُلهمٍ، يذكّر العالم بأن العزة لا تُشترى، وأن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع بالتضحية والوعي والإخلاص.
وفي زمن كثُر فيه المتخاذلون، فإن من يقف ثابتًا في وجه أعتى القوى، هو وحده من يستحق أن يُخلّد اسمه في صفحات المجد.
قناة الغدير الفضائية قناة اخبارية مستقلة
