حين نُسأل: من علّمكم الكرم؟!

ريما فارس ـ لبنان ||

 

من مضايفك يا أبا عبد الله… تعلمنا الشكر والبذل والوفاء

 

نقول بلا تردد: الحسين.

وحين نُسأل: من أرشدكم إلى أن إطعام الطعام طريق إلى الجنّة؟

نقول: موائد الحسين.

وحين نُسأل: من الذي حوّل الحزن إلى حياة، والعزاء إلى كرم، والدمعة إلى رسالة؟

نقول: الحسين… وحده الحسين.

 

يا سيدي،

لم يكن يومك في كربلاء مجرد معركة، بل كان ولادة أمة جديدة، أمة لا تكتفي بالبكاء على شهدائها، بل تبني من دموعها نهجًا، ومن مجالس عزائها مضايف عامرة تطعم الجائع، وتكرم الضيف، وتُشعر كل زائر أنه من أهل البيت.

 

منك تعلمنا يا ابن الزهراء أن الكرم ليس في الغنى، بل في النيّة، وأن المواساة لا تُقاس بالمقادير، بل بالمحبّة.

فها هم عشاقك في كل بلاد الأرض، يفتحون البيوت والقلوب، يطبخون بلا حساب، ويسقون بلا سؤال، ويخدمون بلا كلل، كأنهم يطعمونك أنت، ويخدمونك أنت.

 

إنها ليست قدورًا تفور، ولا صواني تُوزّع… إنها بيعة تتجدّد.

كل لقمة باسمك،

كل شربة ماء بثواب عطشك،

كل يد تمتد لتخدم، إنما تسعى لملامسة طرف نداءك: «هل من ناصر ينصرنا؟»

 

يا حسين،

لو لم يكن من عاشوراء إلا هذه المضايف، لكانت كافية لتشهد أنك انتصرت.

فأعداؤك أرادوا محو ذكرك، فإذا بذكرك في كل شارع،

أرادوا دفن صوتك، فإذا بصوتك يعلو من أفواه الملايين،

أرادوا أن يجعلوا من يومك ختامًا، فإذا به بداية لا تنتهي.

 

نشكرُك يا سيدي لا لأنك قضيت شهيدًا، بل لأنك جعلتنا نحيا أحرارًا.

نشكرُك لأنك علمتنا أن خدمة الناس طريق الحسين،

وأن لقمة تُقدَّم باسمك تساوي الدنيا وما فيها.

 

يا سيدي،

كل مضافة تُنصب في محبّتك، هي شكرٌ حيّ لك،

كل صحن طعام يُقدَّم حبًا بك، هو عهد جديد،

وكل من يدخل هذه المضايف، يخرج منها بنور، ببركة، وبولاء لا ينطفئ.

 

فسلامٌ عليك يا أبا عبد الله،

يوم وقفتَ وحدك والجوع في خيامك،

وها هو الناس اليوم يشبعون وهم يذكرونك،

فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

شاهد أيضاً

الانواء الجوية:استمرار فرص هطول الأمطار في مناطق متفرقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *