إياد الإمارة ||
منذُ أكثر من عقدين والعراق يعاني من التدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر في شؤونه، تدخلٌ لم يجلب للبلاد سوى الدمار والانقسام والهيمنة على القرار السيادي ..
وإنّ استمرار هذا التواجد الأمريكي تحت أي ذريعة -سواء كانت “استشارية” أو “تدريبية” أو أي ذريعة أُخرى- هو انتقاص صارخ من كرامة العراق واستقلاله، وتكريس لواقع التبعية السياسية والعسكرية ..
و أن ما حدث مؤخراً من إستباحة ارضه وسمائه ومقدراته من قبل الأمريكان والصهاينة لضرب الجارة إيران الإسلامية يُـعد إهانة كبيرة للعراقيين جميعاً.
لقد أثبتت الأحداث بما لا يدع مجالاً للشك أن الوجود الأمريكي لم يكن يوماً لصالح الشعب العراقي، بل كان دعماً مستمراً للفوضى، وتغذيةً للمشهد الطائفي، وإعاقةً لبناء الدولة العراقية القوية المستقلة ..
كلما أراد العراقيون التقدم خطوة نحو الاستقرار، تدخلت اليد الأمريكية لتقلب الطاولة وتعيد إنتاج الأزمات بشكل جديد ..
واليوم نحن أمام إفتعال أزمة جديدة هي أزمة إستباحة السيادة العراقية بشكل سافر.
إنّ شعار :
“أمريكا برّة برّة”
ليس مجرد شعار حماسي، بل هو تعبير عن إرادة شعبية واعية، تطالب بتحرير الإرادة العراقية من قبضة الهيمنة الأمريكية التي لا تزال تفرض شروطها وتتحكم بمفاصل السيادة عبر أدوات داخلية وخارجية ..
إطلاق هذا الشعار اليوم بات ضرورة وطنية عاجلة، يُـراد منها إيصال رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن العراق ليس ساحة مفتوحة للاحتلالات المُقنّـعة ولا مقراً دائماً للقواعد الأجنبية، ولا ساحة يستبيحها أي طرف لشن العدوان على طرف آخر.
إنّ السكوت عن هذا الوجود وهذه الإستباحة الوقحة يعني القبول الضمني بالاستعمار الجديد، ويعني التنازل عن حقنا الطبيعي في أن نكون أسياد أنفسنا ..
ومن هنا، فإنّ مسؤولية القوى الوطنية والمجتمعية والحوزات العلمية والنخب الواعية أن ترفع صوتها عالياً بالمطالبة الجادّة بخروج القوات الأمريكية من العراق فوراً وبلا تأجيل وعدم القبول بهذه الإستباحة المهينة، لأنّ بقاءها وإستباحتها للمقدرات العراقية يعني إستمرار الوصاية، واستمرار الدماء، واستمرار التوتر والفتنة.
ختاماً، آن الأوان لأن نجدد العهد مع شهدائنا الذين سقطوا بيد الاحتلال الأمريكي، ومع كرامتنا التي لا تقبل أن تُـداس، ومع استقلالنا الذي لا يكتمل إلا برحيل كل أجنبي عن ترابنا الطاهر.
«أمريكا برّة برّة .. بلادي تبقى حرّة».