غزة صمود شعبي ومقاومة تكسر إرادة الاحتلال..!

محمد صالح حاتم ||

 

تظل غزة رمزا عالميا  للصمود والكرامة، تلك الأرض الصغيرة التي استطاعت بصمودها وإرادتها أن تكتب فصولًا جديدة في تاريخ المقاومة والنضال، يأتي إعلان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، مقروناً بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ليضيف إنجازاً آخر إلى سجل النضال الفلسطيني.

 

إعلان الاحتلال الإسرائيلي وقف إطلاق النار لم يكن مجرد استجابة لضغوط دولية أو خطوة تكتيكية، بل كان اعترافًا غير مباشر بعجزه أمام صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة، لقد أثبتت غزة أن القوة ليست في الترسانة العسكرية وحدها، بل في الإرادة الصلبة، والإيمان بالحق، والتمسك بالقضية العادلة، مهما كانت التضحيات.

 

بعد أكثر من 15 شهرًا من العدوان والحصار الإسرائيلي، تقف غزة اليوم شامخة رغم الدمار والدماء، لقد قدمت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح كانوا نجومًا لهذا اليوم التاريخي الذي شهد رضوخ الاحتلال لشروط المقاومة الفلسطينية.

 

هذا الانتصار يحمل رسائل عميقة متعددة الأطراف، يثبت للمجتمع الدولي أن المقاومة ليست إرهابًا كما يحاول الاحتلال تصويرها، بل هي حق مشروع لشعب يطالب بحريته وكرامته،و يوجه رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأن سياسة العدوان والحصار لن تكسر إرادة الفلسطينيين، بل ستزيدهم قوة وتماسكًا.

 

غزة اليوم لم تعد مجرد مدينة صغيرة، بل أصبحت أيقونة للنضال العالمي، تذكّر الشعوب المستضعفة بأن الحقوق تنتزع ولا تُمنح، وأن المقاومة، مهما بلغت الصعوبات، قادرة على تحقيق الإنجازات العظيمة.

 

السؤال الذي يفرض نفسه الآن: من الذي انتصر في هذه المعركة العسكرية، إسرائيل أم المقاومة الفلسطينية؟

 

المنطق يؤكد أن معايير النصر لا تقاس بعدد القتلى والجرحى أو حجم الدمار الذي تخلفه الحرب، بل بتحقيق الأهداف المعلنة. لقد أعلنت إسرائيل أن أهدافها من الحرب على غزة تشمل: القضاء على حماس، تدمير الأنفاق، تحرير الأسرى، وتهجير الفلسطينيين.

 

اليوم، وبعد كل هذا العدوان، لم يتحقق شيء من هذه الأهداف.

 

رغم اغتيال قادة بارزين  مثل الشهيد إسماعيل هنية ويحيى السنوار، بقيت حماس صامدة، واستمرت في القتال بمرونة وتخطيط استراتيجي.

كما عجزت إسرائيل عن تدمير شبكة الأنفاق بالكامل، وظلت هذه الأنفاق جزءًا من القوة الدفاعية للمقاومة، لم تحرر إسرائيل أسرى جنودها، بل رضخت للتفاوض وفق شروط المقاومة، فشلت إسرائيل في تحقيق هدفها بتهجير السكان، واستمر الفلسطينيون في التشبث بأرضهم.

 

المقاومة الفلسطينية حققت انتصارًا نفسيًا وسياسيًا،وعسكريا  حيث استطاعت إرباك الاحتلال، وأعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي. كما حصلت على تضامن عالمي متزايد مع الفلسطينيين واعترافات دولية جديدة بحقوقهم.، وكبدت العدو الإسرائيلي خسائر كبيرة في الارواح والعتاد.

 

في المقابل، أظهرت الحرب هشاشة الجيش الإسرائيلي وضعف قدراته الدفاعية، خاصة في التصدي للصواريخ والمسيرات اليمنية، كما تكبد الاحتلال خسائر مادية وبشرية كبيرة أثرت في موقفه الداخلي والدولي

 

هذا الانتصار محطة هامة، لكنه ليس النهاية. المعركة مع الاحتلال طويلة، والهدف الأسمى يبقى تحرير الأرض الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، يبقى الأمل معقودا على وحدة الصف الفلسطيني وتعزيز التضامن العربي لدعم القضية الفلسطينية حتى تحقيق هذا الهدف.

 

غزة اليوم تعلم العالم درسا خالدا في الكرامة والصمود، وتؤكد أن الشعوب التي ترفض الانكسار قادرة على صنع الانتصارات، مهما كانت الظروف.

شاهد أيضاً

برنامج اشكال الوان 22/1/2025

برنامج اشكال الوان 22/1/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *