د. عامر الطائي ||
في لحظات الأزمات، حين تتشابك الأحداث وتتعقد المواقف، يحتاج الإنسان إلى التوازن بين العقل والقلب؛ فالعقل هو الذي يوجه الخطوات نحو الحلول الحكيمة، بينما القلب هو الذي يمدنا بالقوة والعزيمة لمواجهة التحديات.
هذا هو الدرس الذي علمه لنا الشهيد أبو مهدي المهندس، الذي كان بحق مثالًا للرجل الذي جمع بين برودة العقل في أصعب الظروف وحرارة القلب في أشد المعارك.
لقد كان الشهيد المهندس في قلب الأزمات يعي جيدًا أن القيادة لا تقتصر على اتخاذ القرارات السريعة، بل على اتخاذ القرارات الصائبة التي تعتمد على فكر هادئ وأسلوب عقلاني في التقييم، مع القدرة على التفاعل العاطفي والإنساني مع محيطه.
كان يعبر عن هذا في كثير من مواقفه قائلاً: “نحتاج في الأزمات عقلًا باردًا وقلبًا حارًا”، وهي كلمات تحمل في طياتها حكمة القيادة الحقيقية.
كان المهندس قائدًا لا يخشى الأوقات الصعبة، بل كان يستثمرها لتوجيه فرقته نحو النجاح. كان يعرف كيف يوازن بين التحدي والمثابرة، وبين التفاؤل والعمل الجاد.
في وسط الحرب والدمار، كان يبث في جنوده روح الإصرار والعزيمة، معلّمًا إياهم أن الأزمات هي فرص جديدة للتعلم والتطور، وأن الأزمات لا تؤدي إلا إلى صناعة الأبطال.
كما كان الشهيد المهندس يولي أهمية كبيرة للعلاقات الإنسانية في أوقات الأزمات.
كان يعلم أن قلبه يجب أن يكون مليئًا بالرحمة والتعاطف مع الآخرين، لأنه إذا فقد الإنسان هذه العواطف في أوقات الشدة، فقد يفقد قدرته على التحمل والتقدم. من هنا كان قلبه الحار يعكس إيمانه بالإنسانية وحب الوطن.
إن الدرس الذي قدمه لنا أبو مهدي المهندس في مواجهة الأزمات ليس فقط في كونه بطلًا عسكريًا، بل في قدرته على القيادة الحكيمة التي تجمع بين العقل والحب، بين التفكير الاستراتيجي والعاطفة الصادقة.
وهو درس يجب أن يستمر في الأجيال القادمة، لأن الأزمات لا تنتهي، والعقول الباردة والقلوب الحارة هما اللذان يصنعان الفرق في مواجهة أي تحدٍ قد يطرأ.
إن مواجهة الأزمات تتطلب منا أن نكون أبطالًا في أفكارنا وفي مشاعرنا، وأن نتحلى بالشجاعة والتصميم على النجاح، كما علمنا الشهيد أبو مهدي المهندس.