لعل الأطفال هم الفئة الأكثر استهدافًا من جيش الاحتلال الصهيوني، في أتون حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة منذ 14 شهرًا، وهم الذين يموتون بقنابل الاحتلال والتجويع والأمراض.
وبفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي بالتجويع الممنهج تتفاقم في قطاع غزة مسألة سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، ما يؤدي إلى وفاتهم، وهزال شديد في أجسامهم.
50 ألف طفل بغزة يعانون سوء تغذية
ويقول مصدر طبي إنه ووفق رصده فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمنع إدخال المواد الغذائية إلى قطاع غزة، والمواد الأساسية بشكل عام، وصولًا إلى منع إدخال الدقيق ما أدخل القطاع في أتون مجاعة رهيبة، يقاسي الناس فيها الحصول على لقمة تبقيهم على قيد الحياة.
هذه المجاعة يدفع بكل تأكيد ثمنها الأكبر الأطفال، وهم الفئة التي دفعت من الدم الكثير حيث وثقت تقارير الجهات الحكومية في غزة استشهاد 18 ألف طفل بفعل قنابل الاحتلال وصواريخه، ناهيك عن حرمان ما يقارب مليون طفل من الصحة والتعليم والتغذية السليمة.
حياة طفلة تعاني الهزال
المواطنة ياسمين أبو العطا تتردد باستمرار على مراكز العناية بالأطفال، حينما رأت معالم الضعف والهزال على جسد طفلتها “حياة” ذات 5 أشهر.
تقول أبو العطا إن طفلتها حياة لا تتجاوب مع الحليب، وأنها قررت علاجها ليقيمها الأطباء بحالة سوء تغذية حاد، حيث كان وزنها لا يتجاوز 4 كيلو جرامات، موضحة أنها تعاني بتوفير ما يلزم من تغذية لطفلتها سواء الحليب المدعم بالمعادن والفيتامينات، أو المكملات الغذائية المختلفة.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف قالت في تقرير لها إن 50 ألف طفل فلسطيني يعانون في قطاع غزة من سوء تغذية حاد، جراء إطباق الاحتلال الإسرائيلي حصاره على السكان، في حين أكدت وزارة الصحة في غزة أن مليون طفل يتهددهم سوء التغذية.
تناشد بوقف الحرب وإدخال ما يلزم لإغاثة الناس لاسميا الأطفال، متسائلة: بكفي قتل بالأطفال، والآن يجوعون ويحرمون من التغذية، أي ظلم هذا أي عار هذا.
تجويع ممنهج
الدكتور مروان الهمص -مدير المشافي الميدانية بوازرة الصحة بغزة- أكد أنهم لا يجدون ما يعطونه لحالات سوء التغذية التي تصلهم بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق.
وشدد أن تلك الحالات تتفاقم وضعها بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى الوفاة.
التجويع الممنهج في قطاع غزة وسياسة إطباق الحصار، أدت لوفاة عشرات الفلسطينيين، فيما يقاسي الآلاف ويلات الجوع والهزال، ويخوضون يوميات قاسية لسد رمقهم ورمق أطفالهم.
وتؤكد تقارير أن المجاعة في قطاع غزة متفشية على مستوى عدم وجود أي قيمة غذائية يتناوله الناس، حتى الطحين بات عملة نادرة، وإذا توفر فلا رديف له سوى بعض الدقة والزعتر.
وهنا السؤال الأبرز والأكبر، ماذا حل بأجسام مليون طفل في قطاع غزة، أمام سوء التغذية بهذا المستوى وعلى مدار عام كامل وفي أوج مراحل نموهم.
مراسلنا جاب شوارع مدينة دير البح، ومواصي خان يونس، وأكد خلوها من أصناف غذائية مهمة وقيمة كالفواكه والخضروات، والأجبان والألبان واللحوم، مشيرًا إلى أنه وفي حال توفرت فهي بأسعار خيالية لا يقوى عليها الناس.
نفاد البضائع وارتفاع الأسعار
برنامج الغذاء العالمي أكد أن أسعار الغذاء في قطاع غزة ارتفعت بنسبة 1000% ما يضع جميع السكان على شفير الهلاك، في حين أكدت تقارير أممية أن إسرائيل تسلب من سكان غزة أساسيات البقاء.
مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا حسام أبو صفية يقول: نحذر من التأثير المستقبلي لسوء التغذية على الأطفال وأضاف: “أغلب الحالات التي تأتي، تأتي بأعراض متقدمة ومتأخرة وبالتالي يحتاج هذا الأمر على أن يؤخذ على محمل الجد وأن يتم إدخال كل ما هو مطلوب من الأدوية والأطعمة والحليب العلاجي الخاص بهذه الحالات. لابد من السماح بإدخال كافة الأطعمة”.
وتابع: “ولا يخفى عليكم أن شمال غزة يوجد به الطحين وبعض المعلبات، ولكن لا توجد به لا الخضروات ولا الفواكه ولا الزيوت ولا اللحوم وطبعا كل هذا له تأثير مستقبلي على أجساد الأطفال. وستظل هذه المشكلة قائمة ما لم تحل مشكلة الغذاء”.