إنتصار الماهود ||
فجاة ودون سابق إنذار، التنظيمات الإرهابية تجتاح مناطق مهمة في سوريا نهاية شهر، نوفمبر الماضي في محاولة لفرض سيطرتها على مناطق مهمة في شمال سوريا مثل (أدلب، حماة، حلب) بعد أن تمت إستعادة السيطرة على تلك المناطق من قبل القوات الأمنية السورية الحكومية بشق الأنفس.
مجاميع مدعومة خارجيا وتنظيمات إرهابية جعلت من سوريا لسنوات مرتعا لها لدمويتها وقسوتها وفسادها، بعضها مدعوم من تركيا وقطر والآخر مدعوم من أمريكا والسعودية والكيان الصهيوني جنسيات أجنبية مختلفة شيشان،أوزبك،تركمانستان،سعوديون، والإسم (معارضة سورية) لكن الواقع (إرهاب دولي متعدد الجنسيات لا تحمل في فكرها أي هوية وطنية).
كيف دخلت تلك القوات؟! ومن أين أتت؟! ولماذا في هذا الوقت بالذات؟! خاصة بعد الإستقرار النسبي الذي تشهده سوريا؟!.
بالنسبة لدخول الإرهابيين بهذا الشكل، بالطبع دولة مثل سوريا لازالت تتعافى من خضوعها لسنوات طويلة من وطأة الإرهاب ولا تمتلك حدودا حصينة بالذات شمالها كما أن هنالك الكثير من الخلايا النائمة موجودة في مدنها.
بعد إنسحاب القوات الأمريكية من الشمال أصبحت الساحة خالية أمام القوات التركية والتي توغلت في أحيان كثيرة الى480 كم طولا و 32 كم عمقا في الجانب السوري بحجة إبعاد خطر الأكراد المعارضين لها عن حدودها وتحييد حزب ال PKK حسب إدعاءها،
كما قامت تركيا بتغيير ديموغرافي في منطقة الشريط الحدودي بإبعاد الأكراد وإستبدالهم بلاجئين سوريين موالين لها وجعلت منهم ورقة ضغط على الإتحاد الأوربي، كما لا ننسى أن تلك المجاميع قامت بإطلاق سراح الآلآف من الدواعش من أصل 75 ألف سجين دا عشي قابعين في السجون السورية، ووجود مخيم الهول الذي يقطنه 50 ألف نسمة معظمهم من النساء المواليات لدا عش مع أولادهن.
لقد سهّلت تركيا دخول التنظيمات الإرهابية عبر أراضيها لشمال سوريا وهذه ما ساعد على تعاظم نفوذهم خلال أيام معدودة، كما أننا لا ننسى أن سوريا ولبنان ودول محور المقاومة منشغل بحرب غزة التي ألقت بظلالها على المنطقة ككل.
لقد إختارت تركيا منطقة حلب بالذات لغاية في نفسها لتستغلها جيوسياسيا، برأيي حدث هذا لسببين أولهما أنها تضغط على الولايات المتحدة خاصة إدارة ترامب الجديدة بعد تصريحات الأخير حول المنطقة أو أنها تحركت بدافع صهيوني لإشغال سوريا والمقاومة عن الكيان،
فقطع محور سوريا يعني قطع وعرقلة الإمدادات العسكرية عن حزب الله وهذا يؤدي لتخفيف الضغط عن الكيان بعد الضربات الموجعة التي أذاقها له حزب الله خلال حرب غزة.
إن الأخطبوط التركي يحرك يديه أينما يجد مصلحته وإن كانت تلك المصالح ضد الشرف والإنسانية فتركيا بكلا الحالتين تعتبر ما بيديها ورقة رابحة للتأثير على الجانب الأمريكي والكيان من جهة والجانب العربي من جهة أخرى،
أحلام كبيرة لإحياء الأمبراطورية العثمانية وتنفيذ إتفاقية انقرة عام 1921 وهي تطمح بضم حلب وشمال سوريا والتي كانت تعتبر من السناجق العثمانية قبل وبعد إتفاقية أنقرة فحلب تعتبر ثالث مدينة من ناحية المساحة والأهمية والسكان.
ولم تكتف بذلك بل تطمح لضم كركوك والموصل تحت ما يسمى الدولة التركمانية الكبرى وهي دولة مقتطعة الأراضي من سوريا والعراق كما ظهر في أحد الصور للنائب العراقي أرشد الصالحي عن الجبهة التركمانية وهو يقف أمام خريطة باللون الأزرق تمثل الدولة الجديدة وهي تضم مناطق واسعة من العراقو سوريا،
إن تنفيذ تلك الأجندة لها أيادي خفية وأيادي ظاهرة تساعدها على تحقيق غايتها.
رغم أن تصريحاتها الرسمية متضاربة مع ما قامت به، فمن جانب صرح الناطق بإسم الخارجية التركية أونجو كيتشلي بأن الإشتباكات شمال سوريا تؤدي الى تصعيد غير مرغوب به في المنطقة ومن جهة أخرى تدعم خفية الجماعات الإرهابية وخاصة ما يسمى الجيش الوطني السوري، وهي بذلك تحاول أن تغير الخارطة في سوريا حاليا الدولة الأضعف والخاصرة الرخوة في دول محور المقاومة، وهي بذلك تستغل المجاميع الإرهابية لتحقيق غاياتها.
من طرف آخر أنكرت الولايات المتحدة والكيان علاقتهم بالهجمات الأخيرة في سوريا وأن ما يحدث بعيد عن الحسبان وليس لهما يد في هذا، إذا هل ما تفعله تركيا في المنطقة هو مخطط ذاتي مدروس أم أنها مجرد دمية يتلاعب بها الجانبان الأمريكي والصهيوني وإن أنكرا صلتهما بما يحدث ؟
هل ستحقق الدولة التركية حلمها بعد قرن من الزمان لتعود لأمجادها في إستعباد الشعوب والإستيلاء على أراضي غير تابعة لها؟! هل سيكون لتركيا دور برسم الخارطة الجديدة للشرق الأوسط حسب مصالحها أولا؟! وهل ستدخل في منافسة مع لاعبين مثل روسيا وأمريكا والكيان على مناطق النفوذ ؟!.
مهما حملت تحركات تركيا من تكهنات وسيناريوهات رسمتها أو تحاول أن ترسمها لن تجد لها موطيء قدم في سوريا أو العراق وما تخطط له من قيام دولتها القومية سيذهب أدراج الرياح، فمن وقف للدفاع عن سوريا قبل سنوات وحمى دمشق ومرقد العقيلة عليها السلام وأعاد الأمور لنصابها، قادرة مرة أخرى في الدفاع عنها وعن العقيدة ومستقبل التشيع والحفاظ على وحدة الأراضي لدول المحور،
فللعقيلة ليوث تحميها وتدافع عن مرقدها ولن يسمحوا بأن تسبى زينب عليها السلام مرتين (وإن عادوا….. عدنا وبقوة).