العلامة عدنان الجنيد ||
الشهادة مدرسة كاملة في القيم والمبادئ السامية ، ومتكاملة الأخلاق الطامية ، لا يمنحها الله إلا لأحبابه الذين عكفوا ببابه ، وكانوا من خواص طلابه ، ولهذا اختارهم من بين العباد لإخلاصهم في الجهاد ..
فالشهادة اصطفاء وارتقاء إلهي ، واجتباء رباني ، لا ينالها إلا من باع نفسه من الله الملك الحق المبين ، وعبَّد نفسه لخالقه رَبِّ العالمين ، ليس في قلبه أيَّةُ ذرةٍ تشوُّف إلى الدنيا ومناصبها ، ولا إلى التمتع بشهواتها ومآكلها ومشاربها ؛ لأن نفسه الأمَّارة قد ماتت بمجرد نيته في السير على الجادة قبل أن يصل لأرض الجهاد والمجاهدة ،
وقبل أن يحصل على وسام الشهادة ، ناهيك عن تعلّقه بالله الذي أصبح فيه طبع وعادة..
فالشهيد نال الدرجة العالية في الإيثار ؛ لأنه جاد بنفسه وأحيا أمة وأنقذها من فساد الظالمين والمستكبرين الأشرار ..
ويكفي في فضل الشهيد أن الله اشترى منه النفس والمال ، فباع الشهيد نفسه من الله في الحال (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ..) [التوبة :111]
فصفته في الدنيا المؤمن المخلص المجاهد ، وبعد نيله الشهادة يُوسَمُ بالحي الحاضر المُشاهد
(وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)[البقرة :154]