د. عامر الطائي ||
لقد سعت الولايات المتحدة، بدعم واضح وغير مشروط من إسرائيل، إلى فرض سياساتها على المنطقة العربية تحت ذريعة محاربة الإرهاب وإحلال الاستقرار،
لكن هذه السياسات اتضحت للعالم أنها محاولات لتحقيق مصالح ضيقة على حساب الشعوب الأخرى. ويؤكد البروفيسور جون ميرشايمر، مؤلف كتاب “اللوبي اليهودي والسياسة الخارجية الأميركية”، أن هذا التحالف قد وضع البلدين في مأزق غير مسبوق. فقد خاضت إسرائيل،
بدعم أميركي كامل، حروباً استنزافية ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها. هذا الفشل يكشف ضعف السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، حيث أصبحت الدول الغربية، التي لطالما تباهت بديمقراطيتها وقيمها الإنسانية، داعمة لممارسات همجية أودت بحياة الكثيرين ودمرت بنية تحتية أساسية.
ازدواجية المعايير الغربية، التي تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، أصبحت واضحة للعالم مع سكوتها عن الجرائم ضد الشعوب المحتلة. ومنذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، راهنت إسرائيل على التفوق العسكري لتحقيق أهدافها، لكن المقاومة اللبنانية والفلسطينية أظهرت صموداً غير متوقع، مما أظهر محدودية الدعم الأميركي غير المشروط وأدى إلى تصاعد الغضب العربي والإسلامي ضد الغرب. هذا الفشل في تحقيق الأهداف العسكرية،
الذي قاده اللوبي اليهودي في أميركا، أسهم في تدهور سمعة الغرب على المستوى الدولي، إذ بات العالم يرى في السياسات الغربية انحرافاً خطيراً عن القيم التي تزعمها الدول الغربية، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. ويرى ميرشايمر أن هذه السياسة لم تعد تجدي نفعاً، وأن أميركا وإسرائيل اليوم في مفترق طرق حقيقي، إذ تواجهان تحديات استراتيجية غير مسبوقة، خاصة أن الشعوب في المنطقة تطالب بالحرية والكرامة والاستقلال.
ويبدو أن هذا الفشل سيكون وصمة عار على جبين تلك الدول التي ادعت أنها منارة للديمقراطية وحارسة لحقوق الإنسان، إذ بات واضحاً أن السلام والاستقرار لا يمكن تحقيقهما عبر الاحتلال والقهر، بل عبر احترام حقوق الشعوب وحقها في تقرير مصيرها بعيداً عن أي تدخل خارجي.