محمد علي الحريشي
السلوك الإجرامي الذي تتبعه العصابات الصهيونية المتوحشة في قتلها بدم بارد اليوم «الجمعة 25 أكتوبر/تشرين الأول» للصحفيين مراسلي القنوات الإخبارية الذي يمارسون عملهم المهني من مقرهم في بلدة «حاصبيا» بجنوب لبنان،
هو سلوك الإجرامي يتنافي مع القوانين والأعراف الإنسانية و يدل على الهزيمة النفسية التي تعيشهاحكومة وجيش العدو ومستوطنيه وفشلهم في الحد من الفعل المقاوم الذي يقوم به أبطال المقاومة الإسلامية اللبنانية منذ إنطلاقة شرارة طوفان الأقصي في شهرأكتوبر /تشرين الأول الماضي،
اللجوء إلى قتل الصحفيين هو هروب من واقع الهزيمة والقلق الذي تمر به دولة الإحتلال، وقتل المدنيين من الأطفال والنساء و المرضى في المستشفيات وغيرها من الممارسات الإجرامية التي تتبعها العصابات الصهيونية تلك الممارسات هي تعبير عن الهروب من الواقع المهزوم الذي تمر به عصابات كيان الإحتلال والمصير المجهول الذي ينتظرهم على أرض فلسطين بعد ماصحا مارد المقاومة الإسلامية من قمقمه وأصبح واقعاً يحيط بكيان الإحتلال من كل مكان،
الهروب الصهيوني نحو الإمعان في الإجرام بقتل المدنيين والصحفيين في عدوانه الخاسر على غزة ولبنان لن يجديه نفعاً ولن يحقق له حماية من الواقع والمستقبل الحتمي في الزوال والنهاية الذي ينتظره، ولن يحقق له مايريد من زرع الخوف في نفوس المقاومين الذين سلكوا طريق الجهاد والذي ينتهي بالنصر أو الشهادة، هل يحسب العدو الصهيوني أنه بقتل الصحفيين والمدنيين الأبرياء وتهديم المدن على رؤس ساكنيها سوف يحصل على تنازلات من قبل قوى محور المقاومة ومنهم مقاومة حزب الله في لبنان؟
لم تتعض العصابات الصهيونية ولم تأخذ الدروس والعبر في مغامراتها غير المحسوبة على مدى عام كامل في قطاع غزة ذلك الشريط الجغرافي المنبسط والمغلق والمحاصر الذي لن تخرج منه إلا مهزومة رغم هول المأساة وعظيم الدمار الذي أحدثته آلة القتل الأمريكية الصهيونية في القطاع.
لبنان فضاء مفتوح وجغرافيا معقدة وفيها مقاومة قوية متماسكة لديها روابط قوة إيمانية راسخة لايمكن لأي قوة في العالم تفكيكها ونزعها من داخل النفوس،المقاومة اللبنانية إكتسبت خبرات متراكمة في الكر والفر بميادين القتال مع العدو ومع الدواعش الأمريكية الخليجية في سوريا وهم قد هيأوا أنفسهم لقتال العصابات الصهيونية والتنكيل بها من قبل عدة سنوات،على العدو الصهيوني أن يكون مدركاً أنه سوف يخرج من لبنان مهزوماً ذليلاً ولن تنفعه أمريكا ولادولارات ونفط أنظمة الخيانة والتطبيع وسوف ينتصر لبنان بمقاومته الباسلة وبشعبه الصبور على عصابات الإحتلال كما إنتصر في عام 2006.
قتل الصحفيين في الحروب محرم في القوانين الدولية وفي الأعراف الإنسانية قديماً وحاضراً ومستقبلاً، لأن الصحفي ليس طرفاً في الحرب، وهو يؤدي رسالة إنسانية وينقل الأحداث فلماذا تلجأ العصابات الصهيونية إلى قتل الصحفيين؟
سؤال هام لابد للجميع من معرفة الجواب عليه، الجواب هو إن كيان الإحتلال الصهيوني منذ إغتصابه لفلسطين عام 1948 وهو يشن الحروب على القرى والمدن الفلسطينية ومن بعدها حروب أعوام 1956 و1967 و1973 التي سيطر فيها على فلسطين وعلى أجزاء من سوريا ولبنان ومصر وماحدث من مجازر ومذابح في الفلسطينين وجنود الجيشين المصري والسوري.
كل ذلك حدث بعيداً عن أعين الإعلام بمعنى إن كل ماحققته عصابات الإحتلال من سيطرة على الأرض وعمل مذابح ومجازر كل ذلك حدث في ساعات غفلة وسكرة عربية وبعيداً عن الإعلام، لأن الإعلام والصحافة والمراسلين الصحفيين في تلك الفترة كانوا حكراً على القوى الإستعمارية المهيمنة ولم تكن الشعوب العربية غير مستقبلين ومتلقيين للضخ الإعلامي الغربي الذي سخركل أدواته وقدراته لصالح المشروع البريطاني الأمريكي الغربي في المنطقة العربية المسمى بدولة «إسرائيل»،
لقد أخذت العصابات الصهيونية فلسطين على حين غفلة من العرب والمسلمين ومارس العدو جرائمه وحربه ضد الفلسطينين والعرب بعيداً عن الإعلام، لذلك فضح الإعلام الممارسات الإجرامية الصهيونية وحرمها من الأطماع التي كانت تحصل عليها والمكاسب التي كانت تأخذها،
فكانت تأخذ كل شيء بعيداً عن الإعلام ويصحوا العرب على واقع جغرافي جديد وكل مايستطيعون عمله هو تقديم شكوى إلى مجلس الأمن أوعقد قمة عربية يخرجون منها ببيان إدانة هزيل ضد إسرائيل،ولهذا كانت الحرب الإعلامية ونقل صورالمجازر الصهيونية والدمار الذي تمارسه العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ومايحدث من مجازر في لبنان ونقل ذلك إلى العالم ليعرف حقيقة العصابات الصهيونية وتوجهها الإجرامي وسلوكها المنافي للقيم الإنسانية كل ذلك ولد العقد النفسية المركبة لدى الكيان المحتل من رسالة الإعلام ومن الصحفيين الذين يقومون بأدوار جهادية لاتقل عن مايقوم به المقاتل في خدق المواجهة.
لقد قتل العدو الصهيوني مئات الإعلاميين والصحفيين ومراسلي وسائل الإعلام في قطاع غزة على مدى عام مضى لكن كل ذلك لم ينهي دور الفعل الإعلامي والصحافة في قطاع غزة ولم تغيبه تلك المجازر بل إزداد توهجاً وإكتسب ثقة على مستوى شعوب العالم وأصبح العمل الإعلامي في قطاع غزة يحرك الضمير الشعبي العالمي حتى في عواصم ومدن أمريكا وغرب أوروبا،
وعرف العالم حقيقة إسرائيل التي لمعتها الدعاية الإعلامية الغربية إنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط والواحة الوحيدة التي تقع بين محيط عربي ديكتاتوري رجعي متخلف وجشع بموج بالفوضى، التي يقع على عاتق الغرب حمايتها وتوفير الأمن والرفاه لشعبها المظلوم الذين هم بقايا الناجيين من محرقة الهولوكوست «النازية».
وهكذا في لبنان سوف يموت المشروع الصهيوني ويدفن كما دفن من قبله المشروع الصليبي الأوروبي،ولن ينفع عصابات العدو قتل ثلاثة صحفيين في لبنان لأن الله سوف يهيء أضعاف أضعافهم يواصلون معركة الإعلام والوعي التي سوف تكون العامل الثاني بعد البندقية في تقويض كيان العدو المحتل وإنهائة من أرض فلسطين بحول الله وقوته وإرادته التي لاتقهر والله غالب على أمره.