ماجد الشويلي
ليس الغرض من كتابة هذا المقاول هو تقديم رؤية شاذة عن القاعدة في التحليل استجداء للمطالعة ودعوة لحيازة قصب السبق فيها ، بقدر ما هي محاولة لتعميق النظرة التحليلية للاحداث والتأصيل لمنطلقات جديدة لفهم الدور الوظيفي الاساس للكيان الصهيوني في المنطقة، ومقاصد المشغل الأكبر (الولايات المتحدة) من اعادة تطوير وتحديث هذا الدور الوظيفي وفقا لمقتضيات المرحلة الراهنة واستحقاقاتها الاقليمية والدولية.
هذه الرؤية التي اعتقد بها تقوم على أساس أن الولايات المتحدة على وجه التحديد ومعها الناتو ، باتوا مدركين أن التغول الصيني على الصعيد العالمي ستصل مدياته
الى مايعرف بالشرق الأوسط ،
وتحديدا منطقتنا هذه التي اقتضت مشيئة الله لها أن تكون (قلب العالم ) نظرا لما تتمتع به من مميزات ومقدرات يطول المقام بشرحها.
فضلا عن تعملق الجمهورية الاسلامية وتعاظم الدور الجيوسياسي لمحور المنطقة،
الى الحد الذي تمكن فيه من الهيمنة والاشراف على أهم المضائق العالمية .
مع نزعة التكامل الاقتصادي والسياسي مع الصين وروسيا ودول منظمة (شنغهاي) والعزم على اعادة صياغة النظام العالمي على أسس جديدة بعيدة عن الهيمنة الأمريكي وحلفائها .
وكمؤشر على الشروع في وضع اللبنات الاساس لهذا التغيير العالمي ، دشنت الصين أولى خطواتها بطريق الحرير ميممة وجهها صوب ايران والمنطقة وصولا للابيض المتوسط ومنه الى أوربا .
وعلى الرغم من أن طريق الحرير هذا بظاهره خطا تجاريا ، الا أن افرازاته أمنية وعسكرية بل وحتى ثقافية .هنا أدركت الولايات المتحدة أن تدشين هذا الخط بهذه السعة والشمولية سيخرج
الكيان الصهيوني عن الخدمة، وسينتهي دوره الوظيفي المرسوم لخدمة مصالحها،
ويحكم بالنتيجة على أمريكا أن يتراجع نفوذها في المنطقة ومكانتها الدولية.
أو لنقل أن نجاح الحرير يعني إيذانا بولادة النظام العالمي الجديد وأفول الهيمنة الأمريكية.
كما أن مواجهة الصين مباشرة أو مواجهة الجمهورية الاسلامية كذلك ستؤدي الى النتيجة ذاتها .
هنا عادت الولايات المتحدة لتشغيل الكيان الصهيوني بأقصى طاقته للقضاء على محور المقاومة وضم أكبر قدر من أراضي المنطقة كخطوة استباقية للحيلولة دون وصول الصين والتحامها اقتصاديا وأمنيا مع ايران العدو اللدود للكيان الصهيوني .
فتفعيل سياسة القضم من شأنها الاستئثار بمقدرات المنطقة والتحكم بمنابع الطاقة وممراتهاا .
هو مايفسر لنا تشكيل وزارة القضم(الضم) الاسرائيلية والتي يتزعمها (سموتريتش)
بدورها سارعت أمريكا لعقد اتفاقية خط الهند التجاري مرورا بدول الخليج وبعده فلسطين المحتلة وغزة الغنية بالغاز الى البحر المتوسط ، كضد نوعي لطريق الحرير
مع شق قناة بنغوريون كبديل عن قناة السويس .
وقد اوكلت هذه المهمة الى المجرم نتنياهو الذي قدم نفسه على أن البطل الاسطوري القادر على اعادة الدور الوظيفي للكيان الصهيوني وحفظ مصالح الغرب في المنطقة ومد الولايات المتحدة بسبل الاستمرار بهيمنتها على العالم .
فمُنح الضوء الأخضر ليعيث في الأرض فسادا وليفعل ما بدا له شريطة أن لا يجرهم الى مواجهة شاملة في المنطقة .
ولما شعرت الولايات المتحدة أن نتنياهو يمكن أن يورطها في مواجهة شاملة
قدمت له رشوة كبيرة كانت تعتقد أنها ستقضي على حزب الله وتشبع غروره ويتمكن بعدها من التوغل في لبنان كلها وهكذا الامر بالنسبة لغزة .
كانت الرشوة عبارة عن تفجيرات البيجر واجهزة اللاسلكي واغتيال سماحة السيد
الشهيد حسن نصر الله ومن قبله هنية وصولا الى السنوار (رضوان الله عليهم جميعا )
كل ذلك للحيلولة دون توريط الولايات المتحدة بحرب شاملة في المنطقة تعلم جيدا ان قواعدها في المنطقة وكل مافيها سيتم نسفها وتسويتها في الارض.
لذا اعتقد أن المعركة ستطول وقد تحولت الى حرب استنزافية طويلة مع بوادر تورط الامريكان فيها أكثر من تورطهم في الحرب الأوكرانية وكدليل على ذلك هو ارسال منظومة (ثاد) الدفاعية مع طواقمها الامريكية الى اسرائيل واختيار شركة أمنية أمريكية لتوزيع المساعدات في غزة.
هذه التدخلات الامريكية المباشرة اضطرارية لمنع تدحرج الامور الى مواجهة شاملة رغم أدراكهم أنها مكلفة لكن بكل الاحوال ستكون اقل بكثير مما لو اندلعت المواجهة العظمى.
اما متى وكيف ستنتهي حرب الاستنزاف هذه؟
فانا اعتقد انها ستستمر وتتفاقم اكثر الى أن يصبح الكيان الصهيوني خطرا على الأمن القومي الأمريكي أو أن كلفة دعمه أكبر من جدوى بقائه.
انتهى