الشيخ حسن عطوان ||
يقول عزَّ من قائل :
( إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَ لكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّـهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّـهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .
هذه الآية المباركة تتحدث عن أجواء معركة بدر ، حيث خرج المسلمون من المدينة للحصول على قافلة قريش التجارية تعويضاً عمّا سلبه المشركون منهم بعد إخراجهم من بيوتهم ظلماً وعدواناً ، ولم يكن المسلمون يخططون لمعركة ، بل لم يكن الكثير منهم راغباً بالقتال .
يقول جلَّ وعلا :
( وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّـهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَ يُرِيدُ اللَّـهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ ) .
لكنَّ الذي حصل إنَّ المسلمين ضاع عليهم أثر القافلة ، ولعله لولا ذلك لأتبعوها ، ولم تحصل معركة بدر التي تحقق فيها النصر العظيم .
وبغض النظر عن كل ذلك فإنَّ عدد المسلمين وإمكانياتهم كان أقلّ بكثير من عدد وإمكانيات العدو في كل شيء ، ولعلهم لو كان الأمر لهم فلن يختار كثيرون منهم القتال..
ولكنَّ إرادة الله سبحانه شاءت غير ذلك ..
هم خطّطوا لشيء ..
والله سبحانه من عليائه أراد أمراً آخر ..
( لِيَقْضِيَ اللَّـهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيی مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) .
ما أريد أنْ أقوله ونحن في ساحة معركة شرسة تفرعن فيها العدو وطغى ..
وقد ركز بين إثنتين ..
بين السلة والذّلة ..
لقد مرّ من قبْل مثل ذلك ، بل ما هو أشد على الأنبياء والأئمة ..
يقول جلّت قدرته :
( إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّـهِ الظُّنُونَا * هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ) .
ويقول ايضاً :
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّـهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ ) .
فليس لمجاهدينا وبيئتهم إلّا الصبر والجَلَد ..
فاصبروا يرحمكم الله ..
و ” يقيناً كله خير ” .
اللهم أنزل على قلوب المجاهدين سكينة من عندك ..
وأنزل على صدورهم صبراً من عليائك ..
وانصرهم بنصرٍ عزيز مؤزر من مجدك وعزتك ..
فأنت وحدك الناصر المعين .
عظّم الله أجوركم .