مازن الولائي
السنوار هذا الاسم النادر في لفظه والمتداول قليلا، واللفظ كلما قل استخدامه حافظ على تأثيره عند المتلقي. رجل انتمى الى أمة الوعاة وأصحاب البصائر، وخرج عن الرتابة في العيش الذي تعيشه البشرية تشاطر الكثير من البهائم، في شؤونها، بل في كثير من الأحيان ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) الفرقان ٤٤ .
وهؤلاء من على شاكلة السنوار ونصر الله ومن علت رتبتهم في فهم تكليفهم أنهم خلقوا ليس للملذات التي تُنزلهم منزل مقصد الآية ومصداقها، قوم “لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا يتهافتون على ذهاب الأنفس” .. فصاروا عملة نادرة مكنتهم تلك المسؤولية والشعور بألم الأمة والبشرية القدرة على تقفي آثار السعادة وسبيل عشق الشهادة، ليس لفظا اجوفا! بل سلوكا عمليا مملوء المضمون والدلالة على الحق الذي بارك فيه الخالق الجبار جل جلاله.
قوم ونوع قادة أدركوا أن الحياة لا طعم فيها عدى طعم العطاء بمثل ما أثقل ميزان أعمالهم وبثقل ما نسجوا من خيوط حرير الصدق بينهم وبين قواعدهم التي هي الأخرى فهمت معنى الحياة من دون ذلة وخنوع. فحازوا على تلك الخرائط التي تضمن الوصال بقلوب تكلمت عنها خطبة المتقين الغراء
《 فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَمَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ وَلَوْ لَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ 》 .
رحل السنوار جسدا ممزقا ورأس مضمخ بالدماء، وسيبدأ دمه الفوار كما سيرة كل تلك الدماء الزاكية في طريق العزة والكرامة تمهد الطريق لآلاف سنوار ونصر الله..