محمود الهاشمي ||
رغم مرور عام على معركة طوفان الأقصى الاّ ان الكيان الصهيوني لم يستطع ان يحقق
نصرا معلوما في ميادين القتال ،
وكل الذي يفخر به ،انه حقق مجموعة اغتيالات لقادة المقاومة ،وعشرات الجرحى بمخطط (البيجرات )!والاخيرة جزء من حروب الاستخبارات وليست حروب ميادين قتال .
الجيش الصهيوني خاض خمسة حروب مع غزة (الصغيرة في مساحتها )ولم يستطع أن يحقق نصرا واحداً إنما هو منهج الهدم
والقتل والتدمير واستهداف المدنيين والمستشفيات ،وهي أعمال لاتؤثر على نتائج المعركة حيث سرعان مايعاد البناء والإعمار وتعود الحياة وتستمر المقاومة في تطوير أسلحتها ومشاريع المواجهة مع العدو .
المعركة (السادسة )لغزة مع العدو الصهيوني شهدت تطورا كبيرا ،حيث سرعان ماالتحقت قوى الإسناد الأخرى من محاور المقاومة للانضمام للمعركة ،
رغم ان (الحرب المباشرة )لم تكن معها ،وهذا تحول ينم عن تنسيق كبير وتفاهمات مدروسة حيث ان المقاومة في لبنان ليست هي الجهة الحاكمة في البلد ،وهناك جهات سياسية (معلومة )في خلاف شديد مع (حزب الله )ومشروعه المقاوم ،
ومثل ذلك إسناد العراق واليمن وسوريا ..
هذا يعني ان (المقاومة)لم تقف في مشروعها العسكري إنما تطورت إلى مشروع (سياسي )مقبول وبات لها انصار كثيرون وعمق جماهيري مؤثر على القرار السياسي ،لدرجة ان الرئيس اللبناني (ميقاتي )قال (ان حزب الله يقاتل نيابة عن لبنان).
معركة (طوفان الأقصى )جعلت من (اسرائيل )تبدو (غريبة )في محيطها فحتى (الزعماء العرب )المنخرطون ب(التطبيع)راحوا يتبرؤون من الكيان ،وسارعوا الى طرد سفرائه في عواصمهم .
لم يعتد الجيش الصهيوني على الحروب الطويلة إنما كل تدريباته العسكرية على الحروب الخاطفة والتي حققت له إنجازات خاصةً مع (الجيوش الرسمية العربية )في حروب(٤٨-٦٧-٧٣).
حاول العدو الصهيوني وعلى مدى عام من عمر معركة طوفان الأقصى ،ان يهيج عناصره داخل (دول المقاومة )في فصل (المقاومة عن البيئة السياسية للدولة )في لبنان واليمن وسوريا والعراق ،باعتبار ان (الحرب مع غزة فما شأن دولنا بها كي نعرض بلداننا للخطر )؟)’لكنه لم ينجح لان (الامة في ضميرها تعيش القضية الفلسطينية )وترى في القتال مع العدو الصهيوني واجباً وطنيا ودينيا .
ادرك العدو الصهيوني انه وعلى مدى عام لم يستطع ان يحقق انجازا ملحوظا بالحرب ،بسبب (المقاومة الساندة)وتأثيرها على واقع المعركة ،فاضطر لفتح جبهة لبنان ،والتي مع التحضيرات الكبيرة لها ،فشل ان يحقق انجازا ميدانيا ،فراح يقاتل بنفس اليته المعهودة في غزة ،بالإجهاز على المدن والمدنيين والمراكز الصحية والأسواق العامة وغيرها ،وقد فشل ودخل في (حيرة )لكثرة قتلاه في غزة ولبنان ،وتوسع مساحة الاستهدافات بالنسبة للمقاومة لتطال العاصمة تل ابيب وحيفا وعكا وغيرها ،وخف الضغط على مقاتلي حماس ايضا .
الضربة الأخيرة لايران لأغلب مدن الكيان عوضت عن (صدمة ) اغتيال قيادات المقاومة وتفجيرات النيجرات ،واثرت على موازين المعركة ،وباتت المقاومة تعتقد بان محورا مباشرا قد أضيف إلى إمكانياتها .
الضربة الأخيرة لايران (الوعد الصادق ٢)باستهداف الكيان ،اضاف (جبهة )اخرى للكيان وجعل المسؤولين الصهاينة ،يفكرون ب(الرد)اكثر مما يفكرون بجبهات المقاومة
فأخل كثيرا بمعادلات وتوازنات المعركة ..
بعد استهداف لبنان من قبل العدو الصهيوني في ايلول وبسبب ممارسة إسرائيل لسياسة الأرض المحروقة، للتعويض عن فشلها في تحقيق أهدافها التي وضعها قادة الكيان، وكذلك بعد إبلاغ لبنان الوسطاء الدوليين موافقته على وقف إطلاق النار، عادت تل أبيب لتربط الضغط الحالي على بيروت بإطلاق الرهائن في غزة، وهو ربط للساحات من قبل إسرائيل هذه المرة مرغمةً.!
حاولت الولايات المتحدة ومعها (اصدقاؤها) بالمنطقة أن تبعد (ايران) عن اي مشروع لإنهاء الحرب ،وان تكتفي بالحلول التي تصنعها وفقا لاهدافها ،فاصطدمت بإرادتين الاولى إرادة (المقاومة)التي لاتنفصل ساحاتها عن بعضها ،في اي تفاوض ،فغزة جزء من (محور المقاومة )وليس كل المحاور ،وان كان قادة المحاور يرددون (ماتراه حماس نراه نحن ايضا ).
والإرادة الثانية (ايران) التي تمثل العمق الاستراتيجي للمقاومة والتي لاتقبل باي حلول مفروضة على المقاومة .!
الرد الإيراني الأخير (الوعد الصادق ٢)انزل (الدبلوماسية الإيرانية)إلى الساحة بقوة حيث
تحرك رئيس الجمهورية (بزشكيان) باتجاه قطر في اليوم الثاني للرد الإيراني وحضر المنتدى الاقتصادي ووجد ترحيبا خليجيا مميزا بان استضافه امير قطر في منزله الخاص ،وكذلك الوفد السعودي ولسببين الاول أن دول الخليج تريد ان تؤكد لايران انها ليست
جزء من ألحرب إذا ما اتسعت ،
والثاني قناعتها ان إيران باتت دولةً فاعلة ومؤثرة بالمنطقة .
وزير خارجية ايران عراقچي هبطت طائرته في مطار بيروت بعد ساعات قليلة من استهداف المطار ،وكانت وسائل إعلام عبرية نقلت خبرا ، مشيرة إلى أنه قبل نحو أسبوع، أبلغ الجيش الإسرائيلي لبنان أنه لن يسمح لهبوط طائرات قادمة من سوريا أو إيران في مطار بيروت”.
اكد عراقجي في زيارته لبيروت ولقائه بالمسؤولين على معادلة مهمة تقول (وقف إطلاق النار في غزة وبيروت معاً)،وبذا ربط الساحات ،وعاد إلى الهدف الذي شارك من اجله حزب الله الحرب(لن نوقف الحرب حتى يتم وقف إطلاق النار بغزة )!
هذا (المشروع )دار به وزير خارجية إيران دول الخليج والعراق ايضا ،وليفرض معادلة جديدة ويرسخها (ايران + محاور المقاومة من تصنع مستقبل المنطقة )وان المنطقة قادرة بالدفاع عن نفسها ،وإذا مافرض العدو الصهيوني (شمولية الحرب )فايران ومحاور المقاومة ستكون بالواجهة ،وهي معركة تحتاج إلى (وضوح)فإما أن تكون مع امريكا واسرائيل او ان تكون مع ايران والمقاومة وإما (الحياد ولكل ثمنه .!
هذه (الدبلوماسية الإيرانية)انطلقت في وقت استقرت فيه المعركة ،وكانّها
مثلما بدأت ،فلم تحقق اسرائيل نصرا بغزة ولابلبنان ولم تحيد جبهة دون اخرى فمازالت جبهات المقاومة فاعلة ومؤثرة .
اذن هي الدبلوماسية الإيرانية الفاعلة التي اطلق عليها الإعلام العالمي (دبلوماسية السجاد )لما تمتاز به من (النفس الطويل بالتعامل مع الأزمات )يقودها السيد عراقجي
سليل أسرة مازالت تعمل بتجارة السجاد ،ومن قام بالدور الحاسم في مفاوضات الاتفاق النووي لعام 2015، كوزير للخارجية،والذي قال عند ترشيحه امام مجلس الشورى
(إن السياسة الخارجية التي سوف اتبعها مبنية على “عدم الخوف من قوى الهيمنة ودعم محور المقاومة والقضية الفلسطينية”.