فشل استخباري اسرائيلي في معركة طوفان الاقصى..!

أ.د.جاسم يونس الحريري ||

 

 

شكّل هجوم حماس على ((إسرائيل)) في 7 أكتوبر2023 فشلاً ذريعاً لأجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، التي فقدت الكثير من قدراتها في قطاع غزة على مدى السنوات الـ15 الماضية رغم سمعتها المتبجّحة وتقنياتها المتطوّرة.

 

فقد أخفق جهاز الأمن العام (شين بيت)والمخابرات العسكريّة الإسرائيليّة والموساد عن رصد عمليات التخطيط والتدريب والإمداد الممهّدة لهذا الهجوم المعقّد براً وبحراً وجوّاً. صحيفة ((الغارديان))البريطانية كتبت في تقريرها: “الأفلام التي نشرها الفلسطينيون تُظهر انهيار الجدران والأسوار التي حاصرت 2.3 مليون شخص في قطاع غزة على مدار 16 عامًا،

 

وهذه المشاهد كانت غير متوقعة على الإطلاق. وتم نشر أفلام أخرى تُظهر القوات الإسرائيلية في حالة حصار وأيديهم وأرجلهم مقيدة.” رئيس تحرير المجلة الصهيونية ” “Jewish Chronicle كتب في منشور على منصة “إكس”: “إسرائيل تعرضت لهزيمة عسكرية واستخباراتية كبيرة، لم أشهد مثل هذا الأمر طوال حياتي.”

 

وتعكس اعترافات قادة العدو واقعَ الهزيمة ومرارتها، حيث اعترف الرئيس السابق لجهاز الموساد ((إفرايم هليفي)) أن الهجوم الذي شنته حماس “فريد من نوعه…إنها المرة الأولى التي تتمكّن فيها غزة من اختراق عمق إسرائيل والسيطرة على القرى”.

 

وكتب ((ديفيد هوروفيتز)) في مقاله في صحيفة(يديعوت آحرونوت) الاسرائيلية: “لقد انتصرت حماس في معركة نفسية كبرى أيضا، وستبقى ذكراها خالدة إلى الأبد”؛ في حين اعتبر الكاتب ((آفي مئير)) عملية “طوفان الأقصى” بأنها “11 سبتمبر الإسرائيلي، ولن يعود أيّ شيء كما كان”.

 

أما الكاتب((دفيد ليفي))، فقد كتب في صحيفة “هارتس” الاسرائيلية: ” شاهدت إسرائيل أمس صورا لم تشاهدها طوال حياتها، عربات عسكرية فلسطينية تتجوّل في مدنها، مقاتلين من راكبي الدراجات النارية من غزة يدخلون من بواباتها، هذه الصور يجب أن تمزق قناع الوقاحة…

 

الفلسطينيون في غزة قرّروا أنهم مستعدون لدفع كل ثمن مقابل لحظة حرية”. أما الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ((ألون بنكاس)) فقد كتب: ” 7 أكتوبر 2023؛ تاريخ سيبقى عارا على إسرائيل”. وكتب الصحافي ((بن كاسبيت)) في صحيفة“معاريف” الاسرائيلية: “لقد نفذت حماس هجومها لتحصل على صورة نصر، لكنها عادت بألبوم كامل من هذه الصور”.

 

ونقلت صحيفة “معاريف” الاسرائيلية عن مسؤول كبير في جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية “الشاباك” قوله: “رجال حماس أكثر تصميما من حزب الله، شجعان، ليسوا أغبياء، إنهم يعرفون ما يُقدمون عليه، يتوجب عدم الاستخفاف بهم، لديهم طاقة صبر، اليأس لا يصل إليهم، إنهم يستغلون الفرص ويمكن أن يكونوا خطيرين للغاية”.

 

وقد كتب ((عيران تسيون))، نائب رئيس ((مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق)): “أية عملية عسكرية مهما كانت واسعة، لن تمحو حقيقة أن حماس وجهت ضربة موجعة لإسرائيل على المستوى الإستراتيجي والتاريخي. لقد تمكنت حماس من تحقيق هذا الإنجاز الفذ الذي سيدرّس في المدارس العسكرية لسنوات طويلة.

 

واعترف عدد من المسؤولين الإسرائيليين بفشل أجهزة الاستخبارات والجيش في مواجهة عملية “طوفان الأقصى” التي شنّتها حركة حماس في 7 أكتوبر2023، وأسفرت عن سقوط 1400 إسرائيلي على الأقل، معتبرين أن “تقصيراً كبيراً” تم تسجيله على المستوى الأمني نتيجة عدم اكتشاف مخطط حماس قبل تنفيذ هجومها.

 

ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، رسالة وزعها رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الميجر جنرال ((أهارون حاليفا))، على مرؤوسيه يقر فيها بأن الاستخبارات العسكرية فشلت في توقع هجوم حماس، وأنه يتحمل المسؤولية كاملة.

 

وأكد متحدث عسكري إسرائيلي لوكالة “رويترز” هذه الرسالة. وفي وقت سابق ، أقرّ مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ((تساحي هنجبي)) بوجود “أخطاء” في التقييمات الاستخباراتية قبيل هجوم “حماس” المباغت الذي شكّل صدمةً ((لإسرائيل))، وقال “هذا خطأي، ويعكس أخطاء كل من يقومون بالتقييمات (الاستخباراتية)”.

 

وفي تعليقه على سؤال بشأن تصريحات أدلى بها قبل 7 أكتوبر2023، استبعد خلالها قيام الحركة بأي هجمات على المناطق الإسرائيلية، رد هنجبي: “كنا نعتقد حقاً أن حماس تعلمت الدرس من حربها الأخيرة مع إسرائيل في عام 2021”.

 

بدوره، انضم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ((أهارون حاليفا)) إلى قائمة الذين أعلنوا تحمّل مسؤولية الضربة المباغتة، قائلاً “بداية الحرب تكمن في الفشل الاستخباراتي.

 

شعبة الاستخبارات التي تحت قيادتي فشلت في التحذير من الهجوم الذي نفذته حركة حماس. لقد فشلنا في مهمتنا الأكثر أهمية، وكرئيس لشعبة الاستخبارات أتحمل المسؤولية الكاملة عن الفشل”.

 

وأضاف: “ما هو المطلوب التحقيق فيه، سنحقق فيه بطريقة أعمق وسنستخلص النتائج، لكن الآن، هناك مهمة واحدة فقط أمام أعيننا، وهي القتال والانتصار”.

 

وفي أول بيان علني له منذ بدء الحرب، اعترف رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي اللفتنانت جنرال ((هيرتسي هاليفي)) بالإخفاقات المحيطة بعملية “طوفان الأقصى”، لكنه اعتبر أن الوقت الآن ليس مناسباً للتحقيق في الخطأ الذي حدث.

 

وبحسب تقرير لصحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل”، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال (دانييل هاجاري) أنه لم تكن هناك تحذيرات استخباراتية كبيرة، لكنه أكد وجود بعض “العلامات”.

 

وتابع: “لم يكن هناك مثل هذا التحذير. العلامات التي ظهرت قبل ساعات يُمكن أن تعتمد على إشارات استخباراتية مختلفة”، لافتاً إلى أن “الجيش سيحقق في كل ما يحيط بالهجوم المفاجئ لحماس”.

Check Also

عملية التعداد مستمرة في كركوك وسط دعوات شعبية للمشاركة الفاعلة لإنجاحها

عملية التعداد مستمرة في كركوك وسط دعوات شعبية للمشاركة الفاعلة لإنجاحها    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *