أمين السكافي (لبنان-صيدا) ||
منذ تأسيسه وبعدها أخذه لإستقلاله عن الإنتداب الفرنسي أعتبر لبنان وكأنه سويسرا الشرق الأوسط ليس بمنتجعاته السياحية وجباله المكللة بالثلج وشواطئه اللؤلؤية وعاصمته وضواحيها التي لا تنام بل تصل الليل بالنهار سهرا وغناء ورقصا بل وأيضا بمحاولة جعله منطقة محايدة لا دخل لها في مشاكل المنطقة وأن يكون موقفه الحياد مما يجري حوله ولذلك لم يتم وقتها الإهتمام بتجهيز جيش قوي وقادر عن الدفاع عن لبنان داخليا وخارجيا .
وقليلون هم من كانوا على علم بالكارثة القادمة التي ستغير وجه المنطقة وبحسب المعلومات فقط أعطوا موافقتهم الضمنية لإقامة وطن بديل في المنطقه للصهاينة، المهم غباء وقصر نظر السياسيين اللبنانيين جعلهم يعتقدون أنهم محصنون في وجه التيارات القادمة بدعم من قوى الغرب وخاصة الأم الحنون فرنسا ولذلك كان المطلوب جيشا يشبه أو أن يكون رديفا لقوى الأمن الداخلي.
ولكن التيار لم يأتي بل جاء مكانه تسونامي ليقتلع الأخضر واليابس وليعيد خلط الأوراق من جديد في المنطقة ،
٤٨ أعلن عن قيام دولة مزعومة للصهاينة على أرض فلسطين وتم إرتكاب مجازر عدة من قبل العصابات الصهيونيه على أصحاب الأرض لقتل من يقتل وتشريد من يغادر وكانت موجة اللجوء الأولى إلى لبنان كما إلى بقية دول الطوق هنا كانت بدايات الإنقسام بين المذاهب اللبنانية فالمسلمين سنة وشيعة وموحدين أرادوا الوقوف إلى جنب إخوتهم المسلمين وأما بالنسبة للمسيحيين بكل مذاهبهم فقد فضلوا الحياد وعدم التدخل وبدل تقوية الجيش ليكون حاضرا لأي أمر إعتبر السياسيين اللبنانيين أن قوة لبنان في ضعفه،
وهي مقولة غريبة عجيبةلا تمت للواقع بصلة . أعتبر اللاجئين الفلسطينين ضيوفا حتى يحين موعد عودتهم إلى بلادهم ولم يسمح لهم بممارسة أي عمل كأطباء أو محامين أو مهندسين أو خلافه سمح لهم بالعمل اليدوي أي بالورش على إختلافها إلا بعض الفلسطينيين فقد أعطوا الجنسية لمجرد أنهم مسيحيين ،
بدأ المسيحيون ينفرون من الوجود الفلسطيني أما المسلمين فقد أحتضنوا الفلسطينيين وبدأت بوادر الخلاف تظهر شيئا فشيئا حتى عام ٥٨ يومها أنقسم اللبنانيون بين المسيحيين المؤيدين لحلف بغداد المناوء لعبد الناصر وبين المسلمون الداعمين لعبد الناصر في وجه حلف بغداد وكانت الثورة والعصيان على الحكم مما جعل الرئيس شمعون يطلب تدخل الولايات المتحدةالأمريكية فكان نزول المارينز للمرة الأولى على الشواطئ اللبنانية .
وكانت بداية الإنقسام حتى وصلنا إلى عام ٧٣ وهو عام إندلاع الحرب الأهلية هنا كان الفلسطينيون قد تسلحوا بعد أن هجروا ثانية في العام ٦٧ وبعدها من الأردن بما سمي أيلول الأسود وبدؤا بشن الغارات والعمليات على الكيان وطبعا كان رد الكيان موجع من تدمير طائرات الشرق الأوسط في مطار بيروت إلى القصف المتواصل على القرى والبلدات وأما المسلمين فقد إنضوا أغلبهم في الفصائل الفلسطينية أوالأحزاب اليسارية بالنسبة للمسيحيين فقد تجهزوا من كل ما قد يلزم في الحرب القادمة ،
ويلات الحرب كثيرة وما حصل فيها كان وصمة عار على جبين البشرية وكان للكيان دورا بارزا فيها بقصفه المتكرر اليومي حيث لا أحد يردعه وبإحتلاله مرتين للبنان مرة إلى الليطاني والثانية إلى بيروت ،
قدر عدد ضحايا الحرب الأهلية بما يفوق المائة والخمسين ألف قتيل ، إنتهت الحرب الأهلية ولكن عربدة الصهاينة لم تنتهي .
فقد بقي جزء من الجنوب اللبناني محتلا بدأت المقاومة الفعلية للإحتلال الإسرائيلي عام ٨٢ من أغلب أطياف الأحزاب اللبنانية وظلت تجبره على التراجع إلى أن وصل إلى ما عرف بالشريط الحدودي وهناك أكملت المقاومة بدماء وتضحيات شهداءها تحرير ما تبقى من أرض لبنانية وكان لبنان البلد العربي الوحيد رغم صغره ورغم أسطوانة قوة لبنان في ضعفه ورغم اللازمه التي كانت تردد بأن العين لا تقاوم المخرز ورغم الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد نستطيع القول وبكل عزة وإفتخار بأننا من أذلينا وقهرنا وطردنا أسطورة الجيش الذي لا يقهر من لبنان وحتى عندما عاود الكرة في عام ٢٠٠٦ كانت المقاومة له بالمرصاد وكبدته خسائر فادحة في العدد والعتاد طوال ٣٣ يوما إلى أن تدخلت الدول العظمى وأوقفت الحرب .
منذ سنة بالتمام بدأت المقاومة الفلسطينية ما أصطلح على تسميته بطوفان الأقصى ولحقها لبنان في التالي تحت عنوان جبهة الإسناد لغزة وللحقيقة هي كانت أكبر من إسناد وأصغر قليلا من حرب ولم تتوقف أو تهدىء طوال عام كامل وكانت مؤلمة للكيان لدرجة أن يتخذ قرارا غبيا بالدخول في حرب مع المقاومة في لبنان ،
قبلها حاول إيذاء المقاومة من خلال تفجيرات البيجر وبعض أجهزة الاسلكي كما قام بإغتيالات لقادة الوحدات القتالية من عزيز إلى بدر إلى نصر وصولا لوحدة الرضوان وليكمل قذارته بمحاولة إرباك المقاومة أستهدف أمينها العام القائد حسن نصرالله وعندها حاول التقدم فتصدت له المقاومة على أكثر من محور وكبدته الخسائر واليوم وبعد مضي ثمانية أيام لا يزال يحاول ويبوءا بالفشل .
هؤلاء المقاومين من جميع الوحدات العاملة على الأرض هم شرف هذه الأمة وأمنها وأمانها وهم سيف الله المسلول هؤلاء هم حماة الديار وحماة الأقصى والكعبة والمسجد النبوي هؤلاء معجزة الله في أرضه هؤلاء رجال بكل ما للكلمة من معنى هؤلاء من يكتبون التاريخ بأحرف من دم ويسطرون أروع ملاحم الفداء هؤلاء الأمل والإطمئنان هؤلاء غمضة عيننا ليلا لأنا نعرف أنهم موجودين هؤلاء أحباب الحبيب وأبنائه وتلامذته هؤلاء خريجي فكر ومدرسة الحسين هؤلاء من تحطمت على أقدامهم أسطورة الجيش الذي لا يقهر هؤلاء نور الشمس وضوء القمر ،
لولاهم لما جلسنا آمنين مطمئنين في بيوتنا ومكاتبنا ومحلاتنا هؤلاء هم العين التي كسرت المخرز هؤلاء من جعلوا من الضعف قوة هؤلاء أبناء الإمام الصدر هؤلاء قوة لبنان فيهم وفي قوتهم هؤلاء من جعلوني أفخر وأفتخر بأنني لبناني من بيئة المقاومة.