ماجد الحداد ||
إن أبرز و أكبر التأثيرات التي فرضتها (طوفان الأقصى) على الشعوب العربية و شعوب العالم ، هي إعادة إحياء القضية الفلسطينية و تصدّرها الواجهة الشعبية ، لتكون القضية الأساسية الأولى ، و التي بموجبها يتم تحديد طبيعة علاقة الشعوب بالأنظمة الحاكمة .
لعلّ أبرز بلدين هما مصر و الأردن ، فالتظاهرات و الحراكات الإسلامية الشعبية الداعمة لأصحاب المثلث الأحمر التي شهدتها الساحة في هذين البلدين تزداد يومًا بعد يوم ، و بلا شك أن عملية معبر الكرامة في الأردن لن تكون الأخيرة ، و قد سبقها عملية الإسكندرية في مصر .
لنتذكر سابقًا ؛ أن الثورات الشعبية التي حدثت في بلدان أفريقيا العربية و أسقطت نظام مبارك في مصر ، و نظام بن علي في تونس ، قد حدثت بعد عامٍ و نصف من (حرب الفرقان) عام 2009 في غزة ، و كانت الخطابات و الشعارات الإسلامية هي الأكثر تداولًا بين الجماهير العربية .
يذكر يوآف غالانت – وزير الحرب حاليًا – الذي كان قائد المنطقة الجنوبية أبان حرب الفرقان ، و يقول ” أن السبب الرئيسي لإيقاف الحرب – حرب الفرقان – هو الشعور بالخوف و القلق على مستقبل أصدقائنا العرب ، و ليس كما أُشيع في الإعلام “.
و لكن تم مواجهة الحركات الشعبية الطبيعية ، و استطاعت إمريكا و إسرائيل و حلفائهم من عرقلة سيرها و تحريف نموّها ، حتى أصبحت تُعرف لاحقًا بإسم (الربيع العربي) .
إذ عبّر الدكتور الراحل حسين عبد اللهيان في كتابه (صبح الشام) ، عن هذه الجهود الإمريكية – الإسرائيلية لإحتواء الصحوة الإسلامية بالهندسة العكسية ، و ذكر أيضًا السبب : ” الهدف إضعاف الدول المحيطة بإسرائيل و جيوش الدول الإسلامية و إبقاء الكيان الصهيونيّ المصطنع قويًا “.
و يذكر بينيامين نتنياهو في مذكراته : ” أن بقاء المملكة الأردنية الهاشمية بمثابة مصلحة حيوية لإسرائيل ، ولَو أقتضى الأمر فسننزل بجيوشنا للحيلولة دون سقوطها ” .
إن سعي بينيامين نتنياهو الحثيث إلى توسعة الجبهة و جرّ إمريكا للحرب الإقليمية هو طوق نجاته ، و لا يردعه شيء بمثل زعزعة استقرار الأردن أو مصر ، و قطع خطوط الإمداد البري .
إن الأوضاع الإقتصادية السيئة ، و إزدياد حالات الإضطهاد و حملات الاعتقالات لِمَن يناهض النظام ، و الطبيعية الإجتماعية و الشعبية لهذه الدولة و تلك ، كلها أسباب مع السبب الرئيسي الذي هو موقف هذين الدولتين من قضية فلسطين ، ستؤدي هذه العوامل لاحقًا إلى هزّ أركان نظاميّ الأردن و مصر .
هذه العمليات الفردية في مصر و الأردن ببضع رصاصات ، تعادل سقوط صاروخ في المستوطنات ، لأن هذه العمليات تساهم في تدمير مخططات عُمِلَ عليها لسنين عديدة ، و ضربة موجعة إلى (كامب ديفيد) و (وادي عربة) .
مشهد خروج الجماهير الأردنية بالألعاب النارية محتفلةً بعملية معبر الكرامة و منفذها ، لن تقف لهذا الحد ، بل ستكون دافعًا قويًا لتنفيذ عمليات أخرى .