الثقافه المفهوم الغامض..!

مانع الزاملي ||

كثيرا ماتمر علينا مفردة مثقف او ثقافة ويقيني ان هذه الكلمة بقيت غامضة للكثيرين ، فالبعض يراها التحصيل الدراسي الذي حصل عليه الفرد ، واخر نظر للثقافة على انها ملبس او مركب الانسان الظاهري ، واحيانا ينظر لها المنصب الذي يتبؤه الانسان ، وربما حسبها البعض نمط من انماط السلوك المدني ! كل هذه الافتراضات تحتاج لكلمة فصل لكي نحدد ولو بشكل بسيط معنى الثقافة والمثقف

المتعلم هو الذي حصل على شهادة تثبت أنه يقرأ ويكتب، وقد يكون حاصلا على شهادة جامعية ولا يعني مطلقا أنه مثقف بل متعلم.. أما المثقف، هو الشخص الذي لديه من الإدراك والإطلاع مايكفي لفهم محيطه، ويستطيع تحليل معطيات الواقع للوصول إلى نتائج سليمة، وقد يكون المثقف متعلما، وقد يكون ممن لم ينل حظا وافرا من التعليم.إنَّ الشخص المثقف يحترم الآخرين وطرائق تفكيرهم، وتصرفاتهم، حتى لو كانت أفكاره وآراؤه مختلفةً عنهم، ويتصف بالمرونة وتقبُّل الأشخاص الآخرين وطبيعتهم، كما أنَّه يتميز باللطافة والتسامح مع الآخرين حتى لو كانوا مصدر إزعاج بالنسبة إليه

 

الثقافة هي قيمة إنسانية عليا ومجموعة من العلوم والخبرات والتربية والآداب والمعتقدات، يعتنقها الإنسان وتحدد مسار حياته وطريقة لبسه وأكله وبيته وكلامه وعمله، فهي عنصر مهم في عملية بناء الحضارات وتقدمها.

 

والمثقف هو الإنسان المهذَّب المستنير مستقل الفكر، الذي يعمل ليرتقي دائما بعاداته وإنجازاته وتواصله، ومطلع على مجموعة من العلوم والمعلومات، وله تفاعل ورأي منطقي بكل ما يدور حوله، ويشارك بكل بناء مجتمعي وثقافي وحضاري لمجتمعه وأمته.

 

وهناك دور مهم للمثقف، وهو تقديم الأفكار والحلول المختلفة لكل الصعاب، ومن أجل المجتمع وحرياته واستقلاله وتقدمه، فالحضارة لا تقوم على الجهلاء، وإنما على المثقفين والأذكياء، وذلك بنقل التجارب الناجحة للناس ودفعهم الى العمل بها وفق ظروفهم.

 

ومن أدوار المثقف المختلفة والمحاولات المختلفة بكل الأدوات التي يملكها كتابة ندوات، مقابلات، ورش عمل ثقافية، وغيرها، وطرح أسئلة كثيرة على الناس، وتحليل الإجابات المختلفة، لتدريب عقولهم على التفكير والعمل الإيجابي، وعدم الاستكانة للظروف والأمر الواقع، ويستطيع المثقف أن يحرك المجتمع لصد أي أطروحات خطأ ومؤذية للمجتمع وثوابته، مثل فرز المجتمع عنصرياً وطائفياً، والدفاع عن المال العام أو الرضوخ للدكتاتوريات والظلم لبني البشر، ولدينا نحن المسلمون نمط اخر من الثقافة نطلق عليه المثقف الرسالي ، بمعنى انه يستمد افكاره وسلوكياته واعماله المختلفة وفق ما يطلبه الشرع الالهي ، اي انه يمتثل لأوامر الله في كل حركة وسكنة ، وليس صحيحا ان نعمم اي صفة من شخصية اسلامية على انها فشل رسالي ،لنأخذ مثلا مقولة ( بأسم الدين باكونه الحراميه ) هذا ليس صحيحا لأن السارق هو لم يكن مسلما ولامؤمنا وان تظاهر بمظهر الملتزم ، لان التزام الدين يعني ان يكون المؤمن مطبقا لشرع الله متصفا بصفات وملكات واقعية ،من عدل وصدق ، وعفة يد ، وعفة لسان ويخاف الله بصدق ، فالذين سرقوا لاينبغي لنا ان نعمم سلوكهم على الجميع مهما كانوا كبارا بنظر البعض ( كل نفس بما كسبت رهينة ) فأذا سرق او اجرم شخص معين لاينبغي ان نحكم على كل منطقته وعشيرته وحزبه بالسارقين !

اذن الثقافة الرسالية تنتهج الواقعية و تعني انسجام الفرد عمله مع معتقداتهً! وعلينا ان نتعلم ان نسمي الامور بمسمياتها وان نتفكر بالذي نسمعه سواء صدر من شخص او اذاعة او فضائية او نشر في ايقونة تواصل اجتماعي ، لانه لايمكن ان نصدق كل الذي نسمعه والمثقف والواعي هو الذي يتأكد قبل ان يحكم على اي حالة ،فأذا سادت الاكاذيب وصدقنا بكل مانسمع عندها سنساهم في القضاء على هويتنا ومجتمعنا ونظامنا السياسي ! فالاعداء لم يتركوا لنا مقدسا الا واثاروا حوله الشكوك يعينهم على ذلك اعداء الداخل والخارج والجهلاء وانصاف المثقفين الذين يصورون للناس انهم يعلمون كل شيء وهمً فارغون من اي وعي نافع ، فأن تكون مثقفا فكن انسانا لان الانسانية تعني الفطرة النظيفة التي فطر الله الناس عليها .

شاهد أيضاً

نحن ومعركة (الصبر) مع العدو الصهيوني..!

محمود الهاشمي ||

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *