وارع الموت في غزة..!

أمين السكافي (لبنان-صيدا) ||

حينما دخل العدو الإسرائيلي مناطق غزة، ألم يخطر بباله أن في شوارعها موت وفي بيوتها فناء وفي حاراتها قتل ودمار؟ إن كانوا لا يدركون ذلك، فتلك مصيبة. وإن كانوا لا يزالون يتذكرون ما حصل لهم في لبنان، بدءاً من العاصمة بيروت، من حرب استنزاف أدمتهم وقضت على جبروتهم. كما جاء في القرآن الكريم: “وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ” {الحج:31}.

 

لقد جعلتهم هذه الحرب يتقهقرون الهوينا حتى خرجوا من بيروت وصولاً إلى صيدا، ولا يزال النزف مستمراً في صفوف ضباطهم وجنودهم. ثم وصلوا إلى ما عُرف بالشريط الحدودي، حيث كانت حياتهم في مواقعهم ودشمهم بلا أمن ولا أمان. كانوا لا يدركون أسيأتي عليهم المساء أو سيستطيعون مشاهدة إنبلاج الفجر، خوفاً وترقبا من ضربات المقاومة التي آنست وجودهم برصاصها وقذائفها وصرخات “الله أكبر”.

 

ليختبئوا كالجرذان في أقبية المواقع، والتي رفع على أغلبها، إن لم يكن كلها، راية حزب الله والعلم الأحمر يتوسطه الأرزة الخضراء. هذا على الصعيد اللبناني، فماذا على صعيد مصر؟ عبد الناصر في حرب الاستنزاف التي بدأها بعد الغدر والخديعة التي تعرض لها أصابت مصر في مقتل. لكن المقاومين من مدنيين وعسكريين قاموا بواجبهم على أكمل وجه، كما جاء في القرآن: “يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ” {المؤمنون:17}.

 

لقد أذاق عبد الناصر ورجاله العدو الويلات، وأصبح الهجوم على مواقعهم هو الخبز اليومي لهم. فحيناً كان القتل، وأحياناً كان الأسر للجنود والعودة بهم سباحة أو في زوارق. عدا عن تفجير عدة مواقع كبيرة، حيث تمت ثلاث عمليات عسكرية بحرية ضمن حرب الاستنزاف في أعقاب حرب 1967، نفذتها ضفادع بشرية من البحرية المصرية بالتعاون مع المخابرات العامة المصرية لتدمير السفينة “بيت شيفع” وناقلة الجنود “بات يام” والرصيف الحربي لميناء إيلات.

 

كانت لهذه العمليات أهمية أخرى، حيث أعادت الروح المعنوية ليس للقوات المسلحة فقط، بل للمصريين جميعاً. كما تم تفجير الحفار الذي جاء به العدو للتنقيب عن النفط في خليج السويس في 8 مارس 1970، بعد إعداد للعملية استمر عاماً كاملاً. أشرف على هذه العملية مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق، أمين هويدي، بينما ترأس قيادة العملية ضابط المخابرات الشهير محمد نسيم.

 

للأمانة، حرب الاستنزاف كلفت إسرائيل تقريباً ما تكلفته في 6 أكتوبر 1973. نعود إلى المحصلة، هذا الغبي نتنياهو وفريقه من غلانت إلى سموتريتش إلى بن غافير، ألم يدرسوا تاريخ دولتهم المزعومة حتى يتجرأوا على غزة بعد كل ما عانوه في الجنوب اللبناني وعلى خط قناة السويس؟ هل ظنوا أنهم في غزة سيستقبلون بالورد والرياحين أم بأكاليل الموت؟

 

كيف تريدون القضاء على شعب آمن يسعى للدفاع عن حريته وكرامته؟ غزة اليوم هي مقبرة كبيرة للغزاة، فأينما مروا، فكمائن المقاومة تنتظرهم بالترحاب. حيث داسوا، فالعبوات والألغام لهم بالمرصاد. ماذا ظنوا أنهم سيلاقونه في غزة ولم يجدوه عند إخوتهم؟ ليس الغبي من يخطئ، إنما الغبي من يكرر الخطأ. ها هي المقاومة بقدراتها تحاصرهم من جميع الجهات، بإنتظار انسحابهم من غزة مشياً أو محمولين في أكياس الجثث السوداء.

 

 

شاهد أيضاً

شهيدان في الضفة الغربية.. طفل يرتقي في بيت لحم وشاب في جنين

ارتقى شهيدان في الضفة الغربية، اليوم السبت، في ظل تصعيد الاحتلال الصهيوني لعدوانه، بالتزامن مع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *