حزب الله اللبناني ومقاومة المشروع الصهيوني..!

أ.د. جاسم يونس الحريري ||منذ نشأة حزب الله اللبناني اوائل عقد الثمانينات من القرن المنصرم وحتى الوقت الحاضر، كان القضاء على ((إسرائيل)) هدفًا أساسيًا له ويعارض حكومة وسياسات ذلك الكيان المسخ، ويقال إن بيان الحزب الصادر عام 1985 ينص على أن “نضالنا لن ينتهي إلا عندما يتم محو هذا الكيان [إسرائيل]. ونحن لا نعترف بأي معاهدة معه، ولا وقف لإطلاق النار، ولا اتفاقات سلام”.

وخاض الحزب العديد من الصراعات مع ((إسرائيل)) بما في ذلك جنوب لبنان، صراع مزارع شبعا، وحرب لبنان عام 2006. وبعد اندلاع الحرب بين حماس و((إسرائيل)) 7/10/2023 في أعقاب إعلان حزب الله دعمه وإشادته بهجوم حماس على ((إسرائيل)) ((طوفان الاقصى))، والذي شاركت فيه الفصائل الفلسطينية في لبنان على الفور.

وفي 6 أبريل 2023، وبعد اشتباكات الأقصى 2023 التي بدآت اقتحام الجيش الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى في القدس، أُطلقت عشرات الصواريخ من لبنان على ((إسرائيل))، مما أدى إلى إصابة ثلاثة مدنيين إسرائيليين. وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض 25 صاروخًا تم إطلاقها،وكانت الهجمات أكبر تصعيد بين الجانبين منذ حرب لبنان عام 2006.

ويعتبر حزب الله من أبرز المناصرين للمقاومة الفلسطينية وقضيّتها، وقام الحزب في اليوم التالي بقصف مزارع شبعا المحتلة كتضامن وإسناد للفلسطينيين.ففي صباح يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول2023، أطلق حزب الله صواريخ وقذائف على مواقع في منطقة مزارع شبعا حيث إستهدفت مواقع الرادار زبدين ورويسات العلم. رداً على ذلك، أطلق الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعية وطائرة بدون طيار على جنوب لبنان.

ويصرّح مسؤولو الحزب أن هدف هذه الضربات منذ الثامن من أكتوبر2023، كان ردع ((إسرائيل)) عن القيام بأي عمل عدائي تجاه لبنان (إضافةً إلى إسناد غزة)، إذ إن التحفز الإسرائيلي كان على أشده بعد نكسة السابع من أكتوبر2023. وتأتي عمليات حزب الله في سياق معركة ((طوفان الأقصى))البطولية، الذي بدأته فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وساهمت فيه كل من المقاومة الاسلامية العراقية باستهداف القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، واستهداف الداخل الإسرائيلي أحياناً،

وجماعة أنصار الله اليمنية بقصف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر واستهداف إيلات مرات عدة. و في 11 أكتوبر2023، أطلق حزب الله صواريخ مضادة للدبابات على موقع للجيش الإسرائيلي. ورداً على ذلك، قصف الجيش الإسرائيلي المنطقة التي وقع فيها الهجوم. واستقبل المستشفى اللبناني الإيطالي في صور ثلاثة مدنيين مصابين.وأمر الجيش الإسرائيلي سكان شمال ((إسرائيل)) بالبحث عن مأوى بعد ورود أنباء عن إطلاق طائرات بدون طيار من جنوب لبنان.

وفي 15 أكتوبر2023، أطلق حزب الله خمسة صواريخ مضادة للدبابات باتجاه شمال ((إسرائيل)). وقُتل الملازم ((أميتاي غرانوت))، قائد الكتيبة 75 من لواء الجولان التابع للجيش الإسرائيلي وابن الحاخام((تامير غرانوت))، في هجوم صاروخي على موقع للجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان. وأعاد نشر حزب الله مشاهد استطلاع جوي -لمناطق (شمال إسرائيل) وميناء حيفا تحت عنوان “تحت عنوان هذا ما رجع به الهدهد”في منتصف شهر يونيو2024.

ونشر الصحافي الاسرائيلي(( ليئور بن آري)) في صحيفة ((يديعوت أحرونوت)) الإسرائيلية، تعليقا على ذلك إذ يرى أن”الغرض من النشر هو الردع والإيحاء بأنه إذا بدأت إسرائيل الحرب فإن حزب الله سوف يوقع ضررا عسكريا واقتصاديا بها إذا تجرأت على مهاجمة لبنان”.وإذا كانت ((إسرائيل)) تعتقد أنها رسخت مفهوم “الردع النسبي” مع حزب الله وفقا لرئيس الأركان الإسرائيلي ((هرتسي هليفي))، فقد تخطى الحزب اللبناني ذلك، ووجه رسالة ((لإسرائيل)) وفق ما قالته مصادر مقربة من حزب الله ((إن بنك الأهداف بات واضحا وجاهزا، خصوصا أن ما نشر-وفقا لتلك المصادر-هو جزء يسير مما لدى الحزب من مقاطع وصور للمنطقة المذكورة)).

كما تظهر تلك المشاهد فشل تقييم ((هاليفي)) الذي قدمه في مؤتمر ((هرتسيليا)) المعنون بـ “الإستراتيجية والتخطيط في عصر عدم الوضوح” وفي مايو/ أيار2023، فالحزب اللبناني لم يعد “مردوعا عن حرب شاملة” كما قال هاليفي. وتهاوت نظرية الردع الإسرائيلية على الجبهة الفلسطينية منذ اقتحام مخيم جنين يوليو/تموز 2023، فاستنادا لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي ((بنيامين نتنياهو)) ومسؤولين آخرين، فإن من بين أهداف اقتحام مخيم جنين “استعادة معادلة الردع”.ويعزو رئيس الأركان الإسرائيلي الارتفاع بوتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية إلى ظهور “جيل شاب غير مردوع، لم يعايش حملة السور الواقي سنة 2002” وفق ما ذكره في مؤتمر هرتسيليا للأمن قبل 5 أشهر من طوفان الأقصى.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جاءت معركة طوفان الأقصى لتشكل ضربة مؤلمة لنظرية الردع وإلى كافة النظريات الأمنية التي سعت ((إسرائيل)) إلى صياغتها منذ إنشائها قبل أكثر من 76 عاما.ويمكن إدراك ذلك من خلال ما قدمه هاليفي في مؤتمر هرتسيليا، إذ اعتبر حينها أن ((إسرائيل)) تدير الأمور ضمن مثلث إستراتيجي زاويته العليا المركزية “الردع والجاهزية” وزاويتا قاعدة المثلث هما منع تعاظم القوة العسكرية لفصائل المقاومة، وضمان استمرار المجهود الإنساني المدني “الذي يساعد في استقرار غزة مردوعة”.من جانب أخر قال معهد “علما” البحثي في ((إسرائيل))،

يوم الاثنين الموافق2/9/2024، إن شهر أغسطس/ آب الماضي شهد 281 هجوما من “حزب الله” على شمال ((إسرائيل))، ما أسفر عن مقتل 3 وإصابة 30 آخرين.جاء ذلك بحسب بيانات المعهد، وهو متخصص في رصد التحديات الأمنية التي تواجهها ((إسرائيل)) في الشمال، نقلتها صحيفة “معاريف” العبرية.وبحسب المعهد، “نفذ حزب الله وتنظيمات أخرى (لم يذكرها) خلال شهر أغسطس 281 هجوما على الحدود الشمالية، بواقع 9 هجمات يوميا، مقارنة بـ 259 هجوما تم تنفيذها في يوليو/ تموز 2024، حيث بلغ المتوسط وقتها 8.3 هجوما يوميا”.

وأضاف المعهد: “في شهر أغسطس، قُتل ثلاثة إسرائيليين وأصيب 30 آخرون نتيجة لتلك الهجمات على الحدود الشمالية”.وفي ذلك اليوم، أعلن “حزب الله” إطلاق 320 صاروخا تجاه مواقع عسكرية إسرائيلية ضمن المرحلة الأولى من الرد على اغتيال تل أبيب للقيادي فيه فؤاد شكر.

بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
[email protected]

شاهد أيضاً

حزب الله : العقاب على العدوان الإلكتروني على لبنان آتٍ حتماً

أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أنّ العدوان الإلكتروني الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *