كيف تؤثر أسماؤنا على ملامحنا مع تقدم العمر؟

كشفت دراسة حديثة عن ارتباط بين أسمائنا عند الولادة وكيفية تطور ملامح وجوهنا مع تقدم العمر.

ووفقًا للدراسة، التي نشرها موقع PsyPost، غالبًا ما يبدأ البالغون في التشابه مع الصور النمطية المرتبطة بأسمائهم، مما يمكن الناس من مطابقة الوجه مع الاسم بدقة أكبر من مجرد الصدفة. لكن هذا الظاهرة لا تنطبق على الأطفال، مما يشير إلى أن التوافق بين الأسماء وملامح الوجه يتطور بمرور الوقت.

“نبوءات ذاتية التحقيق”

وتستند هذه الدراسة إلى مفهوم أوسع يُعرف بـ “النبوءات ذاتية التحقيق”، والذي يشير إلى أن التوقعات الاجتماعية حول كيفية ظهور الشخص الذي يحمل اسمًا معينًا قد تؤثر بشكل غير واعٍ على ملامحه الجسدية مع مرور الوقت.

 

وأوضح الدكتور يونات زويبنر، مؤلف الدراسة الرئيسي، قائلاً: “نحن نعلم أن الأسماء تحمل صورًا نمطية. على سبيل المثال، قد يرتبط الناس باسم ‘كاثرين’ بالنجاح أو ‘بوب’ بوجه دائري. ومع مرور الوقت، قد يبدأ الأفراد في تجسيد هذه الصور النمطية حتى في ملامحهم الجسدية“.

 

وللتحقيق في هذه الفرضية المثيرة، قام الباحثون بإجراء سلسلة من خمس دراسات جمعت بين اختبارات الإدراك البشري وتقنيات التعلم الآلي المتقدمة. وركزت الدراستان الأوليتان على ما إذا كان بإمكان الناس مطابقة الأسماء مع الوجوه بدقة أكبر من مجرد الصدفة.

 

وفي هذه الدراسات، عُرِضَت صور لوجوه غير مألوفة للمشاركين من البالغين والأطفال، وكل صورة كانت مرفقة بقائمة تضم أربعة أسماء محتملة. وطُلب من المشاركين اختيار الاسم الذي يعتقدون أنه يناسب الوجه.

 

ووجد الباحثون أن المشاركين كانوا أكثر دقة في مطابقة الأسماء مع وجوه البالغين مقارنة بوجوه الأطفال، مما يشير إلى أن ملامح الوجه المرتبطة بالأسماء تصبح أكثر وضوحًا مع تقدم العمر.

 

ولضمان موثوقية هذه النتائج، أجريت دراسة ثانية على مجموعة مختلفة من المشاركين، وكانت النتائج مشابهة لتلك التي تم التوصل إليها في الدراسة الأولى، مما عزز من فكرة أن توافق الوجه مع الاسم يتطور مع مرور الوقت.

 

واستنتج الباحثون أنه بينما لا يُظهر الأطفال عادة ملامح وجه مرتبطة بشكل قوي بأسمائهم، فإن البالغين يفعلون ذلك، مما يشير إلى أن الناس قد “يكتسبون” ملامح تتماشى مع أسمائهم بمرور الوقت.

 

في الدراسة الثالثة، استخدم الباحثون التعلم الآلي لاستكشاف التشابهات في ملامح الوجه بين الأشخاص الذين يحملون الاسم نفسه. وقد استخدموا شبكة عصبية متقدمة لتحليل مجموعة كبيرة من صور الوجوه، حيث كشفت النتائج أن البالغين الذين يحملون الاسم نفسه لديهم ملامح وجه أكثر تشابهًا مقارنةً بأولئك الذين يحملون أسماء مختلفة، مما يعزز من مفهوم توافق الوجه مع الاسم.

 

أما في المرحلة الرابعة من الدراسة، فاُسْتُخْدِمَت شبكات توليد الخصوم (GANs) لتقدم وجوه الأطفال رقميًا بهدف إنشاء “بالغين اصطناعيين”. وكان الهدف هو معرفة ما إذا كانت هذه الوجوه التي تقدمت رقميًا ستظهر التأثير نفسه في مطابقة الأسماء مع الوجوه كما يحدث مع الوجوه البالغة الحقيقية.

 

وقد طلب من المشاركين مطابقة الأسماء مع مجموعة من الوجوه الحقيقية للبالغين ووجوه الأطفال المتقدمة رقميًا. وبينما كان المشاركون قادرين على مطابقة الأسماء مع الوجوه البالغة الحقيقية بدقة أكبر، انخفضت دقتهم بشكل كبير عندما تعلق الأمر بالوجوه المتقدمة رقميًا. وخلصت النتائج إلى أن التقدم الرقمي للوجه لا يُنتج التوافق نفسه بين الوجه والاسم الذي يلاحظه المرء في البالغين الحقيقيين.

 

 

واستخدمت الدراسة الخامسة والنهائية تقنيات التعلم الآلي نفسها لتحليل الوجوه المتقدمة رقميًا. ووجدت النتائج أن التشابه بين الوجوه المتقدمة رقميًا ووجوه البالغين الحقيقية التي تحمل الاسم نفسه كان ضئيلًا، مما يشير إلى أن توافق الاسم مع الوجه الذي نلاحظه لدى البالغين الحقيقيين قد يكون نتيجة للتفاعلات الاجتماعية والعوامل البيئية بمرور الوقت، وليس مجرد نتيجة للتقدم البيولوجي.

 

ويقترح الباحثون أن هذا التأثير قد يتأثر بشكل مباشر من خلال اختيارات شخصية مثل تسريحة الشعر أو النظارات أو المكياج، وأيضًا بشكل غير مباشر من خلال التجارب الحياتية التي تترك علامات جسدية، مثل التجاعيد الناتجة عن الابتسامة المتكررة. وأضاف زويبنر: “تشير نتائجنا إلى أن الأسماء، تمامًا مثل الجنس، يمكن أن يكون لها تأثير اجتماعي كبير على تجارب الشخص؛ وبالتالي على مظهره الجسدي“.

 

وأثارت نتائج هذه الدراسة اهتمامًا واسعًا ونقاشًا حيويًا، إذ بدأ الكثيرون في التفكير في كيفية تأثير أسمائهم على مظهرهم. وسواء وافق المرء على فكرة توافق الوجه مع الاسم بالكامل أم لا، فإن هذه الدراسة تؤكد على الدور القوي الذي يمكن أن تلعبه التوقعات الاجتماعية والهوية في تشكيل من نصبح.

شاهد أيضاً

حزب الله : العقاب على العدوان الإلكتروني على لبنان آتٍ حتماً

أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أنّ العدوان الإلكتروني الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *